شارك ما يزيد على 500 عمل تشكيلي في مهرجان فني استمر ثلاثة أيام في بغداد ضمن فعاليات المدينة التي اختيرت عاصمة للثقافة العربية لعام 2013. أعمال النحت والتصوير شارك بها فنانون تشكيليون من سوريا ولبنان والمغرب والعراق في أول معرض للفن التشكيلي من نوعه في العاصمة العراقية منذ الثمانينيات. وقال الفنان التشكيلي السوري سهيل بدور: "شكرًا لبغداد، قدمت لنا هذا الفضاء الرحب، وأنا أعتبره فضاء مش وعاء يعني؛ لأن هذا التلاقي والتثاقف المباشر بين الفنانين وتجاربهم العربية والعراقية هذا أمر غاية في الأهمية، نحتاج له بصرف النظر عن أي أمر، ثم مشاركتي أنا شخصيًّا.. الحقيقة أصريت أن آجي لبغداد رغم كل ما قيل عن الظروف؛ لأن مهمتي أن أشارك بحب ومحبة. هذه العاصمة تنتمي لروحي.. لوجداني.. لذاكرتي". وللعراق تاريخ طويل مع الفن التشكيلي، خصوصًا النحت، ويقول الخبراء: إن بعض أفضل أعمال الفن المعاصر في العالم العربي يبدعها فنانون عراقيون. واختيرت بغداد عاصمة للثقافة العربية لعام 2013، لكن أسوأ موجة من أعمال العنف يشهدها العراق منذ خمس سنوات حدت كثيرًا من الأنشطة العامة، خصوصًا في بغداد. ولم يحل الاضطراب الأمني دون حضور الفنانة العراقية كلثوم الزبيدي من مقر إقامتها في العاصمة الأردنية عمان لتشارك في مهرجان الفن التشكيلي في بغداد. وقالت الفنانة: "اليوم شاركت بعملين.. مدينة الكحل ورسائل المحبة بالأكريليك اللي هو بصمتي بعالم الفن الواقعية التعبيرية. لوحتي عبرت عن مراسيل المحبة.. انتظار العراقيين اللي راحوا بالغربة وتشتتوا بكل أقطار العالم". ويقول كثير من الممثلين والموسيقيين والتشكيليين وصناع الأفلام العراقيين: إن المناخ الديني المحافظ في العراق يخنق الإبداع، والدولة مشغولة بإعادة الإعمار، ولا ترعى الفنون. وشارك في المهرجان فنان النحت العراقي عبد الأمير الخطيب الذي يقيم في لندن. وقال الخطيب: "لاحظت هنا بهذا المعرض بالذات شغلنا شوية مختلف عن عراقيين الداخل.. إذا صحت تسمية الداخل والخارج.. فشغل اللي برة أكثر حرية حتى بالفكرة. مثلًا الكرسي بالجذور فكرة متحررة، لا أعني حرية الجسد فقط، إنما اكو حرية بالفكر. الموجودين برة قام يمارسون حرية". أما الفنان العراقي رياض هاشم الذي يقيم في كندا فقد أبدى سعادته بإقبال الجمهور العراقي على مهرجان الفن التشكيلي. وقال هاشم: "الحضور مذهل بالعراق رغم أنه ظرف الوصول للقاعة بحد ذاته صعب جدًّا، الطرق الملتوية والانسدادات بالجدران الكونكريتية.. طبعًا هذه بالعالم كله دائمًا اكو سهولة الوصول للمكان، من أهم شروط العرض لكنه الغرض تحقق بهذا الجمهور الضخم هنا بالعراق، رغم كل الصعوبات، هو تحدي يومي للإنسان العراقي والفنان العراقي". وكان الاحتفاء ببغداد عاصمة للثقافة العربية قد بدأ قبل ما يزيد على عامين في وقت ساد فيه هدوء نسبي، وأقيمت خلاله حفلات موسيقية، وعادت المطاعم والمقاهي تفتح أبوابها للرواد. ونظمت الحكومة العراقية خلال العام بضعة أنشطة ثقافية شملت حفلات موسيقية ومعارض فنية لكن لم يسبقها إعلان يذكر، وكان الحضور فيها محدودًا.