فى أعنف انتقادات يتعرض لها الدكتور يسرى الجمل وزير التربية والتعليم خلال هذا العام، شن نواب بمجلس الشورى وعدد من أعضاء مجلس الشعب هجوما شرسا ضد قرار الوزير بالإعلان عن مسابقة بين دور النشر المحلية والعالمية لطباعة وتأليف وتوريد الكتب المدرسية على أن يتم التقدم للمسابقة يوم 28 يوليو الحالى. تقدم العروض بعد ثلاثة أشهر وفى أواخر أكتوبر القادم. وطالب النواب خلال الاجتماع الذى عقدته لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس الشورى بناء على طلب من صفوت الشريف رئيس المجلس الوزير بإلغاء هذه المسابقة والانتظار لحين الانتهاء من جميع تفاصيل الموضوع نظرا لخطورة المناقصة على الأمن القومى المصرى بسبب مشاركة دور نشر أجنبية فى وضع مناهج التلاميذ بالتعليم الأساسى، بالإضافة إلى تأثيرها على دور النشر والمطابع المصرية التى تعانى من سوء الأوضاع والخسائر المستمرة. ورد الدكتور يسرى الجمل وزير التربية والتعليم على اتهامات النواب بتأكيده أن التجربة ستكون محدودة وأنها لن تمثل إلا 2٪ من حجم طباعة الكتب فى مصر، وأنه سيتم تجريبها فى ثلاث محافظات صغيرة وهى الأقصر والإسماعيلية والفيوم. ورد محمد رجب زعيم الأغلبية بمجلس الشورى «حتى لو كانت التجربة محدودة فإن هذا الأمر سيفتح الطريق أمام الطباعة الأجنبية لترقى وتزدهر على حساب الطباعة المصرية» وأضاف «القرار ده معناه إنى هشغل واحد أجنبى وهاقعد عامل مصرى فى البيت» وقال الدكتور فوزى فهمى رئيس لجنة الثقافة «سنبدأ بثلاث مواد ثم بعد ذلك سيأتى السيل». وأبدى فهمى رفضه القاطع لقرار وزير التعليم وطالب بالحفاظ على الخصوصية الثقافية لمصر. ووصف السيد الأمر بأنه تسلل غربى استعمارى تحت شعارات براقة وقال «علينا أن نستيقظ وعلى هذا الجيل الثالث من الحكومة أن يستيقظ». وتساءل السيد «كيف يصف صفوت الشريف وهو الأمين العام للحزب الوطنى هذا القرار بأنه صادم وتصر الحكومة على تنفيذه» وأضاف «هذا يعنى أن الحكومة فى واد والحزب فى واد والشعب فى واد آخر» ووجه السيد حديثه ثانية لمن سماهم بالجيل الثالث من الحكومة قائلا «لا تقامروا ولا تغامروا». وقال ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل «المناهج المصرية ليست أقل من المناهج الأجنبية» وطالب بالتراجع عن القرار. وعاد الجمل ليدافع عن موقفه مرة أخرى. وأوضح الوزير مجددا، أن المؤسسات الصحفية والمطابع الأميرية ومطابع القطاع الخاص سوف تكون موضوعة فى الاعتبار، وأن هذا الأسلوب سوف يطبقه على المواد التى لها صبغة عالمية مثل الرياضيات والعلوم. وأن المسابقة المعلن عنها متاحة للجميع سواء كان مؤلفا شخصيا أو دار نشر، وأن هيئة التحكيم التى ستشرف على نظر الطلبات مكونة من أساتذة الجامعات وأن الكتب التى ستقدم سوف تشمل الكتاب الدراسى ودليل الطالب ودليل المعلم فى كل مادة من المواد. مؤكدا أن الطباعة ستكون داخل مصر وإنما المسابقة هى التى ستضم دور نشر محلية وعالمية. ولم ينجح فى فض الاشتباك بين أعضاء البرلمان والوزير سوى تدخل صفوت الشريف رئيس المجلس الذى تحدث إليه هاتفيا الدكتور يسرى الجمل من مكتب رئاسة المجلس. بعدها صدر بيان عن وزير التربية والتعليم أكد فيه ان طباعة الكتب المدرسية ستكون فى المطابع الوطنية المصرية دون غيرها، خاصة أن هناك فرصة زمنية مدتها ثلاثة أشهر لحين تقديم العروض المطلوبة. بعد ذلك خرج بيان من مجلس الشورى بأن كلا من صفوت الشريف رئيس المجلس والدكتور يسرى الجمل وزير التربية والتعليم والدكتور فاروق إسماعيل رئيس اللجنة قد اتفقوا على أن يتم الفصل بين النشر والطباعة حتى لا يتكرر هذا الموقف وألا تكون هناك أى امكانية لتعطيل المطابع المصرية أو أى خسائر مالية للمؤسسات الصحفية القومية خاصة فى ظل الأزمة المالية العالمية، وكان الدكتور يسرى الجمل وزير التربية والتعليم قد أوضح أمام أعضاء اللجنة أن الوزارة تقوم بطبع 350 مليون كتاب مدرسى سنويا من منطلق أن توفير الكتاب جزء من الخدمة التعليمية، وأضاف أن طوال الوقت كانت الاستراتيجية المتبعة هى فصل الملكية الفكرية عن الطباعة. وربط الوزير بين قراره بالإعلان عن مسابقة بين دور النشر المحلية والعالمية لتأليف وطباعة وتوريد الكتاب المدرسى ومنظومة التقويم الشامل ونظم الجودة التى بدأت فيها الوزارة منذ عامين، موضحا أن هذه المسابقة يتم فيها تحديد معايير الكتاب ومواصفاته حيث تتقدم كل دور نشر أو مؤلف بمدخلاته ويتم تقييم هذه المدخلات من قبل الوزارة، وفى النهاية يتم توزيع الطباعة على عديد من المطابع، وأكد أيضا أن ال350 مليون كتاب التى تطبعها الوزارة تتم بأسلوبين الأول الطباعة فقط والثانى هو توريد الكتب وطباعتها، مشيرا إلى أن 73٪ من الكتب تنتج من خلال فصل الطباعة عن التأليف بين ثلاث جهات وهى المطابع الأميرية والمؤسسات الصحفية والقطاع الخاص، كما ان هناك نسبة 27٪ من الكتب يتم التعامل فيها مباشرة مع دور النشر لتوريد الكتاب وهى كتب اللغتين الإنجليزية والفرنسية. أما عن نسبة ال73٪ فيتم توزيعها على المطابع الأميرية بنسبة 21٪ و27٪ بالقطاع الخاص و25٪ على المؤسسات الصحفية و27٪ فى دور النشر، وبرر وزير التربية والتعليم قراره بتراجع مستوى مصر عالميا من حيث مستوى كتب العلوم والرياضيات فى التقارير التى أعدتها الجهات الدولية.