منذ دخولك إلى الأراضى الإماراتية، تجد نفسك محاصرا بأن هناك حدثا ما مهما سيقع، تم التحضير إليه بامتياز، الناس فقط تنتظر وقت إطلاقه. إعلانات كثيفة تخبرك بأن معرض الشارقة الدولى للكتاب سيبدأ، ومكتبات فى الشوارع، تدلك على أهم الكتب الموجودة بالمعرض، وتعرفك بأن لبنان هو ضيف الشرف، فى معرض، هو أحد أكبر أربعة معارض فى العالم للكتاب، الذى يرفع شعارا «فى حب الكلمة المقروءة». عادة لا تتوقع مفاجآت أو إثارة جدل فى مثل هذه الفاعليات التى تنظم بحرفية محسوبة، إلا أن فوز فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق بجائزة شخصية العام الثقافية، كان لها نصيب من الجدل، خاصة لدى الصحفيين والكتاب المصريين، ولاسيما بعد التصفيق الحاد فى قاعة الاحتفال بإطلاق المعرض، والذى ساهم فيه بحماس شديد مسئولون حاليون فى وزارة ثقافة دكتور صابر عرب، الذى شارك الشيخ سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة، ووزير الثقافة اللبنانى جابى ليون، و«واى إس تشى» رئيس اتحاد الناشرين الدولى فى افتتاح الدور ال32 من معرض الشارقة الدولى للكتاب المقام فى الفترة من 6 إلى 16 نوفمبر الجارى. لكن هذا الجدل لا يستمر طويلا، بسبب الانشغال بأحداث المعرض، وبضيف الشرف لبنان، والذى مثل نفسه بلوحات تشكيلية رائعة عن «الطبيعة اللبنانية»، فى جناحه الرئيسى، مخالفا العرض التقليدى لمثل هذه المعارض، التى تهتم فقط بالكتب. لكن هذا لبنان البلد المثقف، الذى له انطباع خاص لدى المصريين بأنه باريس العرب، حيث التنوير والثقافة. ويدهشك تطوير المعرض لنفسه عاما بعد عام، ومدى مشاركة دور نشر أجنبية حقيقية، وليس مجرد مراكز ثقافية كالذى نشهده فى سوق الكتاب فى مصر، والذى يظلمه البعض، ويطلق عليه لفظ «معرض دولى»، ففى معرض الشارقة تشارك 53 دولة، منها 23 دولة عربية، و26 دولة أجنبية، فيما بلغ عدد الدول التى تشارك لأول مرة 4 دول، هى كل من البرتغال، نيوزلاندا، هنغاريا، بريطانيا، وتكتمل صفة «الدولية» عندما تعرف أنه على صعيد العارضين والناشرين، فقد بلغ عدد المشاركين 1010، وأن العناوين المشاركة فى المعرض ضمت نحو 405 آلاف عنوان بزيادة 20 ألف عنوان عن العام الماضى، وذلك فى مختلف العلوم والمعارف والمعاجم وكتب أدب وثقافة الطفل والناشئة تنتمى إلى 180 لغة، كما أعلنت إدارة المعرض عن أن الفعاليات التى سيتم تقديمها ضمن دورة العام الحالى تتجاوز 580 فعالية مختلفة. وهذا ليس مجرد أرقام خيالية، لا نستطيع التأكد، أو الإعلان عن حضور أشهر كاتب فى العالم، كما نفعل فى بعض المعارض العربية الأخرى، ثم نكتشف أن هذا الكاتب الكبير لا يعلم شيئا عن المعرض. أما النقطة المثيرة للغيرة فى معرض الشارقة للكتاب، فهى مشاركة الجمهور، ووعيهم واهتمامهم بالكتاب وبالثقافة، وتنظيم المدارس هنا لرحلات إلى المعرض، الذى يحسن استقبال الطلبة، بصنع جو ثقافى، لا يمنعه وجود محال كثيرة لكل أنواع الأكل والشرب. والتعليقات التى نقولها إن هنا لا توجد روح، بل كل شىء مصنوع ومرتب، لا نجد لها حيثية عند دخولك لأرض المعرض، لتسأل: وأين تلك الروح التى ندعيها فى أنشطتنا الثقافية؟! فى حفل الافتتاح قال الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، إن المثقفين فى دولة الإمارات العربية المتحدة، يجسدون حرية أبدية، هى حرية الحكم على الأشياء، وأنهم يملكون العقل الذى يكشف أكثر الأكاذيب خداعا، ويدعم اليقينيات المستندة إلى العقل، مؤكدا أهمية أن يقوموا بأداء رسالتهم لتنوير الفكر ونشر الثقافة. لكن اللافت للنظر ما قاله إنه: «بعد أيام قليلة، ستكمل دولة الإمارات العربية المتحدة عامها الثانى والأربعين، وهى مدة قصيرة فى عمر الشعوب». وأكمل على تلك النقطة «واى إس تشى» رئيس الاتحاد الدولى للناشرين أنه مندهش أن يتحقق لمثل هذا المعرض الذى لم يتجاوز عمره ال32 عاما ليصبح واحدا من أكبر أربعة معارض للكتاب فى العالم، ويستضيف الآن أكثر من 1010 دور نشر وعارضين من أكثر من 53 بلدا، موضحا أنه منذ تنصيبه رئيسا للاتحاد أنه جاب العديد من البلدان وعقد الكثير من الاجتماعات الدولية مع الناشرين فى جميع أنحاء العالم. لكنه شديد الإعجاب بجمعية الناشرين الإماراتيين. وألقى تشى كلمة عن صناعة النشر الورقى، قائلا: «لا يخفى على الكثير منكم بأننا نعيش فى خضم واحدة من أكثر الأوقات إثارة وصخبا فى تاريخ النشر. فقد خلقت شبكة الإنترنت العديد من الفرص الجديدة للناشرين إلى جانب بعض التهديدات جعلت الكتاب الإلكترونى والقراءة الإلكترونية غير مكلفة على نحو متزايد، وأصبح المحتوى متاحا، وبشكل واسع لأكبر عدد من القراء من أى وقت مضى. فالتكنولوجيا الجديدة دفعت المؤلفين والناشرين لإعادة النظر تماما فى ماهية الكتاب. وفى الوقت ذاته فإن التكنولوجيا جعلت القرصنة الرقمية أسهل من أى وقت مضى، وأدت إلى التحديات التى تواجه حقوق الطبع والنشر على الصعيدين الوطنى والدولى. وعلى الرغم من كل هذه التغييرات، ما زال النشر أكبر صناعة للمحتوى، رغم ما طغت عليها وفى الغالب شىء من صناعة السينما أو ضجيج صناعة الموسيقى. فعندما أفكر فى مستقبل النشر، أجد بأن معارض الكتاب سوف تستمر فى لعب دور مهم فى الحفاظ على ذلك المستقبل». وبعد الحفل قام الشيخ سلطان بجولة فى أروقة المعرض استهلها بزيارة جناح جمهورية لبنان ضيف شرف المعرض، وتفقد خلالها مختلف الأجنحة المشاركة، وتوقف فى عدة أجنحة، وتحدث مع الناشرين والمشاركين، كما قام بتوقيع جزء ثالث من كتابه «سرد الذات»، وقرر إعفاء جميع دور النشر السورية المشاركة فى الدورة الحالية من معرض الشارقة الدولى للكتاب من جميع الرسوم المفروضة على المشاركة، كما قام بتخصيص مبلغ وقدره 3 ملايين درهم لدعم مكتبات دوائر حكومة الشارقة.جوائز معرض الشارقة الدولى للكتاب • جائزة شخصية العام الثقافية: الفنان فاروق عبدالعزيز حسنى، جمهورية مصر العربية. • جائزة أفضل دار نشر محلية: دار الكتب الوطنية، تسلمها جمعة القبيسى مدير الدار. جائزة أفضل دار نشر عربية: مركز دراسات الوحدة العربية، تسلمها الأستاذ حسيب برهان الدين حسيب، مدير التسويق لمركز دراسات الوحدة العربية. • جائزة أفضل دار نشر أجنبية: دار دى سى بوكس، تسلمها الرئيس التنفيذى، الأستاذ رافى دى سى بوكس من الهند. • جائزة أفضل كتاب إماراتى لمؤلف إماراتى فى مجال الإبداع، عن كتاب امرأة استثنائية لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، يتسلمها الروائى والأديب الإماراتى على أبوالريش. • جائزة أفضل كتاب إماراتى (فى مجال الدراسات)، عن كتاب درامية الأقنعة فى مسرح الدكتور سلطان القاسمى لمنشورات القاسمى، تسلمتها الكاتبة ميثاء ماجد الشامسى. • جائزة أفضل كتاب إماراتى (مترجم عن الإمارات)، عن كتاب زايد رجل بنى أمة للمركز الوطنى للوثائق والبحوث، تسلمها الدكتور عبدالله الريس، مدير عام المركز الوطنى للوثائق والبحوث. • جائزة أفضل كتاب إماراتى (مطبوع عن الإمارات)، عن كتاب صياغة السيوف والخناجر التقليدية فى الإمارات لهيئة أبوظبى للسياحة والثقافة، تسلمتها الكاتبة حليمة عبدالله راشد الصايغ. • جائزة أفضل كتاب عربى (فى مجال الرواية)، عن كتاب 6000 ميل، للكاتب محمد مهيب جبر، تسلمها صاحب دار الجندى سمير صابر عبدالله الجندى. • جائزة أفضل كتاب أجنبى (فى مجال الرواية)، فوكس هول، للكاتب جابرييل جبادا موسى، تسلمها نائب مدير دار الساقى الأستاذ عصام أبوحمدان. • جائزة أفضل كتاب أجنبى فى (مجال الإدارة والاقتصاد)، السيرة الذاتية: خلف أحمد الحبتور، للكاتب خلف الحبتور، تسلمها المدير العام لموتفييت للنشر، الأستاذ جون ديكن. • جائزة أفضل كتاب أجنبى (فى مجال الطفل)، عن كتاب عندما أشعر بالقلق، للكاتبة كورنيليا مود سبيلمان، تسلمها رئيس ألبرت ويتمان آند كومبنى، الأستاذ جون كواتروكى من الولاياتالمتحدةالأمريكية. الفائزون بجوائز اتصالات لكتاب الطفل • كتاب العام للطفل للفئة العمرية من (112 عاما): «عود السنابل» الصادر عن دار نهضة مصر للكاتبة الدكتورة عفاف طبالة ورسوم هنادى سليط. • كتاب العام لليافعين للفئة العمرية من (1318 عاما): «أجوان» الصادر عن دار نهضة مصر للكاتبة الإماراتية نورة النومان. فئة أفضل نص: • «أمى جديدة» للكاتبة الإماراتية مريم سهيل الراشدى. • فئة أفضل رسوم: «عود السنابل» للرسامة هنادى سليط من مصر. • فئة أفضل إخراج للكتاب: «عندما تغضب» الصادر عن دار أصالة للنشر من لبنان.