بتكلفة ملياري و350 مليون جنيه.. «عاشور وعطية والجيزاوي» يفتتحون عددًا من المشروعات بجامعة بنها    «النواب» يوافق على مشروعات قوانين خطة التنمية الاقتصادية والموازنة العامة 2025- 2026    قرار عاجل من «التعليم» لسداد مصروفات الدراسة لعام 2025-2026 للصفوف الأولى (تفاصيل)    «لا يمس محدودي الدخل».. خبير إدارة محلية يكشف تفاصيل القانون الجديد ل«الإيجار القديم»    التعليم العالي: جهود مستمرة لمواجهة التصحر والجفاف بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف    محافظ القاهرة: لن نسمح بتواجد أي مواقف عشوائية في محيط موقف السلام الجديد    وزير الإسكان يناقش مجالات التعاون المشترك مع شركة استادات للاستثمار الرياضي    رئيس شعبة استخبارات إسرائيل لموظفيه: جلبتم معلومات مهدت الطريق إلى طهران    «مدبولي» يشكر حكومة صربيا على دعمها ترشيح خالد العناني ل«اليونسكو»    رئيس الوزراء: أى تصعيد عسكرى سيجر المنطقة لخراب ودمار كبير    3 أوراق رابحة في الأهلي يراهن عليها ريبيرو أمام بالميراس (تفاصيل)    «لازم تستخدمه».. سعد سمير يوجّه نصيحة ل ريبيرو بخصوص بن شرقي    ريبيرو يستبعد نجمه المغربي من مباراة بالميراس البرازيلي    حلمي طولان يكشف موعد الإعلان عن قائمة منتخب مصر في كأس العرب    ظهرت رسميًا..نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 محافظة الدقهلية بالاسم ورقم الجلوس    توقعات برج العقرب في النصف الثاني من يونيو 2025    وزير التعليم العالي: 145 مستشفى جامعى استقبلت 25 مليون متردد خلال 2024    نجاح طبي جديد: استئصال ورم ضخم أنقذ حياة فتاة بمستشفى الفيوم العام    عرض غنوة الليل والسكين والمدسوس في ختام الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    السجن المشدد 3 سنوات لمتهم لحيازته وتعاطيه المخدرات بالسلام    رئيس جامعة بني سويف يتفقد أعمال امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية التجارة    التصعيد بين إسرائيل وإيران يُنذر بانفجار إقليمي وحرب نووية في الشرق الأوسط    تراجع كبير بإيرادات أفلام العيد والمشروع x في الصدارة    رئيس جامعة أسيوط يستقبل السفير الهندي للمشاركة في ورشة تعريفية برياضة اليوجا    اليوم.. عزاء نجل صلاح الشرنوبي بمسجد الشرطة فى الشيخ زايد    السفارة الصينية في إيران تحث رعاياها على مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن    وزير المالية أمام النواب: حجم الدين مناسب للاقتصاد وسينخفض مستقبلًا    رئيس جامعة الدلتا التكنولوجية يتابع اختبارات الدراسات العليا ويشيد بسير العملية الإمتحانية    ارتفاع ضحايا حادث تصادم سيارة بأخرى تحمل عمالة زراعية إلى 4 وفيات في البحيرة    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    طلاب الثانوية العامة بالفيوم: "امتحان اللغة الأجنبية الثانية فى مستوى الطالب المتوسط لكن به بعض التركات الصعبة جدا    ننشر أسماء أوائل طلاب الشهادة الإعدادية ببنى سويف 2025    محافظ المنوفية والسفيرة نبيلة مكرم يتفقدان قافلة ايد واحدة.. مباشر    «برج العرب التكنولوجية» تفتتح ثالث فروع جامعة الطفل بالشراكة مع نادي سموحة (صورة)    جدول مباريات اليوم: مواجهات نارية في كأس العالم للأندية ومنافسات حاسمة في الكونكاكاف    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    من مؤتمر نسائي إلى أجواء حرب.. إلهام شاهين تحكي لحظات الرعب في رحلة العراق    بينها «شمس الزناتي».. أول تعليق من عادل إمام على إعادة تقديم أفلامه    برفقة صديقها.. نور عمرو دياب تدعم شيرين رضا في العرض الخاص ل «في عز الضهر»    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    الجامع الأزهر: حب الوطن غريزة متأصلة والدفاع عن قضايا الأمة يجسد منهج النبوة    "ليست حربنا".. تحركات بالكونجرس لمنع تدخل أمريكا فى حرب إسرائيل وإيران    زيلينسكي: روسيا هاجمتنا بالطائرات المسيرة بكثافة خلال ساعات الليل    نصائح لطلاب الثانوية العامة لحماية انفسهم من التعرض للإجهاد الحراري    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    أسعار النفط تقفز 1% مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    الجيش الإسرائيلى يعلن مقتل رئيس الأركان الجديد فى إيران على شادمانى    جامعة قناة السويس: تأهيل طبيب المستقبل يبدأ من الفهم الإنساني والتاريخي للمهنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    بدء التشغيل التجريبي لمستشفى طب الأسنان بجامعة قناة السويس    "فقرات استشفائية".. الأهلي يواصل تدريباته استعداداته لمواجهة بالميراس    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    مصرع شاب غرقا فى مياه البحر المتوسط بكفر الشيخ وإنقاذ اثنين آخرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا حدث للمؤسسات الاقتصادية للدولة؟ (6)
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 11 - 2013

هناك فى آخر الدنيا كنت أحضر اجتماع مجلس إدارة إحدى الشركات العالمية. وقد كان الاجتماع متوترا بسبب شراء أحد أكبر المساهمين العالميين حصة فى الشركة.
والمعروف عن هذا المساهم أنه يدخل مجلس الإدارة لإحداث تغييرات جوهرية (Activist Investor) وقد طلب هذا المساهم خلال اجتماع مجلس الإدارة مجموعة طلبات لتخفيض التكاليف من ضمنها تخفيض المرتبات للإدارة العليا وربط حوافز العاملين بالأرباح وتخفيض عدد العمالة الإدارية وغلق عدد من الوحدات الإنتاجية الخاسرة وتسريح العاملين بها ووقف سفر كبار المديرين فى الشركة بالطائرات الخاصة على نفقة الشركة وضبط التكاليف الاستثمارية لمشروعات الشركة وسبل الوصول إلى إنتاجية أعلى بالأصول الموجودة....إلخ. وأخرج هذا المساهم ورقة من جيبه توضح أن هذه الإجراءات سوف تؤدى إلى مضاعفة الربحية خلال عامين وأن ذلك سوف يؤدى إلى زيادة سعر السهم بنسبة 150% مما يعود بالنفع على أصحاب الشركة من المساهمين. وللأمانة فقد تعاطفت مع الكثير من مطالب هذا الرجل.
وخلال المجلس كنت أفكر فيما سوف يحدث لو أصبح هذا الرجل عضوا بمجلس إدارة فى الكثير من الهيئات والشركات المصرية العامة. ووصلت إلى تصور أنه لن يحدث شىء لأن مجالس إدارات الهيئات الاقتصادية والشركات فى مصر تتكون من أغلبية ساحقة من المديرين والعاملين وهؤلاء لديهم مصالح قد تكون متناقضة مع مصالح أصحاب رأس المال (وزارة المالية بالنيابة عن الشعب). خاصة فيما يتعلق بخفض أعداد العاملين والمديرين ومرتباتهم وحوافزهم. ثم تبادر إلى ذهنى السؤال الآتى ما هو الانخفاض الذى حدث فى تكلفة المديرين والعاملين فى السنوات الثلاث الماضية؟
المؤكد أنه مع انخفاض حجم أعمال الكثير من الشركات نتيجة ظروف ما بعد 25 يناير، فإن هذه الهيئات خفضت بدلات وأعداد ومرتبات المديرين كما خفضت بدلات العاملين. وجاءتنى الإجابة سريعا فى معلومتين: الأولى هى أن تكلفة بند الأجور فى الموازنة العامة للدولة قد تضاعفت خلال 3 سنوات (وبالطبع فإن ذلك انعكس بالزيادة على مرتبات وبدلات وحوافز العاملين بالهيئات الاقتصادية فى الدولة) والثانية أن عمال إحدى شركات الغزل يطالبون «بحصتهم فى الأرباح» لشركة تخسر سنويا ما يزيد على 100 مليون جنيه.
اليسار المصرى سوف يقول طبعا إن من حقهم أن يأخذوا أرباحا. فهم غير مسئولين عن قرارات إدارية متراكمة لمجالس إدارة متلاحقة أدت إلى خسائر الشركة وسياسات خاطئة لوزراء صناعة سابقين.
وأنا أقول يعنى «نفلس» مؤسسات الدولة التى صرف عليها الشعب «دم قلبه» من أجل وزراء سابقين ومجالس إدارات أخطأت؟
وما زاد من المشكلة فى تاريخنا الحديث هو تسييس المؤسسات الاقتصادية للدولة. ومطالبة الدولة للمديرين ليس بأداء اقتصادى مرتفع ولكن بحشد الأصوات لمرشحى الحزب الوطنى ولاحقا حزب الحرية والعدالة، وبذلك أصبح المديرون غير قادرين على ضبط تكلفة الأجور لأنهم يعملون ألف حساب لأيام الانتخابات التى خلالها سوف يطلبون من العاملين أصواتهم وبالتالى فهم يقدمون «السبت» حتى يأخذوا «الأحد».
وإضافة لذلك فإن المديرين والعاملين (وأعضاء مجلس الشعب) ضُغطوا فى ظل ظروف ضاغطة وبطالة مرتفعة فى مصر لتعيين أبنائهم وأقاربهم وزادت أعداد وأجور العاملين على حساب قدرة هذه المؤسسات على الاستمرار (viability).
لن يكون هناك إصلاح حقيقى فى الهيئات الاقتصادية والشركات العامة إلا إذا نظرنا بصورة جدية لتكوين مجالس إدارات تلك الشركات والهيئات الاقتصادية. إن المحافظة على أغلبية ساحقة للمديرين والعاملين فيها هو الخطأ بعينه. المساهمون فى هذه الهيئات والشركات (وزارة المالية بالنيابة عن الشعب) يجب أن ينيبوا آخرين لتمثيلهم فى مجالس إدارات الشركات والهيئات على أن يكون تمثيل الإدارة والعاملين أقل من الثلث. إن التمثيل المناسب لمجالس الإدارات يعطى صاحب رأس المال وذوى الخبرة الحصة الكبرى فى مقاعد مجلس الإدارة هو أحد المفاهيم التى يجب إرساؤها.
إن ضمان حد أدنى من الحياة الكريمة للعاملين فى الدولة أمر فى غاية الأهمية وله وسائله ولكن ليس من بين هذه الوسائل إدارة هذه المؤسسات بطريقة غير كفؤة وفى بعض الأحوال قيادتها إلى الإفلاس. كما أن العدالة الإجتماعية لها أدواتها وليس من بينها استنزاف موارد هذه الهيئات. وهذا موضوع معنى العدالة الاجتماعية سوف نتطرق له لاحقا.
إن أدبيات علم الإدارة مليئة بهذه الثنائية وتوصل العالم للحل وهو أن العاملين لديهم الحق فى الإضراب وأن مجالس الإدارة تكون ممثلة من المساهمين وتكون لها حق تعيين الإدارة والتى لها حق اتخاذ القرارات وهذا يخلق توازنا فى العلاقة. أما أن يكون للإدارة والعاملين أغلبية فى مجلس الإدارة ولهم حق الإضراب فإن ذلك خلق وضعا أصبحت معه هذه الهيئات تدار بطريقة خاطئة وأصبح من غير الممكن تخفيض أعداد العاملين والمرتبات حتى لو اقتضى الأمر ذلك فى ظروف طارئة.
وأصبح من الأسهل استنزاف الشركات والهيئات (وقيادتها للإفلاس) بدلا من اتخاذ إجراءات صعبة.
أعلم مسبقا أن هذا الكلام سوف يثير كثيرا من الجدل ولكن الشعب المصرى استثمر ما يزيد على تريليون جنيه فى أصول الهيئات الاقتصادية والشركات العامة ومثله مثل عضو مجلس الإدارة «المشاغب» الذى يريد إحداث تغييرات جوهرية هو يريد عائدا على رأسماله المستثمر. الشعب يريد تغيير نظام اقتصادى (وسياسى) غير كفء إلى نظام مبنى على الكفاءة فى الإدارة.
مصر تستطيع أن تكون «قد الدنيا» ولكن إرساء مفاهيم جديدة لإدارة هيئات الدولة بطريقة كفؤة هو جزء من الحل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.