لأول مرة، نظم الأزهر الشريف بقيادة إمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب مؤتمرا دوليا بحضور قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية حضره مشاركون من مائة وعشرين دولة ومن جميع الأديان والمذاهب والطوائف وأيضا من الشخصيات العامة مصرية وعربية وإذا اختلفت ألوان وأشكال العمائم إلا أن الهدف الذى اجتمعنا حوله فى المؤتمر هو «مواجهة التطرف والإرهاب» فالآن الكل يعى هذا الخطر المشترك والذى يرتدى ثوب الدين والدين منه براء وقد صدر عنه بيان قوى وقوته فى وضوحه ويذكرنا بالأساسيات أعيد قراءة بعض النقاط المهمة. 1 التأكيد على أن المسلمين والمسيحيين فى الشرق هم إخوة، ينتمون معا إلى حضارة واحدة وأمة واحدة وعاشوا معا على مدى قرون عديدة، وهم عازمون على مواصلة العيش معا فى دول وطنية سيدة حرة وان التعرض للمسيحيين ولأهل الأديان والعقائد الأخرى بإصطناع أسباب دينية هو خروج عن صحيح الدين. 2 التهجير جريمة مستنكرة والمناشدة للمسيحيين التجذر فى أوطانهم حتى تزول موجة التطرف ومناشدة دول العالم استبعاد تسهيل الهجرة وهذا التوجه بالذات طالب به الرؤساء الدينيون المسيحيون مرارا وتكرارا حتى لا تحقق قوى التهجير العدوانية ما تريده وهو ضرب دولنا الوطنية وتمزيق مجتمعاتنا الأهلية ويفرغ الشرق من المسيحيين أرض أجدادهم وكذا الأنبياء والسيد المسيح. 3 مطالبة بعض المسئولين فى الغرب وبعض مفكريه وإعلامييه باستثمار هذه الجماعات الخارجة عن الدين لتقديم صور سيئة عن الإسلام وعلى المنصفين منهم تصحيح هذه الصورة الشريرة وهنا أشير إلى أن البابا فرنسيس قبل المؤتمر بيومين أكد أن «القرآن هو كتاب سلام ولا يمكننا أن نساوى بين الإسلام والإرهاب» 4 دعا المؤتمر إلى لقاء حوارى عالمى للتعاون على صناعة السلام وإشاعة العدل فى إطار احترام التعدد العقائدى والمذهبى والاختلاف العنصرى والعمل على إطفاء الحرائق المتعمدة بدلا من إذكائها وهنا أنوه بأن كثيرين من أعضاء المؤتمر قالوا ان إطفاء نار الإرهاب تكون بنار أكبر وهى نار «الإيمان الحقيقى» البعيد عن تحويل الدين إلى إيديولوجية فهذا بحد ذاته وثنية، بل العمل على شرح صحيح الدين الذى هو علاقة بين الإنسان وربه بكل ما فيه من محبة ومسامحة وقبول الآخر مهما كان مختلفا. هذه النقاط السابقة ليست كل التوصيات بل اردت أن أبرزها هنا للتأكيد أن مواجهة التطرف والغلو والتصدى للإرهاب أيا كان مصدره وأيا كانت أهدافه هى مسئولية الجميع وهذا المؤتمر يعد الأول من نوعه من حيث التنوع فكل الأديان والمذاهب حاضرة وعازمة على تحمل المسئولية. هذا وقد عزم الأزهر الشريف على إصدار وثيقة لمواجهة العنف والإرهاب والتطرف لتكون إعلانا عالميا لبيان الحق للناس وللعالم بأسره. المهم ألا نقف عند الوثائق والمؤتمرات بل نتابع معا العمل وأهمية تربية النشء والاهتمام بتكوينه الإنسانى والعلمى حتى لا يغرر به أى أحد.