بوعاز بسموتمنذ فترة تجاوزت الحرب الأهلية فى سوريا الحدود وانتقلت إلى لبنان. فقد شهدت ضاحية بيروت الجنوبية، المعقل السياسى لحزب الله المقرب من الأسد، انفجار سيارة مفخخة هو الرابع من نوعه منذ يوليو الماضى. ويأتى هذا الانفجار بعد أسبوع على اغتيال وزير المالية اللبنانى السابق محمد شطح، أحد كبار خصوم التنظيم الشيعى. وفى وقت لا تزال الحرب مستمرة فى سوريا، تتعاظم حرب التفجيرات فى لبنان، ويبدو أن الحربين متعلقتان ببعضهما البعض. لكن إلى جانب تفسير التفجيرات فى لبنان بكونها مرتبطة بالقمع الوحشى الذى يمارسه حزب الله ضد المدنيين فى سوريا، فإن ما حدث بالأمس في الضاحية من الممكن أيضاً ربطه بالتفجير الذى قتل شطح، المستشار المقرب من رئيس الحكومة السابق سعد الحريرى. لقد فهم اللبنانيون جيداً أن الإرهاب عاد ليصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتهم، والأكيد أن لبنان بدأ ينحو إلى اتجاهات مقلقة، إذ تذكر حدة الاستقطاب بين الطوائف بالأيام السوداء للحرب الأهلية فى لبنان، ناهيك عن أن الانفجار الذى أودى بحياة شطح فاقم من حدة الخلاف بين الشيعة والسّنة. ومن بين نتائج الحرب الأهلية فى لبنان أنه منذ ثمانية أشهر هناك حكومة تصريف أعمال تتولى إدارة البلد. لقد اعترف حزب الله بمشاركته فى القتال فى سوريا وبتأييده للأسد بحجة الدفاع عن الحدود اللبنانية ومنع تسلل الإرهابيين الإسلاميين. لكنه عملياً منذ اللحظة التى اعترف بها بذلك، فتح الباب أمام الهجمات ضده من جانب السّنة. وفى الواقع، فإلى جانب السبب الدينى للمواجهة الدائرة ولتجدد العنف، هناك سبب سياسى أيضاً. فقد حظى حزب الله على الدوام بتأييد سياسى من النظام السورى ومن إيران التى تريد تنظيماً إرهابياً قوياً فى صراعها ضد إسرائيل. وفى الواقع، فإن حزب الله يحتاج إلى الأسد تماماً مثلما يحتاج الأسد إليه، ومثل هذه العلاقة لا تؤدى إلى أمور جيدة. وتجدر الإشارة إلى أن ما يجرى فى سوريا يؤثر فى طريقة التصرف الإيرانية حيال لبنان (وللتذكير فإن السفارة الإيرانية كانت هى أيضاً هدفاً للتفجير)، بينما لا تقف السعودية وقطر موقف المتفرج إزاء ما يجرى، وهما تنتظران سقوط الأسد حتى لو بواسطة التدخل العسكرى الأجنبى. فى المقابل تدعم إيران الأسد، وبهذه الطريقة تحولت الساحة اللبنانية إلى مجال للمواجهة بين الدول العظمى الإقليمية. خلال الزيارة التى قام بها الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند إلى السعودية، قررت المملكة تقديم 3 مليارات دولار مساعدة عسكرية للجيش اللبنانى. ولهذا علاقة بما يحدث فى سوريا أيضاً. لكن المشكلة فى لبنان أنه حتى تقديم 6 مليارات دولار مساعدة، لن يحول دون استمرار حرب الهجمات بواسطة السيارات المفخخة.