رئيس جامعة مصر للمعلوماتية يلتقي وفد إعلامي أفريقي..مستعدون لنقل خبراتنا للجامعات الأفريقية    رئيس الوزراء يستعرض جهود تنسيق السياسات المالية والنقدية بين الحكومة والبنك المركزي    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل جدول زيارة الرئيس السيسي خلال القمة المصرية الأوروبية    نائب «ترامب» من إسرائيل: «سأزور الكنيسة التي صُلِبَ بها المسيح.. وأطلب الصلاة من أجل السلام»    فلسطين: إسرائيل دمرت في عامين 90% من مقدرات الزراعة بغزة    الروس يغازلون الرئيس الأمريكى بنفق «ترامب بوتين»    كومباني: مواجهة كلوب بروج صعبة ونسعى لتحقيق الفوز    ضبط سلع غذائية وأعلاف مجهولة المصدر في حملة تموينية بمركز فاقوس في الشرقية    مصرع سيدة على يد طليقها امام مدرسة بالسادات وأمن المنوفية يكثف جهوده لضبط المتهم    رئيس جامعة طنطا يهنئ الدكتورة فتحية الفرارجي بإيداع كتابها بالمكتبة القومية بفرنسا    أشرف عبدالباقي يواصل نشاطه الفني بين الدراما والسينما ويعد الجمهور بمفاجأة جديدة في 2026    محمد رمضان يطلق الإعلان الرسمي لفيلمه الجديد "أسد".. فيديو    يسرا تبكي على المسرح.. ولحظة إنسانية تهزّ مهرجان الجونة    ارتفاع عدد حالات الجدري المائي بين تلاميذ مدرسة بالمنوفية إلى 24 حالة    تودور يعلن قائمة يوفنتوس ضد ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    الأطباء تحذر بعد تحويل أخصائية علاج طبيعي للتحقيق بعد حقنها لحالات بفيلر وبوتوكس    رئيس الوزراء يتابع عددا من ملفات عمل وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة    زوج يرمي زوجته من البلكونة في ببورسعيد بسبب صينية بطاطس    الأنبا توماس يشارك في المؤتمر العاشر للجنة الرعاة والقسوس بمجلس كنائس مصر    «تعازييَّ للشعب الفرنسي».. آخر ما قاله نيكولا ساكوزي قبل دخوله السجن    الصين: القيود الأمريكية على التأشيرات لن تعيق علاقاتنا مع دول أمريكا الوسطى    عاجل من وزارة العمل حول مطالب زيادة الحد الأدنى للأجور    حقيقة منح إجازة رسمية يوم افتتاح المتحف المصري الكبير في نوفمبر 2025    أمينة خليل تكشف موقفها من المشاركة في موسم رمضان 2026 | فيديو    منافسة شرسة بين ريال مدريد وبرشلونة على ضم نجم منتخب المغرب    الدكتور حسام حسني محذرا من تناول حقنة البرد: قاتلة (فيديو)    «التوازن هو أساس الوقاية».. طبيب يوضح أسباب الكحة المتكررة في تغيير الفصول    محمد ثروت ينتهى من بروفة حفله بمهرجان الموسيقى العربية بقيادة علاء عبد السلام    «موسم خناقة السلفيين».. دار الإفتاء تشتبك وتغلق باب الجدل: الاحتفال بموالد الأولياء يوافق الشرع    رمضان عبد المعز: جزاء الإحسان مكفول من الله سبحانه وتعالى    بعد رد أمك.. متحدثة ترامب تنشر رسائل صحفي هاف بوست وتصفه بمتسلل يساري    وفاة شابين صدمهما القطار في الشرقية    "أهمية الحفاظ على المرافق العامة".. ندوة بمجمع إعلام سوهاج    محمد صبحي: عهد الإسماعيلي في وجود يحيي الكومي كان "يستف" الأوراق    وزير المالية: نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادي نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    «العمل»: 285 وظيفة شاغرة بشركة بالسويس (تفاصيل)    طقس السعودية اليوم.. أمطار رعدية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    «بيتشتتوا بسرعة».. 5 أبراج لا تجيد العمل تحت الضغط    بعد فتح الباب للجمعيات الأهلية.. هؤلاء لن يسمح لهم التقدم لأداء مناسك الحج 2026 (تفاصيل)    فرصة عمل شاغرة بجامعة أسيوط (الشروط وآخر موعد للتقديم)    ليست مجرد مشاعر عابرة.. "الإفتاء" توضح موقف الإسلام من محبة أهل البيت    افتتاح المدرسة العربية المتقدمة الخامسة فى الفيزياء الفلكية بمرصد القطامية    طوكيو: تعيين وزير الزراعة السابق وزيرا جديدا للدفاع فى اليابان    الصين تكمل بناء أول مركز بيانات تحت المياه يعمل بطاقة الرياح فى العالم    رسالة شكر من حمزة العيلي بعد أدائه دور ضابط في ذكرى انتصارات حرب أكتوبر    «تعليم البحيرة» تعلن جداول إمتحانات شهر أكتوبر لصفوف النقل    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    الجالية المصرية ببروكسل تستقبل الرئيس السيسي بالأعلام والهتافات    "الابتكار في إعادة تدوير البلاستيك".. ورشة ببيت ثقافة إطسا| صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    851 مليار جنيه إجمالي التمويل الممنوح من الجهات الخاضعة للرقابة المالية خلال 9 أشهر    وزير الصحة: إدخال تقنيات المستشفيات الذكية والجراحة الروبوتية ضمن المنظومة    شون دايش مدربا لنوتنجهام فورست    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    أهلي جدة يحقق فوزًا مهمًا على الغرافة في دوري أبطال آسيا    متى وكيف تقيس سكر الدم للحصول على نتائج دقيقة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديمقراطية يوليو المؤجلة
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 08 - 2014

«تسقط الديمقراطية، تسقط الحرية، يسقط الدستور، تسقط الأحزاب، يسقط الخائن الجاهل السنهورى، يعيش الجيش، يعيش جمال عبدالناصر، الموت للخونة» كانت هذه عينة من الهتافات التى شهدتها المظاهرات المدبرة يوم 29 مارس 1954، والتى انتهت بالاعتداء على الدكتور عبدالرزاق باشا السنهورى رئيس مجلس الدولة حينها داخل مقر المجلس، والذى كان معارضا لعدد من قرارات مجلس الثورة، التى أصدرها الضباط وجاءت مخالفة للقانون مما جعل عبدالناصر يقوم بحل مجلس الدولة وتصفية قضاته.
المستشار السنهورى غنى عن التعريف فهو احد أساطين القانون فى مصر والعالم، وشارك فى وضع دساتير عدة دول عربية، وحصل على عدد 2 دكتوراه فى القانون من فرنسا، وتولى وزارة المعارف خمس سنوات، وله مؤلفات موسوعية أثرت المكتبة القانونية والفكر الإنسانى بشكل عام. لم يشفع له كل ذلك حين قرر عبدالناصر الانقضاض على تجربة التحول الديمقراطى التى أعقبت حركة يوليو ليؤسس لنموذج سلطوى عرف استفتاءات نسب ال99.999%، وأدخل مصر فى مغامرات انتهت بنكسة يونيو واحتلال ثلث مساحة مصر.
لم يكن السنهورى وحده هو الرافض للانقلاب على الديمقراطية الذى تكشفت ملامحه الأولى بانقلاب عبدالناصر على محمد نجيب، بل كشف اجتماع الميس الأخضر الذى واجه فيه ضباط سلاح الفرسان عبدالناصر خطورة ما يفعله هو وأتباعه بمجلس قيادة الثورة على مستقبل البلاد، وقال لهم عبدالناصر بوضوح (الشعب المصرى لم يبلغ بعد مرحلة أن تكون له قدرة على التعامل بالديمقراطية لذلك يجب أن نحكم نحن ) وحين عارضوا ذلك وقالوا له إن قيم الديمقراطية تترسخ بالممارسة والتعلم ولا يمكن أن نفرض الوصاية على أهلنا، كان قراره النهائى أننا أكثر دراية بما يجب فعله وسنفعله، وبالفعل تم عزل محمد نجيب، وبدأت مرحلة الزعيم الملهم التى انتهت بالنهاية التى يعلمها الجميع.
•••
مبررات تأجيل الديمقراطية فى كل عصر ومرحلة تتنوع، ولكنها فى الأغلب واحدة من هؤلاء:
أولا: مواجهة العدو الخارجى وكان شعار (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة) أيام المواجهة مع اسرائيل طريقا للهزيمة والنكسة المهينة.
ثانيا: تحقيق الأمن الداخلى برفع شعار (الأمن قبل الديمقراطية) وكل من رفعوا هذا الشعار لم يحصلوا على الأمن ولا الديمقراطية.
ثالثا: توفير لقمة العيش وتحقيق التنمية (لقمة العيش قبل الحرية) ولم نرَ تجربة لدولة قمعت الديمقراطية وانتهكت حقوق الإنسان ثم استطاعت إطعام شعبها وكفايته بل أغرقته دوما فى الديون التى انتقصت استقلالية قراره وحملت الأجيال الجديدة إرثا بائسا تدفع ثمنه.
رابعا: الادعاء أن الشعب غير ناضج لممارسة الديمقراطية، وأن اختيارات غير المؤهلين للديمقراطية ستكون سيئة ضد مصلحة الوطن.
خامسا: حماية الدولة من السقوط لأن الدول التى حاولت تطبيق الديمقراطية سقطت وتفككت لذلك فلا مجال للديمقراطية، التى ستسقط الدولة.
سادسا: الديمقراطية مؤامرة خارجية، ودعاتها والمطالبون بها عملاء وخونة يريدون تدمير الوطن.
•••
تعددت الذرائع لتأجيل الديمقراطية فى مصر والعالم العربى واستبدالها بأشكال ديكورية منتقصة ومشوهة. وظل هناك من يفرض دوما وصايته على المصريين، وظل أيضا من يروج لهذه الخرافات السابقة من نخب سياسية وفكرية وإعلامية ودينية يتم استخدامهم لتزييف وعى الجماهير وكما يقولون (لا يستطيع المستبد أن يحكم إلا بمساعدة مثقف خائن للحرية ومزيف للوعى).
من العجيب أننا لا نتعلم من أخطاء الماضى ويظهر كل حين مروجون لهذا الإفك يقومون بتسويق هذه المبررات، ومن المذهل أن مظاهرات مارس 1954 كانت مأجورة ومدبرة لكننا اليوم قد نجد أصواتا مشابهة ومطالبات ليست بالضرورة مأجورة وتتبنى هذه الأفكار.
النظام السياسى العربى يبدو أنه قد جند كل إمكاناته لإجهاض أى تحول ديمقراطى كان متوقعا عقب ثورات الربيع العربى، وساعد غباء الإسلاميين وسوء إدراكهم على إهداء الاستبداد فزاعات ومبررات لسحق الديمقراطية ورفع الشعارات السابقة مع عدم إغفال دور بعض النخب المدنية التى انحازت للنظم السلطوية بعد عجزها عن مواجهة الإسلاميين شعبيا وسياسيا لذلك قررت التحالف مع الأنظمة على حساب الديمقراطية.
كل ما أصاب الديمقراطية الناشئة فى بلادنا من انتكاسات سببه الاستبداد والتطرف الدينى، وهما وجهان لعملة واحدة ولا يستطيعان العيش منفردين. الاستبداد يحتاج لخلق العدو وتفزيع الجماهير به، والتطرف الدينى يحتاج الاستبداد لخلق المظلومية التى يصعد بها مشروعه.
لم تكن داعش لتظهر إلا بوجود حاكم طائفى مستبد مثل المالكى فى العراق، وقاتل موتور مثل بشار الأسد فى سوريا، ولم تكن ليبيا لتصل لهذه الأوضاع الكارثية إلا بصنيعة القذافى وتراثه، الذى حرث الأرض للتطرف، ولم تكن الثورة المصرية لتُختطف إلا بسوء حسابات الإسلاميين وطمعهم ونهمهم للسلطة مع استغلال الثورة المضادة لتشتت الثوار لتثبيت أقدامها وإعادة إنتاج نفس المقولات.
المسئولية اليوم كبيرة للغاية على دعاة الديمقراطية تتمثل فى دحض وتفكيك خرافات ترسيخ الاستبداد، وكذلك مواجهة التطرف الدينى المتصاعد والذى هو نتاج الاستبداد وتأجيل الديمقراطية. نحن ندور فى حلقة مفرغة بين المستبدين والمتطرفين ولابد أن نخرج من هذه الثنائية القاتلة لأى حلم بالتقدم والتنمية واللحاق بركب الحضارة الإنسانية.
معركتنا تحتاج إلى النفس الطويل لكن لا بد من خوضها حتى لا يضيع مزيدا من عمر الوطن فى إعادة إنتاج الفشل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.