خصص العراقي كريم كاظم غرفة في مسكنه بالبصرة لمجموعة مقتنيات مرتبطة بصناعة السينما. جدران الغرفة عليها إعلانات أفلام أمريكية من خمسينيات القرن الماضي في توقيت إنشاء قطاع السينما العراقي. وكان كاظم يبيع الحلوى في إحدى دور العرض السينمائي بالبصرة، لكنه يقضي وقته حاليًّا بين مجموعة مقتنياته التي تشمل صورًا قديمة لنجوم السينما وشرائط أفلام ويتحسر على ما آلت إليه صناعة السينما في العراق. وقال كاظم: «هذه المجلات أو صور الممثلين وهذه أشرطة السينما جمعتهن من الخمسينيات.. من زمن الملكية.. من زمن الملك فيصل الثاني الله يرحمه. كنت أجمع مجلات واستمرت الهواية عندي، أنا بالمدرسة أجمع مجلات، أطلع منها صور لحد الثمانينيات إلى بداية الحرب، بعد الزواج وعائلة تركت وأنا أحتفظ بهن كتراث». ويعود تاريخ السينما العراقية للخمسينيات رغم أن الإنتاج لم يتجاوز عددًا قليلا من الأفلام في العام آنذاك، وأنشئت إدارة حكومية للسينما في عام 1959، لكنها لم تنتج سوى فيلمين روائيين طويلين في السنوات العشر التالية لإنشائها وعدد قليل من الأفلام الوثائقية وكانت صناعة السينما أساسًا أداة دعائية لحزب البعث الذي تزعمه الرئيس الراحل صدام حسين على مدى 24 عامًا حكم خلالها منذ عام 1979. وركزت الأفلام أساسًا على الحرب العراقية الإيرانية التي دارت بين عامي 1980 و1988 بتصوير العراق منتصرًا في الحرب التي انتهت إلى طريق مسدود ووقف لإطلاق النار. وبلغت صناعة السينما العراقية ذروتها في السبعينيات عندما أسست الحكومة أول دار للعرض السينمائي وخصصت مزيدًا من الأموال للأفلام الروائية الطويلة واستقدمت مخرجين وممثلين من أنحاء العالم العربي. وبعد أن غزا تحالف قادته الولاياتالمتحدةالعراق عام 2003 وأطاح بصدام حسين نهبت السجلات ومعدات صناعة الأفلام واستنزف العنف الطائفي الذي اندلع لاحقًا القدرات الفنية للعراق. وتباطأ إنتاج الأفلام بشدة وتدهورت البنية التحتية للصناعة، لكن وزارة الثقافة خصصت العام الماضي ما يصل إلى 4.7 مليون دولار لتمويل 21 فيلمًا منها أفلام روائية طويلة وأخرى قصيرة ووثائقية. وذكر كاظم أنه يشعر بالأسى لحال دور العرض السينمائية في العراق التي بات بعضها أنقاضًا والبعض الآخر تحول إلى متاجر. وقال: «أنا هسه من أروح العشار للمدينة من أمر على سينما شط العرب أو الرشيد هسه صارت أسواق. أباوع (أحزن) عليها.. أقول مع الأسف ماكو اهتمام بالتراث. هسه العالم أمريكا.. بريطانيا وفرنسا ومصر دولة عربية كل السينما باقية لا فلشوها ولا غيروها. أنا أجي أباوع على سينما شط العرب أشوف أسواق والرشيد مول.. أباوع وأدير وجهي. ليش؟ أتألم من أشوف». وأغلقت معظم دور السينما في العراق أبوابها وزادت موجة التفجيرات التي يشهدها البلد في الوقت الحالي مخاوف العراقيين من كل أشكال التجمعات. ويبقى كاظم بين تذكاراته يأسف إلى ما آل إليه فن السينما في بلده ويتمسك بمقتنياته حالما يوم تعود فيه أضواء دور السينما إلى العراق.