تبدأ اليوم محاكمة مسئولى شركة الغاز المتسببين فى وفاة شخصين داخل مستشفى النيل بدراوى. تعقد الجلسة برئاسة المستشار سيد الجوهرى رئيس محكمة جنايات القاهرة بالتجمع الخامس. وكان المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام أحال ثلاثة متهمين من المسئولين بالشركتين الموردتين لغاز النيتروز للمحاكمة الجنائية بوصف كل منهما شخصا معنويا وقعت الجريمة من أحد العاملين لديه باسمه ولحسابه وذلك بعد أن توصلت التحقيقات إلى وجود شوائب سامة باسطوانات الغاز الموردة عن طريق شركتين للمستشفى. وترجع وقائع القضية التى باشرها محمد حمزة، رئيس نيابة جنوبالقاهرة الكلية، بإشراف المستشار محمد غراب، المحامى العام الأول، إلى أنه فى شهر أكتوبر 2008 توفى شاب وسيدة وأصيب رجلان بمستشفى النيل بدراوى إثر إجراء عمليات جراحية بسيطة لهم. وتبين أن المتوفى الأول يدعى على حسن عبدالمنعم، 16 سنة، دخل المستشفى لإجراء عملية تثبيت كسر متفتت بعظمة الترقوة اليمنى، والثانية تدعى ليلى مختار يوسف، 44 سنة، قد دخلت المستشفى لإجراء عملية إزالة أورام ليفية بجدار الرحم، وقد تم إجراء العمليتين بنجاح، وأثناء إفاقتهما من المخدر حدثت لهما أعراض فشل تنفسى توفيت على إثرها. وقامت النيابة بمعاينة غرفة الغازات المركزية بالمستشفى وأمرت بالتحفظ على جميع اسطوانات الغازات المستخدمة فى المستشفى، والملفات الطبية للمرضى المجنى عليهم، وسؤال أهلهم والأطباء المعالجين والمسئولين عن شبكة الغازات بالمستشفى والمسئولين عن إنتاج وتوريد الغازات الطبية للمستشفى بالشركة المصرية الخليجية للغازات الصناعية بمدينة 6 أكتوبر المنتجة لغاز أكسيد النيتروز، وشركة حلوان للغازات الصناعية بحلوان المنتجة لغاز الأكسجين. وأكدت التحقيقات أن سبب الوفاة يرجع إلى وجود تلوث فى شبكة الغازات الطبية بالمستشفى والتى تستخدم فى عمليات التخدير. وأمرت النيابة بندب لجنة طبية من وزارة الصحة لفحص ملفات المرضى ومعاينة شبكة الغازات بالمستشفى وغرف العمليات وأجهزة التخدير، لتحديد سبب الوفاة وبيان ما إذا كان هناك إهمال طبى من العاملين بالمستشفى من عدمه. وباشرت اللجنة أعمالها واستعانت بجهات بحثية حكومية، منها المركز القومى للبحوث، والهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة، كما استعانت بخبير أجنبى من معهد الطب الشرعى بالمملكة المتحدة. كما تولت اللجنة معاينة وفحص غرف العمليات وأجهزة التخدير وشبكة الغازات بالمستشفى، وانتقلت لمعاينة المصانع المنتجة للغازات الطبية. وخلصت اللجنة إلى أن سبب الوفاة وجود شوائب سامة باسطوانات غاز أكسيد النيتروز الموردة للمستشفى، والتى تنتجها الشركة المصرية الخليجية للغازات الصناعية، وأن ذلك يرجع إلى قيام الشركة بإعادة تعبئة الأسطوانات بالغاز أكثر من مرة، دون التأكد من تفريغها تماما، ودون إجراء الاختبارات الفنية اللازمة للتأكد من مطابقة الغاز المنتج للمواصفات، مما أدى إلى ترسب الشوائب السامة باسطوانات الغاز، وعند توصيلها بشبكة الغازات بالمستشفى استنشق المرضى تلك الشوائب، مما أدى إلى حدوث الوفاة. وقامت النيابة العامة بانتداب الطبيب الشرعى لتشريح جثتى المجنى عليهما، وتبين التقرير أن وفاة المجنى عليهما بسبب حدوث شدة رئوية وفشل تنفسى لاستنشاقهما شوائب سامة بغاز أكسيد النيتروز المستخدم فى تخديرهما أثناء الجراحة. وكشفت التحقيقات عن عدم وجود إهمال طبى أو إهمال ينسب إلى العاملين بمستشفى النيل بدراوى، وأن المسئولية الجنائية انحصرت فى مخالفة المسئولين بالشركتين المذكورتين لقوانين منع التدليس والغش وحماية المستهلك والعقوبات لإنتاج وتوريد غاز طبى صناعى غير مطابق للمواصفات ومغشوش، وعدم تدوين البيانات الضرورية على العبوات المنتجة والذى نتج عنه وفاة المجنى عليهما.