بين بكاء على أطلال الأنظمة السابقة، وإشادة استباقية بالنظام القادم، كان قطار المترو الأنفاق يمضي بين محطات متكدسة «بخلق الله»، وبسرعة تكاد تكون منعدمة، والسبب غير معلوم، وسط تخبط وعدم وضوح من موظفي المحطات المختلفة، أو حتى سائق القطار، لذلك كان ل«الفتي» المصري الأصيل دور معتاد في الأحداث، وهذا ما رصده مراسل «بوابة الشروق»، خلال رحلته بالمترو اليوم الخميس. في الساعة الثامنة صباحا، بمحطة «دار السلام»؛ وقف القطار وتحضر للسير نحو المحطة القادمة «الزهراء»، وصل إليها بعد 10 دقائق، فمن المعتاد أن يجتاز تلك المسافة في نحو دقيقتين. بعد المرور من الزهراء وعند «مار جرجس» وقف القطار ولم يتحرك، انتظر الركاب نحو 15 دقيقة، وهنا بدأت الروايات المصرية في الظهور. «بيقولك في عيل صغير وقع قدام القطر في الملك الصالح، واتهرس»، «الإسعاف هناك وبيشيل البواقي بتاعت العيل!». بعد عودة الحياة للمترو وأثناء مروره على محطة الملك الصالح؛ وجد الركاب أن «الدنيا ربيع والجو بديع.. طيب والواد المهروس فين يا إخواننا؟!»، بحسب الركاب. وصل القطار إلى محطة السيدة زينب بعد نحو 35 دقيقة، كان هناك قطارا آخر متجه إلى المرج أيضا، الركاب في رصيف بالمنتصف، والقطار الآخر في الرصيف الأخير، وهنا كان التدخل الأول لمسئولي المترو. «السادة الركاب.. القطار المتجه إلى المرج هو القطار الموجود في المنتصف».. وهنا تبارى الركاب من القطار الآخر في السعي نحو القطار الآخر، ودخل الركاب في مرحلة «المعجنة» فركاب قطارين أصبحوا يركبون قطارا واحدا. وفي مفاجأة أخرى من مسؤولي المحطة: «السادة الركاب.. القطار المتجه إلى المرج هو القطار الموجود في الرصيف الأخير!»، قال أحد الركاب «يا حلاوة».. هنا اتجه راكبو القطارين متجمعين إلى القطار الآخر، لدرجة «المعجنة» لا تزال مستمرة حتى وهم على الرصيف من فرط الترابط في القطار الأول!. تحرك القطار من السيدة، أبطئ من شخص يسير على قدميه، ووصل إلى محطة سعد زغلول بعد نحو 18 دقيقة من التحرك، وما بين سعد والسادات، زادت وتيرة الروايات، «ده باين الحكومة بتفتح محطة السادات، طيب وده ليه يخلّي المترو بطئ كدة؟ ما هو علشان الأمن يستعد ويسيطر على المحطة!». ووسط تلك العصبية المفرطة، والتنفيخ المطير، والزحمة المتناهية، عادت السياسة بتناقضها، وتباعد انطباعات شعبنا عنها، فقال أحد الأشخاص: «ولا يوم من أيامك يا مبارك».. لكن آخر رد: «الله يحرقه مطرح ما راح!». فرد عليهم راكب آخر: «يا جدعان بكرة السيسي يجي وينضف كل ده».. وتدخل راكب في الحوار قائلاً بصوت منخفض أقرب إلى الهمس: «مش كان مرسي اللي عاملكم المشكلة، وشيلتوه، اشربوا بقى، شعب جاهل». وقبل الوصول إلى السادات، وجد الركاب عمال للصيانة، ملابسهم تشبه ملابس رجال الإسعاف، وينظرون إلى ركاب المترو ووجوههم تغمرها السعادة، يلوحون للركاب، ليتدخل أحد المواطنين قائلاً «ده يا جماعة عطل في القضبان، واكتشفوه الساعة 8 الصبح!».