كتب روبرت شير مقالا بعنوان «كيف حصل أوباما على جائزة السلام»، نشره على موقع «TruthDig» الأمريكى، يتحدث الكاتب عن استحقاق اوباما وعن جدارة أن يكون صانعا للسلام وبحق، ووفائه بوعوده التى قطعها على نفسه إبان ترشحه للرئاسة، إذ يعد سعيه لتسوية الملف النووى الإيرانى فى هذا الإطار مثالا على ذلك، وهو ما يعضد فوزه بجائزة نوبل للسلام، فلم يكن مانحوها مخطئين فى ذلك، إذ يثبت ذلك من خلال الانضمام إلى انجلترا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا فى التفاوض على اقتراب منطقى للغاية مع ايران حول برنامجها النووى، وذلك بعد تراجعه عن شن حرب على سوريا، ونجاحه فى التفاوض على تدمير ذخيرة هذا البلد من الأسلحة الكيميائية، إذ تعد هذه خطوة جريئة أخرى للوفاء بوعد صنع السلام الذى كان السبب الأول لفوزه بالرئاسة. ••• وقد تناول شير أولى التعهدات التى كان أوباما قد قطعها على نفسه «حقبة جديدة من القيادة الأمريكية، تطوى صفحة عقد من الحرب» والتزم بها كما ذكَّر أوباما جمهوره فى أحد مؤتمرات سان فرانسيسكو. كان الرئيس الأمريكى قد التزم عند ترشحه عام 2007، الانخراط فى «دبلوماسية شخصية هجومية» مع قادة إيران، وهو ما قام به بالفعل الآن. انتقل الكاتب إلى عقد مقارنات بين موقف أوباما الجريء من الأزمة النووية الإيرانية ومواقف أقرانه فى أزمات مشابهة مثل موقف ريتشارد نيكسون من صين ماو الحمراء، ومبادرات رونالد ريجان إلى الزعيم السوفييتى ميخائيل جورباتشوف، وهما مثالان للدبلوماسية البطولية اجتمعا على تدمير الأسس التى قامت عليها الحرب الباردة. وهو ما اكده أوباما بقوله إن أولئك الذين يدعون باستمرار لتغيير النظام فى إيران كشرط لتحسين العلاقات مع هذا البلد، كما يفعل منتقدو أوباما الآن، فهم يتجاهلون التاريخ. ••• تناولت المقالة موقف القوى الإقليمية المختلفة من الصفقة الأمريكية المزمع الاتفاق بشأنها من خلال توضيح موقف إسرائيل مثلا، فربما يتوجب على الإسرائيليين الذين أعطوا اوباما هذا الوقت الصعب للتعامل مع إيران، التزام بعض التواضع، لأن جواسيس الموساد، كانوا هم من ساعد فى تدريب وكلاء الشاه على فنون استجواب السجناء. وأحيانا يتحول سجناء الأمس إلى مفاوضين اليوم. ومن الواضح، أن هذه أيضا دراسة حالة فى الدبلوماسية، تجرى منذ سنوات بإصرار من الرئيس مع الكثير من التعاون الدولى على أعلى مستوى من الفعالية. ولكن بدلا من الاحتفال بعودته إلى تعهده الأصلى كصانع سلام، انخرط دعاة الحرب من الحزبين فى الكونجرس، بتحريض من تحالف غير مقدس بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، فى الشجب والنحيب. ويعتبر غضبهم إهانة للأخلاق والمنطق، وكذلك خيانة صارخة لمخاوف الجماهير المشروعة من انتشار الأسلحة النووية. وعلق الكاتب على موقف منتقدى أوباما غير المبرر إذ أوضح مدى تفضيلهم للتوقعات المجهولة الغامضة عن حقيقة التفتيش الميدانى. وهنا يطرح تساؤلا مهما للغاية: إلى أى مدى سيكون من السيئ إطلاق تسمية «الخدعة الإيرانية» إذا تبين أن برنامجها النووى يجرى تصميمه للأغراض السلمية؟ ••• أشار الكاتب بعد ذلك إلى أهم بنود الاتفاق الذى تمخضت عنه اتفاقية جنيف إذ يقضى الاتفاق المؤقت بالإفراج عن 4.2 مليار دولار من عوائد النفط، وهى نسبة ضئيلة، فى حين يبقى مبلغ 30 مليار دولار إضافية مجمدة خلال الأشهر الستة المقبلة، فى مقابل فرض قيود على التخصيب والتحقق من ذلك بإجراءات تفتيش متطورة كثيرة، وتفتيش الأممالمتحدة يوميا على منشآت التخصيب، ووقف العمل فى مصنع آراك للماء الثقيل وغيرها من وسائل تحقيق الشفافية التى وافق عليها كلا الجانبين. كما أشار إلى تخوف الصقور الأمريكية ونظرائها فى إسرائيل والمملكة العربية السعودية من أن تؤدى الشفافية إلى انتفاء أى مبرر لغزو الولاياتالمتحدةايران، كما فعلت سابقا مع العراق، ومؤخرا فى سوريا، كذا خشية المتشددين الذين يديرون إسرائيل أن يخضع البرنامج النووى الإسرائيلى للتدقيق الدولى الكثيف، إذا انحسر الضوء عن إيران. يجيب الكاتب عن ذلك بقوله إنه فى هذه الحالة، سيكون الضغط لجعل المنطقة بأسرها خالية من الأسلحة النووية، قابلا للتنفيذ، ولكن هذا من شأنه أن يضع برنامج أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية تحت المجهر. ولا يمكن لأى مراقب منصف أن يزعم أن اسرائيل قدمت ما يعزز تعهدها المتكرر بألا تكون أول دولة تقدم السلاح النووى فى المنطقة. ومن المعروف جيدا أن إسرائيل لديها العديد من الأسلحة النووية الفعلية وليس مجرد برنامج تخصيب لليورانيوم. وفى عام 2002، قدرت وزارة الدفاع الأمريكية ما تملكه إسرائيل بنحو 80 سلاحا نوويا، فضلا عن نظام قوى لتوزيع الصواريخ والطائرات وحتى قواعد القاذفات فى البحر. وبطبيعة الحال، فإننا لن نعرف الحقيقة حول أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية حتى يتم السماح لمفتشى الاممالمتحدة ميدانيا. ولن يحدث ذلك فى أى وقت قريب، لأن إسرائيل وضعت نفسها فى موضع الأخيار الذين لا يحاسبون، وهذا أمر لا يبشر بالخير فى عالم سريع التغير. وهى الآن فى موقف غريب من الناحية الأخلاقية، فالدولة التى تدعى أنها الديمقراطية الوحيدة فى المنطقة، تنضم إلى المملكة العربية السعودية فى دعم المجلس العسكرى فى مصر لإخماد هذا البلد العربى الأكثر سكانا ضمن بلدان الربيع السياسى. وكما دعمت من قبل الحكومة السورية القائمة على الأقلية الدينية، بحجة «العدو الذى نعرفه»، تقف إسرائيل مرة أخرى مع السعوديين فى دعم تحالف المتمردين الإسلاميين المخترق بشدة من تنظيم القاعدة. يختتم الكاتب مقاله بالإعراب عن مدى التناقض فى مشاركة إسرائيل الحالية مع المملكة العربية السعودية فى تأجيج حرب السنة ضد الشيعة الإقليمية بقيادة إيران، كما لو أن اتخاذ هذا الجانب فى تعميق الحروب الدينية فى المنطقة، أمر جيد لليهود على نحو ما. ولكن ذلك غير صحيح، وتنطبق كلمات أوباما المحذرة لمنتقدى الاتفاق النووى الايرانى، على المنتقدين الأمريكيين أيضا بالإضافة للإسرائيليين: «من السهل سياسيا إطلاق آراء حادة وتهديدات، ولكنه ليس بالشيء الصحيح الذى ينبغى عمله لصالح أمننا». أوباما يعود.