يعيد المخرج المغربي حسن بنجلون، الاعتبار لأبطال أفلامه ويحنو عليهم فيصبحون كأنهم أفراد في عائلة المشاهد الذي يود لو يمد إليهم يد المساعدة ويدفع عنهم ظلما يودي بحياتهم أو يجعلهم مهمشين ومنفيين في زمانهم. فقبل عشر سنوات تناول في فيلم «درب مولاي الشريف»، جانبا من ضحايا ذلك المعتقل السري سيء السمعة في المغرب خلال حكم الملك السابق الحسن الثاني وهو ما يعرف بسنوات الرصاص. وفي فيلمه الجديد «القمر الأحمر»، يتناول السيرة الذاتية والفنية لعبد السلام عامر الموسيقي العصامي الضرير الذي آمن بموهبته ولكن السياق الفني والسياسي كان يعانده. والفيلم الذي يشارك في مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية يبدأ بلحظة ميلاد عبد السلام عامر (1939-1979) في مدينة القصر الكبير الشمالية، وكيف فقد بصره ولكن بصيرته كانت حادة إذ عشق الموسيقى وتقصى الفن كلما وجد إليه سبيلا.. من العاصمة المغربية إلى القاهرة التي جاءها محبا وغادرها محبطا بعد حرب 1967. ولا يرصد بنجلون، قصة حياة عامر بحياد توثيقي ولكنه ينحاز إليه إنسانيا وفنيا باختياره ملامح تميز مواقف عامر، الذي تحدى سخرية البعض منه في بداية الأمر وأجاد تلحين القصائد ومن أبرزها «القمر الأحمر» للشاعر عبد الرفيع الجوهري وغناء عبد الهادي بلخياط. واختار بنجلون «القمر الأحمر»، عنوانا للفيلم ربما في إشارة إلى مكانة عامر كقمر في سماء الفن أو إلى ميوله السياسية اليسارية. وقال بنجلون، الذي جاء إلى مدينة الأقصر لحضور المهرجان: إن "عامر كان ناصريا" في إشارة إلى حبه لتجربة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مضيفا أن "عامر واجه بسبب ذلك تضييقا في المغرب وصل إلى درجة التعتيم أحيانا نظرا لأن القاهرة كانت تقف بجوار الجزائر في النزاع الذي نشب بين الجزائر والمغرب في بداية الستينيات".