يحزننى أن يعاد فرض سؤال «هل نحن مؤهلون للحرية؟» على المصريات والمصريين، وأن يعود مفكرون وكتاب وصحفيون إلى مواجهة الرأى العام المصرى بانطباعات وتعميمات ذات مضامين سلبية من شاكلة «نحن عاجزون عن بناء الديمقراطية»، «أغلبيتنا لا تدرك مبادئ وقيم الديمقراطية الأساسية من سيادة قانون وتداول سلطة ومساءلة ومحاسبة»، «إن ذهب الناس إلى صناديق الانتخابات التشريعية واختاروا وفقا لاعتبارات العصبية والقبلية والعائلية والمال الانتخابى، فهم لا يستحقون إلا برلمان مفتت بلا هوية تشريعية أو رقابية ولا أدوار له إلا كالمجالس المحلية»، وغيرها. والمؤكد أن فى إعادة تدوير سؤال أهليتنا للديمقراطية ظلم بين لقطاعات شعبية مختلفة طلبت التغيير والتحول الديمقراطى فى 2011 وعبرت عنه بمفاهيم بليغة هى الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاحتماعية، وتمسك بعضها لطلب التغيير خلال السنوات الماضية على الرغم من انتكاسات وارتدادات متتالية ومن تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية ومجمل الظروف المعيشية، ومازال بعض البعض اليوم فى خانات الربط الإيجابى بين الديمقراطية وبين دفع المواطن والمجتمع والدولة فى مصر إلى الأمام ولم يغادرها لا لتبرير السلطوية ولا تشويه الفكرة الديمقراطية واستحقاقنا إياها، وفى هذه الخانات نفر يعمل كل يوم على استعادة ثقة عموم الناس فى كون التحول الديمقراطى هو الخيار الوحيد للدفاع عن سلم المجتمع الأهلى وتماسك وقوة الدولة الوطنية النابعين من عدلها. الوجهة الحقيقية لسؤال الأهلية للديمقراطية هى للنخب وللمصالح الممثلة داخل منظومة الحكم / السلطة والحاضرة فى المؤسسات والأجهزة التنفيذية والإدارية والمسيطرة اقتصاديا وماليا وإعلاميا، فالنخب والمصالح هذه هى التى أفرغت مسارات التحول الديمقراطى من المضمون وأفشلت السعى إلى التأسيس لسيادة القانون العادل وتداول السلطة والتزام حقوق وحريات الناس والصياغة الديمقراطية للعلاقات المدنية العسكرية ولم ترد أبدا تبلور إطار قانونى وسياسى فعلى للمساءلة والمحاسبة أو تجاوز فساد البيروقراطية. الوجهة الحقيقية لسؤال الأهلية للديمقراطية وللانطباعات والتعميمات السلبية بشأن خطوط الوعى والإدراك لقضايا السياسة والانتخابات هى أيضا للنخب وللمصالح الممثلة داخل منظومة الحكم / السلطة وحلفائها فى المواقع الأخرى، وهم معا أماتوا السياسة ومازالوا يحتفون بإماتتها كنشاط تعددى وسلمى وحر بتغليب النهج والاعتبارات الأمنية على كل ما عداها، وهم معا أنتجوا نظاما للانتخابات التشريعية غير متوازن ويرتب تفتيت البرلمان ويعلى من شأن العصبية والقبلية والعائلية والمال الانتخابى وعوائد الدولة ومنظومة الحكم / السلطة على كل العناصر الأخرى. هنا الوجهة الحقيقية للسؤال، للنخب والمصالح وليس للناس ولا لوعيهم ولا لطلبهم للديمقراطية بمفاهيمهم البليغة الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر. عمر