أفادت توصيات ورشة عمل «التأثيرات البيئية لمشروع تطوير قناة السويس» التي نظمها المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد السمكية التابع لوزارة البحث العلمي، بأن "مشروع تطوير القناة له أهمية بالغة حيث سيؤدي لانخفاض زمن العبور في القناة، وبالتالي انخفاض الوقود المستهلك وهو مايساعد في حل أزمة الطاقة". وأضافت التوصيات، أن "كمية الانبعاثات الغازية التي تؤثر علي المناخ سوف تقل بنسبة كبيرة سنويًا نتيجة لزيادة عدد السفن التي يمكنها استخدام القناة بعد التطوير والتي سوف يقلل المسافة التي تقطعها تلك السفن بسبب الملاحة حول رأس الرجاء الصالح"، لافتة إلى أن "المشروع الحالي لم ينشأ مجرى جديد إنما هو تطوير لمشروع قائم بالفعل، حيث تم إنشاء قناة السويس بإرادة دولية منذ عام 1869 كما أن الأسرة الدولية ساعدت مصر في عملية التطهير والتوسعة والتعميق التي جرت بعد حرب 1973". كما ناقشت الورشة قضية انتقال الأنواع المهاجرة بين بيئات البحر الأحمر والمتوسط خلال قناة السويس ودراسة الآثار البيئية المحتملة عن تطوير المجري الملاحي وتحديد وتنفيذ أفضل السبل في التعامل مع التأثيرات البيئية المحتملة الناتجة عن توسعة المجري الملاحي للقناة وإعداد خطة بيئية متكاملة لبرامج الرصد البيئي في قناة السويس يهدف لدراسة تأثير انتقال الأنواع البحرية بين البحرين الأحمر والمتوسط. وأوضح الخبراء ممن حضروا الورشة، أن "التغيرات المناخية ساهمت بشكل كبير في سرعة انتقال الأنواع المهاجرة نظرًا لأنها ستؤدي إلي ارتفاع في درجة حرارة المياه والمزيد من الارتفاع في مستوي سطح البحر، وهو ما سيؤدي إلي تغير في البيئة الساحلية وتأثيراتها علي الكائنات البحرية". وقال الخبراء، إن "الإسراع في الحكم علي الكائنات المهاجرة بدون إجراء أي دراسات كافية قد أثبت عدم جديته كما أنه من الصعب الحكم علي الأنواع المهاجرة تطرد الأنواع الأصيلة من أماكن تواجدها إلي أعماق مختلفة لعدم وجود دراسات سابقة تكشف عن تواجد الكائنات الأصيلة في هذه للبيئات قبل حدوث الهجرة أم لم يتواجد، كما أن احتمالات الهجرة وتوقيتها بالنسبة لأي كائن ونجاح كائن محدد في الهجرة، بينما لم ينجح كائن آخر من نفس العائلة بالإضافة إلي الزمن اللازم للهجرة"، مؤكدين أن "جميع العلماء اتفقوا أن كل تلك التساؤلات لا يستطيع أحد الرد عليها والجزم بها بدون دراسات كافية". وأضافوا أن "احتمالات امتداد التأثير إلي المنطقة ككل ضعيف حيث إنه بمراجعة العديد من الأبحاث المنشورة يتبين أن الكائنات المهاجرة إلي البحر المتوسط تتواجد في منطقتين هما الجنوب الشرقي المتأثر نسبيا بالهجرة من خلال قناة السويس ومنطقتي الشمال والغرب المتأثرتين بالهجرة الناتجة عن الاستزراع السمكي ومياه الاتزان من السفن (مياه الصابورة التي تحملها السفن والتي قد تحتوي علي كائنات منقولة من بيئتها الأصلية) والهجرة من المحيط الأطلنطي عبر مضيق جبل طارق، لذلك لا يوجد احتمال أن يمتد تأثير المشروع إلي المنطقة كلها". وأشاروا إلى أن "عدد الأنواع التي غزت البحر المتوسط من البحر الأحمر وسببت ضررًا لمناطق قليلة جدًا إذا ما قورنت بالأنواع الأخري التي غزت واستقرت وكان لها فوائد اقتصادية، كما أنه لا يوجد دليل واحد واضح علي أن أحدا من الأنواع التي هاجرت من البحر الأحمر للمتوسط قد سببت ضررًا اقتصاديًا مباشرًا علي أي من دول شرق المتوسط"، منوهين بأن "ما يقال عن انتشار قناديل البحر في المتوسط قادمة من البحر الأحمر ليس له دليل علمي قاطع". كما أوضح الخبراء بالورشة، أن "الحراك البيولوجي ليس بالضرورة ضار فالكثير من الأسماك التي هاجرت من البحر الأحمر إلي المتوسط لها قيمة اقتصادية كبيرة ويتم الصيد منها بكميات كبيرة تمثل عائد اقتصادي كبير للسكان وهو عامل لا يمكن إنكاره، وعلي سبيل المثال سمك الأسكومري المخطط والذي زادت كمية الصيد منها من 550 طن عام 2000 أي 1500 طن عام 2007،كما زادت كمية أسماك البطاطا من 600 طن سنويا إلي 1146 طن". وقدم الباحثون مقترح لمشروع قومي لمتابعة مراقبة الأنواع المهاجرة وتحديد أفضل الطرق للحد من الأنواع المهاجرة، مطالبين بأن "تتم دراسات التقييم البيئي الخاصة بمشروعات التنمية وفقا لأولويات تنفيذ هذه المشروعات"، مثمنين قيام هيئة قناة السويس بتكليف مكتب استشاري عالمي للقيام بالتقييم الاستراتيجي للمشروع.