احتفلت محافظة الأقصر، بمرور ربع قرن على رحيل المقرئ الشهير الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد، ابن مدينة أرمنت جنوبي المحافظة (721 كيلومتراً). وتزامن الاحتفال مع مطالب شعبية بتكريم الشيخ الراحل، بإطلاق اسمه على أحد الشوارع أو الميادين الكبرى في الأقصر، وإطلاق مسابقة عالمية لحفظة القرآن الكريم، تحمل اسم الشيخ الذي رحل يوم 30 نوفمبر 1988. ويعد عبد الصمد واحداً من أبرز قراء القرآن في العالم الإسلامي، وخلال الحفل الذي أقيم في قرية العديسات كانت الذكرى 25 لوفاته تزدحم بحضور من الأوساط الشعبية والإسلامية، حيث أُذيعت عدد التسجيلات النادرة للشيخ وفيلم تسجيلي عن حياته، كما أقيم معرض لبعض صوره النادرة. سفير فوق العادة وقال الباحث محمد عبد اللطيف الصغير، مؤلف كتاب "دولة التلاوة القرآنية في مصر"، المقرر أن يصدر في شهر رمضان المقبل، والذي يحتوى على أسرار وصور نادرة للشيخ عبد الباسط تنشر للمرة الأولى, إن الاحتفالية "هي يوم للوفاء لأفضل من أنجبت دولة التلاوة القرآنية في مصر، ووفاء لقارئ رفع اسم مصر عالياً وكان سفيراً فوق العادة لها في جميع أنحاء العالم". وتحدث الصغير خلال الاحتفال عن الكثير من الأسرار والتفاصيل في حياة الشيخ عبد الباسط ومنها أن "دول العالم الإسلامي كرمت الراحل بعشرات الأنواط والأوسمة والشهادات وأطلقت اسمه على الشوارع والميادين، وعلى المدارس القرآنية والمعاهد الدينية خاصة في المالديف وإيران وباكستان واندونيسيا, في الوقت الذي يتم تجاهل تكريم الشيخ في مسقط رأسه وهو الذي رفع اسمها في مشارق الأرض ومغاربها". البقرة والمذيعة ويكشف الصغير، في كتابه، عن بعض المواقف التي تعرض لها الشيخ عبد الباسط خلال زيارته لأدغال إفريقيا لإحياء الاحتفالات القرآنية حيث استقبل استقبالاً كبيراً في أوغندا، وشهدت إحدى الحفلات موقفين أحدهما طريفا حيث ما إن فرغ من القراءة، حيث حضر إليه في استراحته شخص يجر بقرة ضخمة وآثر أن يهديها للشيخ، برغم أنه لا يملك سواها، نظير المتعة الروحانية التي قدمها له وللمسلمين، إلا أن الشيخ تعجب من الموقف وشكره على مشاعره الطيبة. كما شهد حفل آخر في أوغندا أيضاً إسلام أحد أشهر المذيعات هناك حينذاك، حيث جاءت إلى الشيخ بعد أن فرغ من التلاوة وتحدثت بلهجة غير مفهومة بالنسبة له، فأخبره منسقو الاحتفال بأن تلاوته هزت وجدانها وأنها تبدي رغبة في إشهار إسلامها وزيارة بيت الله الحرام، ففرح الشيخ بموقفها وقام بالاتصال بأحد المسؤولين من أصدقائه في الديوان الملكي السعودي وأخبره بالموقف وطلب منه تسهيل سفر وإقامة هذه السيدة في بلاد الحجاز، وهو ما حدث بالفعل وظلت السيدة مقيمة بمكة المكرمة، تدعو أبناء أوغندا وأفريقيا العاملين في المملكة للإسلام حتى وفاتها. الصيدلي المسيحي وكشف الصغير عن العلاقة القوية التي كانت تربط الشيخ عبد الباسط بصيدلي مسيحي بمسقط رأسه وكيف أن الصيدلي المسيحي يستمع لتلاوة الشيخ، ويفخر بانتمائه لمدينة أرمنت، كما كشف أن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد كان يعشق لعبة "السيجا"، وهى لعبة شعبية لها جذور فرعونية، وكان يحافظ الشيخ على لعبها خلال زيارته المتكررة لمسقط رأسه بمدينة ارمنت التاريخية جنوب غربي الأقصر. والشيخ عبد الباسط عبد الصمد ولد في قرية المراعزة بأرمنت عام 1927، واعتمد قارئاً بالإذاعة المصرية في 1951، وقرأ القرآن الكريم في أكثر من 40 دولة في العالم، وكرمه عدد من رؤساء وملوك دول العالم.