• قطر حجر أساس الاستقرار في بحر الاضطرابات ونتفق مع أمريكا في أن الحل العسكري لا يكفي لهزيمة الإرهاب • معالجة أسباب الإرهاب الجذرية تتطلب شجاعة القادة ومحاسبة الطغاة • الرصاص والقنابل وحدهم لن ينتصروا في الحرب على الإرهاب قال أمير قطر، تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، إن "الشرق الأوسط يواجه أوقات محفوفة بالمخاطر، والعنف المستمر في سورياوالعراق انضم إليه الآن أزمات في ليبيا واليمن، بينما يستمر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بلا توقف". وأضاف بن خليفة آل ثاني، في مقال على صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أن "الوضع سيتدهور أكثر إذا لم تسع دول العالم المحبة للسلام للعمل سريعًا من أجل كبح جماح قوى عدم الاستقرار والعنف". وأشار الأمير القطري إلى أنه "عندما يلتقي الرئيس الأمريكي باراك أوباما، يوم الثلاثاء، في واشنطن، كجزء من زيارة رسمية إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، ستكون رسالته واضحة، وهي: يجب العمل معًا لسحب الشرق الأوسط من حافة الانهيار. هذا سوف يتطلب التزامًا جريئًا يستند على طويلة الأجل للعدالة والأمن والسلام لجميع الشعوب في المنطقة. ونحن في قطر مستعدون للقيام بكل ما يلزم للمساعدة في تحقيق هذه الرؤية". وتابع: "تحقيقًا لهذه الغاية، ستقدم علاقاتنا الثنائية القوية أساسًا متينًا للتعاون بين الولاياتالمتحدةوقطر، في كل من المنطقة والخارج. في الواقع، إن شراكاتنا الاستراتيجية تعمقت في السنوات الأخيرة، على الرغم من الاضطراب الإقليمي. على الرغم من أن قطر كانت حجر أساس الاستقرار في بحر الاضطرابات، إلا أنها جزء لا يتجزأ من المنطقة، وتهتم بقوة بشأن رفاهيته". ولفت تميم بن حمد بن خليفة إلى "مشاركة قطر في التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد الإرهاب، واتحادها مع شركائها في الخليج لمكافحة التطرف العنيف في جميع أشكاله"، قائلا:"وتماشيًا مع دورنا كوسطاء بين الخصوم الإقليمين، كنا نشطاء في الجهود الدبلوماسية لحل الصراعات الطويلة في الأماكن التي تعاني من النزاعات مثل السودان ولبنان واليمن. قطر اتفقت منذ فترة طويلة على رؤية أوباما التي أوضحتها في تصريحاته الأخيرة عن التحديات التي يفرضها التهديد الإرهابي، والذي قال فيها إن الحلول العسكرية لا تكفي لهزيمة الإرهاب ومواجهة التحديات الاستراتيجية الهائلة التي تواجه الشرق الأوسط والعالم". وأشار الأمير إلى "معرفته أن الكثيرين في الغرب ينظرون للتهديد الإرهابي ويقولون إن المشكلة هي الإسلام، ولكن كمسلم، يمكن أن أخبركم أن المشكلة ليست الإسلام، وإنما اليأس. المشكلة تكمن في اليأس المتفشي في معسكرات اللاجئين السوريين والفلسطينيين، والمدن والقرى التي أنهكتها الحرب في سورياوالعراق واليمن وليبيا وغزة. اليأس الذي نراه في الأحياء الفقيرة في مدن أوروبا الكبيرة، وحتى في الولاياتالمتحدة. إنه اليأس الذي لا يعرف أي دولة أو دين، الذي نحتاج مواجهته لوقف موجة الإرهاب. ذلك لا يبرر الإرهاب". واستطرد: "قطر كانت حازمة في إدانتها الأعمال الوحشية التي ترتكبها تلك الجماعات المتطرفة، وثابتة في دعمها المجموعة الكاملة لمبادرات مكافحة الإرهاب الإقليمية والدولية، ولكن الرصاص والقنابل وحدهم لن ينتصروا في الحرب على الإرهاب". ورأى الأمير القطري، أن "معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب سوف يتطلب نهج أكثر عمقًا وأطول أجلًا وأكثر استراتيجية للمشكلة، وسيتطلب امتلاك قادة السياسة الشجاعة للتفاوض بشأن حلول للنزاعات الإقليمية التي تتميز بالتعدد والشمولية وتقاسم السلطة، بالإضافة إلى محاسبة الطغاة"، مضيفًا: "للأسف حربنا ضد الإرهاب في بعض الحالات يساعد على المحافظة على الديكتاتوريات الملطخة بالدماء التي ساهمت في زيادته، والمعركة ضد التطرف العنيف سوف تنجح فقط إذا اقتنعت شعوب المنطقة، أننا ملتزمين بإنهاء الحكم الاستبدادي لأمثال بشار الأسد في سوريا، الذي يرتكب إبادة جماعية ضد شعبه". كما أوضح أن "هذه المسؤولية يجب ألا تتحملها الولاياتالمتحدة فقط بل يجب على الدول العربية العمل معًا لخلق حل سياسي لسوريا، ويجب أن نحضر أنفسنا على المدى الطويل لتجنب الفشل الكارثي الذي شهدناه في العراق بعد سقوط صدام حسين في 2003. جهود ما بعد الحرب في سوريا وأي مكان آخر يجب أن تركز على توحيد الشعوب باعتبارهم مواطنين متساويين ضمن الدول ذات السيادة، إلى جانب أهمية تجنب تعميق الانقسامات الطائفية التي أضعفت الحكومات والأوطان وغذت نيران التطرف العنيف، ويجب أن يبدأ بممارسة جهود واعية لمكافحة المحاولات المريبة لتعميق واستغلال الانقسام السني الشيعي لغايات سياسية، ويجب علينا أيضًا إيجاد حلول دبلوماسية للنزاعات التي طال أمدها والتي تعمق عدم الثقة وتغذي الإحباط الذي يولد التطرف". وقال بن خليفة آل ثاني، إنه "يجب إنهاء الاحتلال العسكري المستمر منذ عقود لفلسطين، ويجب إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة، ولكن حصار غزة العام الماضي أوضح أن الوضع الراهن ليس خيارًا، فعلى مدار الثلاث سنوات الماضية، وقف المجتمع الدولي مكتوف الأيدي بينما خسفت سياسات القوة المتهكمة بتوق الشباب في العالم العربي للحرية والعدل والأمن الاقتصادي، ولكن على الرغم من كل التشاؤم الذي ولدته قوى العنف والقمع، سيظل شباب العالم العربي ثابتًا وملتزمًا بإنشاء مستقبل أفضل. إنهم يستمرون في الأمل بوجود شرق أوسط تُحترم فيه الكرامة الإنسانية وأن تكون العدالة حقيقية". واختتم الأمير القطري مقاله، بقوله: "ولكن آمالهم لن تدوم إذا لم نفعل شيئًا، وهو ما يجب فعله، لنستعيد ثقتهم ودعمهم من خلال تجديد إلتزامنا بالقيم التي تظاهروا من أجلها في الربيع العربي".