يلقي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الثلاثاء المقبل خطابا أمام الكونجرس الأمريكي من شأنه أن ينسف العلاقات الهشة أساسا مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما وأن يشكل تحديا للروابط بين البلدين. ومنذ وصول أوباما ونتنياهو إلى السلطة في 2009 والعلاقات بينهما متوترة بسبب الخلافات حول بناء المستوطنات وعملية السلام المتوقفة في الشرق الأوسط. لكن نتنياهو سيلقي بدعوة من الجمهوريين خطابا أمام الكونجرس الأمريكي الثلاثاء يطالب فيه بمعارضة سياسة يعتبرها البيت الأبيض أساسية للأمن الوطني الأمريكي. ويرى نتنياهو، أن الاتفاق الذي بات في المراحل الأخيرة من المفاوضات سيجيز لإيران ضمنيا أن تطور سلاحا نوويا بعد انتهائه بحلول عقد من الزمن. وفيما يمكن أن تشكل إيران تهديدا لأمن اسرائيل في حال حصولها على السلاح النووي أو أن يؤدي ذلك إلى انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، إلا أن نسف الاتفاق قد يشكل نكسة لرئيس أمريكي سيصبح رئيسا سابقا بعد عامين فقط. وصرح نتنياهو قبل أن يغادر متوجها إلى واشنطن "أحترم البيت الأبيض والرئيس الأمريكي لكن عندما يتعلق الأمر بمسائل جدية، من واجبي أن أقوم بكل ما يلزم لضمان أمن اسرائيل". ويرى دبلوماسيون أن أوباما يمكن أن يتوصل إلى اتفاق وتطبيق القسم الأكبر منه من دون الكونجرس، إلا أن النواب الذين يريدون إبراز علاقاتهم مع اسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية في 2016 يمكن أن يطرحوا عراقيل عدة. إذ يمكن أن يؤدي رفضهم لرفع بعض العقوبات أو حتى فرض عقوبات جديدة، أن يحمل إيران على العدول عن توقيع اتفاق. وإزاء ما يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية الأمريكية من قبل نتنياهو، رد البيت الأبيض بقوة إلى حد زعزعة دعمه لنتنياهو المرشح في انتخابات 17 مارس المقبل. واعتبرت مستشارة الأمن القومي الأمريكي، سوزان رايس، أن إلقاء نتنياهو خطابه أمام الكونجرس بدون الحصول على موافقة مسبقة من البيت الأبيض سيترك "أثرا مدمرا" على العلاقات الأمريكية-الاسرائيلية. ورفض أوباما لقاء نتنياهو عندما يزور واشنطن كما تعهد ديموقراطيون معتدلون بعدم حضور كلمته أمام الكونجرس. ولن يكون نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن أو وزير الخارجية جون كيري في البلاد خلال زيارة نتنياهو. واعتبر ارون ديفيد ميلر، المستشار السابق لوزراء خارجية جمهوريين وديموقراطيين سابقين أنهم "يحاولون توجيه رسالة لا لبس فيها قبل الانتخابات بأنه ليس مرشحهم". وأضاف "لا يمكنهم أن يقولوا ذلك وسينفون الأمر لكن من الواضح أنهم يريدون أن يرحل". ولم يتبين بعد ما إذا كان ذلك سيجعل نتنياهو يبدو في موقع معزول أو حازم في نظر الناخبين الاسرائيليين، إلا أنه يحافظ على مكانة قوية في استطلاعات الرأي. وبما أن إعادة انتخاب نتنياهو تبدو مرجحة، فإن المجموعات المؤيدة لاسرائيل في واشنطن تريد أن تتفادي أن يتحول الخلاف بين أوباما ونتنياهو إلى شقاق استراتيجي بين البلدين. وقال جيريمي بن عامي، رئيس ومؤسس مجموعة جاي ستريت للضغط (يسار) "بالنظر من بعد، يتبين أن هناك تحالفا استراتيجيا حول الأهداف، بينما الخلاف هو بين الحزبين الحاكمين". لكن وفي حال فوز نتنياهو في الانتخابات فإن بن عامي يتوقع أن يفكر في عمل عسكري أحادي الجانب ضد إيران حتى لو تم التوصل إلى اتفاق حول برنامجها النووي مما يمكن أن يشكل تحديا كبيرا للعلاقات بين الولاياتالمتحدة واسرائيل. وصرح بن عامي لوكالة فرانس برس أن "نتنياهو يلعب بالنار من خلال تأجيجه الخلاف إلى هذا الحد". وتابع أن "ذلك يمكن أن يضر على المدى الطويل بالإجماع بين الجمهوريين والديموقراطيين حول الدعم الأمريكي الأساسي وهذه مجازفة لا يريد القادة في اسرائيل أن يقوموا بها".