• عبدالرحمن الأبنودى: نسخ طبق الأصل وكأنها «هموش» والاستثناءات قليلة عشرات الأغانى الوطنية استقبلتها الساحة الغنائية فى مصر خلال السنوات الثلاث الماضية، بعضها حقق نجاحا كبيرا وعلق فى أذهان الجمهور، بينما مر البعض الآخر مرور الكرام، وفى الحالتين تبدو أغلب تلك الأغنيات أشبه بوجبات «تيك أواى»، تسد جوع من يتناولها، لكنها لا تحوى الفوائد الغذائية المطلوبة، ويظل البقاء للأقوى فيما يتعلق بتلك الأغنيات التى ملأت الساحة. • حلمى بكر: أقول لمن هاجم الجسمى أين أنتم من الغناء لبلادكم؟ صلاح الشرنوبى: ما خرج للجمهور على كثرته لا يرقى لتمثيل ثورتى يناير ويونيو الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى يقول ل«الشروق» إنه منذ نجاح ثورتى 25 يناير و30 يونيو انهالت علينا سيول من الأغنيات الوطنية أشبه ب«الهموش»، بمعنى أنك لا تعرف لها شكلا واضحا، وكأنها جميعا صور طبق الأصل من بعضها البعض، من أصوات، وكلمات، وألحان وتوزيع. وأضاف الأبنودى: لم تكن هناك فكرة بارزة، باستثناء تجارب قليلة، مثل أغنيات لعلى الحجار، وآمال ماهر، والمطرب الإماراتى حسين الجسمى، والمطرب الشاب محمد محسن، بجانب بعض الفرق الغنائية مثل كاريوكى، ووسط البلد، وغيرهما من الفرق، ولا شك أن تجربة الغناء فى ميدان التحرير وغيره من الميادين ساهم فى صقل تجارب تلك الفرق، وأشعر بسعادة لنجاح تلك الأغنيات القليلة فى ظل هوجة الأغانى الوطنية الأخرى. واستشهد الشاعر الكبير ببعض التجارب الناجحة، قائلا إن أغنية مثل «تسلم الأيادى» وجدت صدى لدى الجمهور لا يمكن إنكاره، وسرعان ما فرضها الجمهور على الواقع، واستغلها كشعار سياسى فى مقابل إشارة رابعة التى يلوح بها الإخوان، فأصبح هؤلاء يرفعون الأصابع برابعة، والآخرون بأغنية «تسلم الأيادى» التى أصبحت سلاحا يواجه بعقاب لهم. وجاءت أغنية «بشرة خير»، وهى أغنية متألقة مضيئة خفيفة الوزن، تستلهم فكرة الأفراح البلدى، تم وضعها فى شكل إنسانى، ووظفها وطنيا وأكسبها نوعا من الملامح المصرية الخالصة كل من الشاعر الغنائى أيمن بهجت قمر، الذى أعطاها لصوت ليس موجودا الآن فى مصر، وهو حسين الجسمى الذى أبدع فيها واستقبلها الناس بشكل سريع، وبحب، وتفاعلوا معها لدرجة كبيرة، وأيضا الملحن عمرو مصطفى الذى قام بعمل ألحان لها بسيطة شاركت فى نجاحها. وأضاف: بالمناسبة أشعر دائما فى أغانى الجسمى الوطنية لمصر أنه مصرى مولود فى هذا البلد ويعشقه، وأنه أقرب لى من كثير من المطربين المصريين فى الوقت الحالى لصوته وأدائه المتميز، فنحن لم يعد لدينا الكثير من الأصوات الحقيقية، والدليل أننا نعتمد على كل من على الحجار ومحمد الحلو فى المسلسلات الدرامية، وهو ما يعنى أننا نفتقد للأصوات الحقيقية فى مصر، ولكن لدى تساؤلا، هل ستستمر تلك الأغنيات لفترة طويلة أم لا؟ فاستخدام وسائل الإعلام لتلك الأغانى الناجحة يثير القلق لمثل هذه الأغنيات والتى يتم استهلاكها بشكل كبير. وفيما يتعلق بأغنيات الستينيات التى لا تزال موجودة على الساحة حتى اليوم، أوضح أنها قابلة للحياة والدوام والاستمرار، فهى مازالت على قيد الحياة ولم تنطفئ، ويتذكرها الناس حتى الآن، فهذا يجب أن نبحث فيه، أمثال «صورة» لصلاح جاهين، و«أحلف بسماها وبترابها»، و«عدى النهار»، و«يا حبيبتى يا مصر»، فيجب أن نصنع أغانى وطنية ونتحاشى أن نجعلها للمناسبة فقط. من جانبه قال الملحن حلمى بكر: إن الأغانى الوطنية التى عرضت مؤخرا أغلبها كان فى السر، بمعنى أنها لم تلق الصدى المطلوب والمنتظر منها، ويرجع ذلك لكلماتها ومفرداتها الصعبة والثقيلة على المتلقى، وهو الجمهور، مما جعلها كأن لم تكن، بجانب أنه كانت هناك هوجة من الأغانى «عمال على بطال» دون الاهتمام بالأغنية، فالمهم الوجود على الساحة الفنية فقط. وواصل بكر: هناك أغان عبرت عما يشعر به الناس، مثل أغنية « تسلم الأيادى» و«بشرة خير»، اللتين حققتا صدى كبيرا وانتشارا واسعا وتفاعل معهما الجمهور بقوة، بسبب أنها قريبة من الأغانى العاطفية التى تمس الناس، فالناس شعرت بكلمات هاتين الأغنيتين، وأدركت المعانى التى تحملاها، وهو ما كان له تأثير واضح فى الشارع المصرى. وأوضح بكر: أتعجب من الهجوم الشديد الذى طال المطرب الإماراتى حسين الجسمى مؤخرا بسبب نجاح أغنيته «بشرة خير»، وأقول للمهاجمين: أين أنتم من ذلك؟ فبدل أن نهاجم الغير لنجاحه فلنحاول تقديم أغان وطنية تتسم بكلمات بسيطة من الشارع حتى يشعر بها المستمع ويتفاعل معها. فيما قال الملحن صلاح الشرنوبى: إن عددا قليلا من الأغانى حقق نجاحا، وهو أمر محزن للغاية، وأرى أنها لن تمثل ثورتين عظيمتين، 25 يناير و30 يونيو، وهو ما يحتاج لبذل مجهود كبير للوصول لأغنية وطنية حقيقية تعبر عن الشعب المصرى، وعن تلك الثورات. وأضاف الشرنوبى: تشعر أن فرحة المصريين ليست كاملة بسبب الظروف الصعبة التى مرت بها مصر، سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، بجانب أن البعض يرى أن الثورتين لم تنجحا، وهو ما أحدث حالة من اللخبطة، وهو ما أثر بشكل سلبى على الحالة المزاجية لديهم. وأشار الشرنوبى إلى أن أغنية «تسلم الأيادى» نجاحها نابع من حالة الصدق التام بفرحة الشعب المصرى بجيشه العظيم، لذلك حققت ذلك النجاح الكبير، أما أغنية «بشرة خير» فهى فرحة جميلة تواكب حدث الانتخابات الرئاسية، فتحث المواطنين على التصويت والنزول للإدلاء بصوتهم فى الصندوق الانتخابى، ولكن ليست بها مقومات الأغنية التى تحمل اسم مصر، فعلى الرغم من نجاحها فإنها لا تليق باسم مصر. بينما أرى - الكلام لا يزال للشرنوبى - أن أغنية آمال ماهر «يا مصريين»، وأغنية الطفل سيف مجدى بعنوان «ابن الشهيد»، تعبران عن الأغنية الوطنية، فأتمنى أن تعود الأغنية الوطنية بمفهومها الحقيقى، وليس مجرد أن نقدم أغنية والسلام.