ارتفع عدد ضحايا الفيضانات العارمة التي ضربت صربيا والبوسنة إلأى نحو 20 قتيلا. وتعتبر هذه الفيضانات هي الأعنف التي تضرب منطقة البلقان منذ ما يزيد على قرن من الزمان. وأجلت السلطات سكان مدن بأكملها، بينما اضطر عشرات الآلاف من الأشخاص للنزوح عن ديارهم إثر تلك الفيضانات التي نتجت عن هطول أمطار شديدة الغزارة خلال الأيام القليلة الماضية. وهرعت قوات الجيش لمساعدة المئات الذين تقطعت بهم السبل من داخل إحدى المدارس المحاصرة بالمياه في صربيا السبت. ويقود الجنود مركبات برمائية وسط مياه يتراوح ارتفاعها من مترين إلى ثلاثة أمتار في مدينة أوبرنوفاك، التي تبعد بمسافة ثلاثين كيلومترا جنوب غرب العاصمة الصربية بلغراد، في محاولة لإنقاذ 700 شخص عالقين بالدور العلوي من مدرسة جيفيميجا الابتدائية. وقال مصور رويترز بموقع الحدث إن "المياه غمرت المدينة بأكملها." وأضاف أن حوالي 70 شخصًا عالقون في سياراتهم بشوارع المدينة أغلبهم من النساء والأطفال الذين يتملكهم الرعب. كما أن هناك الكثير من الناس عالقين في منازلهم الغارقة، والذين نجحوا في الوصول إلى قوارب نجاة صغيرة بعد تسلق أسطح وشرفات المنازل حيث نُقلوا إلى أملاذ آمن. وهطلت أمطار غزيرة بكميات غير مسبوقة على تلك المدينة، التي يُقدر عدد سكانها ب 30 ألف نسمة وتقع بمنحنى على ضفاف نهر سافا، وهي الأمطار الأعنف على الإطلاق منذ بدء تسجيل منسوب الأمطار قبل 120 عامًا. وأوشكت شبكة الطاقة الكهربائية في صربيا على الانهيار جراء الفيضانات، إذا انقطع التيار الكهربائي عن 95 ألف منزل وانخفضت قدرة تشغيل محطات الطاقة بواقع 40 في المئة. وقال رئيس وزراء صربيا، أليكسندر فوسيتش، إن هناك وفيات في مدينة أوبرنوفاك، إلا أن السلطات لن تتمكن من تحديد عددها إلا بعد انحسار المياه واتضاح مدى الأضرار التي خلفتها الفيضانات. مع ذلك، تأكدت وفاة ثلاثة أشخاص حتى يوم الجمعة الماضية. تطوع الآلاف للعمل مع قوات الجيش والشرطة ورجل الإطفاء لإنقاذ المتضررين من الفيضانات. نجح بعض السكان في تسلق الأسطح والشرفات والوصول إلى قوارب نجاة صغيرة. أما في البوسنة، المجاورة لصربيا، فبلغ عدد ضحايا الفيضانات 11 شخصًا مع اكتشاف ست جثث يوم السبت في مدينة دوبوج الواقعة شمال شرق البلاد بالإضافة إلى جثة سابعة عُثر عليها في مدينة سماك بالشمال. في مدينة ساباك بغرب صربيا، انضم آلاف المتطوعين إلى قوات الجيش والشرطة ورجال مكافحة الحريق للعمل على مدار الساعة في بناء دفاعات من أكياس الرمل لمقاومة ارتفاع مياه نهر سافا. وتبرع سكان العاصمة بلغراد بالطعام والملابس وبعض الأسرة للمتضررين من السيول في حين قامت قوات الشرطة بطلب المزيد من قوارب الإنقاذ. هذا وتستمر الأمطار في الهطول على البلاد حتى اليوم السبت مع توقعات بالمزيد منها يوم الأحد. انتظار وأمل وقال رئيس الوزراء، فوسيتش، في مؤتمر صحفي عقده السبت بحضور زعيم صرب البوسنة ميلوراد دوديك، "لا يسعنا الآن سوى انتظار الموجة الثانية وأن نتمسك بالأمل." بينما قال دوديك: "لدي مخاوف حيال ألا ينتهي الأمر عند هذا الحد." وصرحت مصادر مسؤولة بالسلطة بمدينة بيجيلجينا الحدودية بالبوسنة بأنه تم إجلاء ما يتراوح بين 10 آلاف و15 ألف شخص إلى صربيا. وقالت دراغانا إليك، إحدى الناجيات من الفيضانات من مدينة أوبرنوفاك والمقيمة بمأوى في بلغراد، ، "لقد خلفنا وراءنا السيارة، والدراجة البخارية، والأدوات، والأثاث، والمقتنيات." وأضافت أن:"لم نأخذ معنا سوى الهواتف الجوالة وتركنا أيضًا بطاقات الهوية بعد أن غمرت المياه المنزل بأكمله." وأعربت فتاة، عرفت نفسها بكاترينا، وهي أيضًا ممن تم إجلاؤهم إلى بلغراد، عن قلقها الشديد على عمها. قالت كاترينا: "لم أتحدث إليه منذ الساعة الحادية عشرة صباحًا يوم أمس. ومنذ ذلك الحين، ليس لدي أي معلومات عن مكان تواجده أو ماذا يفعل." وأضافت: "كل ما أعرفه أن كل شيء مبلل والجو قارس البرودة والتيار الكهربائي منقطع وكذلك خطوط المياه النظيفة لا تعمل." على الجانب الآخر، تجلي طائرات الهليكوبتر المواطنين من مدينتي سماك ومودرتشا بشمال البوسنة في حين تقوم الشاحنات والجرافات بنقل الطعام إلى المناطق الأكثر تضررًا بالفيضانات. يقاوم المواطنون في الصرب والبوسنة ارتفاع المياة بالأنهار ببناء دفاعات من أكياس الرمال. تنقل الجرافات وغيرها من المركبات الكبيرة إمدادات الطعام إلى المناطق الأكثر تضررًا. يُذكر أن ألف شخص، من بينهم رضع، وحوامل، ومعوقين ومسنين، قد تم إجلاؤهم من منطقة زيلجزنو بولجي بوسط البوسنة حيث ابتعلت الأرض مئات المنازل جراء الانهيارات الأرضية. وقال زوهديجا ريدزال، رجل دين مسلم من البوسنة، لرويترز عبر الهاتف: "أعتقد أننا لن نعود إلى قريتنا ثانيةً. لقد اختفت القرية." في إطار مكالمة أُجريت من قرية زيلجزنو بولجي. وكانت الشركة المتخصصة في مجال الطاقة والمملوكة للدولة، إلكتروبرفيردا سرابيج، قد خفضت إنتاج أكبر محطة مائية تابعة لها بواقع الربع يوم الجمعة الماضية، وهي محطة دجرداب 1 المطلة على نهر الدانوب. كما تراجعت قدرة محطة نيكولا تيسلا التي تعمل بالفحم بواقع 1650 ميجاوات، وهو ما يوازي 10 في المئة من إنتاجها قبل يوم واحد من بداية الفيضان. وعطل فيضان نهر كولوبارا، والدانوب، وسافا الكابلات ومحطات التحويل علاوةً على المياة التي غمرت مستودعات الفحم وأفسدت ما بها من فحم كان يستخدم في تشغيل محطات الطاقة. كما أسفر انغمار تلك المستودعات بالمياه عن حريق داخل مجمع كولوبارا المغلق منذ يوم الخميس الماضي.