جاء تعيين متحدث رسمى باسم مصلحة الطب الشرعى لأول مرة منذ إنشائها، للرد على ما يثار من شكوك حول تقارير المصلحة، بعد الأحداث المتوالية التى برزت فيها المصلحة كطرف رئيسى، يعلن أسباب وفاة القتلى، ويعتمد الجميع على تقاريره. التقت «الشروق» الدكتور هشام عبدالحميد، المتحدث الرسمى لمصلحة الطب الشرعى، ومدير دار التشريح، فى حوار عن طبيعة عمله، وعما يثار حول تقارير المصلحة حول قتلى الأحداث السياسية. •ما المهمة التى تم تكليفك بها كأول متحدث رسمى باسم مصلحة الطب الشرعى؟ - المهمة باختصار هى توضيح الأمور، والرد على الأخبار غير الدقيقة، بعد أن طالت المصلحة الكثير من الشائعات، خاصة مع توالى الأحداث، وتشكيك البعض فى مصداقية تقارير الطب الشرعى. • ألا ترى أن خطوة تعيين متحدث رسمى للمصلحة جاءت متأخرة كثيرا، خاصة بعد توالى الهجوم عليكم فى الأحداث المتعاقبة بداية من قضية خالد سعيد ووصولا إلى أحداث رابعة العدوية؟ - بالطبع جاءت الخطوة متأخرة، لكن كبير الأطباء الشرعيين كان يقوم بتلك المهمة، ويوضح بعض المسائل التى تثير جدلا واسعا عند الرأى العام، لكن المصلحة والقائمين عليها وجدوا أنه حان الوقت لتعيين متحدث يرد على كل الشائعات ويفسر كثير من المغالطات. • هل تم الانتهاء من كتابة جميع التقارير الطبية الخاصة بأحداث ما بعد 30 يونيو وتسليمها إلى النيابات المختصة؟ - أطباء المصلحة يعملون ليل نهار من أجل الانتهاء من كتابة جميع التقارير الخاصة ببيان الصفة التشريحية وسبب الوفاة للقتلى الذين وصلوا فقط إلى المشرحة، وتم تسليم جزء كبير جدا من التقارير فى جميع الأحداث، وباقى تسليم 333 تقريرا تخص أحداث فض اعتصام رابعة العدوية، سيتم تسليم 100 تقرير منها خلال هذا الأسبوع وكل أسبوع يتم تسليم 100 آخرين، ولكن فى أحداث رابعة تم تسليم تقرير واحد خاص بالمراسل الأجنبى مايكل دوجلاس، المصاب بطلق نارى. • هل هناك حالات لقتلى لم يصلوا إلى مشرحة زينهم؟ - بالفعل فهناك 173 حالة كانت موجودة داخل مسجد الإيمان، لم يصلوا إلى المشرحة، واكتفت وزارة الصحة بالكشف الظاهرى فقط، وهى مسئولية تخص وزارة الصحة ولسنا مسئولين عنها. • أثناء أحداث الحرس الجمهورى الثانية قال عدد من المعتصمين أمام دار الحرس الجمهورى إن الجيش بدأ إطلاق النار عليهم أثناء الصلاة وهم راكعون، فهل لدى الطب الشرعى ما يثبت ذلك؟ - هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، ولم يستدل على أن أحدا أطلق عليه النار وهو راكع، وكانت أغلبية حالات الحرس الجمهورى ترتدى الأحذية، وهو ما يعنى أنهم لم يكونوا يصلون وقت إطلاق النيران عليهم، لكن هناك 17 حالة كان اتجاه إطلاق النيران عليها من الخلف إلى الأمام. • ما هو نوع العيار النارى الذى كان يستخرج من جثث القتلى، وهل اختلف العيار من قتيل لآخر؟ - هناك تعدد فى نوع العيار النارى فى كل الأحداث، ففى أحداث المنصة مثلا، كان هناك استخدام للعيار 7.62 مللى، و9 مللى، و6.35 مللى، وحالات أخرى تعذر تحديد نوع السلاح فيها لعدم استقرار المقذوف النارى، وتعدد الأعيرة يعنى أن أكثر من شخص أطلق النيران، لكننا لا نستطيع تحديد الشخص إلا بعد تسلم السلاح الذى أطلقت منه الرصاصات. • هل تسلمت المصلحة أى سلاح نارى كحرز لمطابقته بالمقذوفات النارية؟ - على طول تلك الأحداث لم تتسلم المصلحة ولا قطعة سلاح واحدة لمطابقتها بالعيار النارى، وبالتالى يصعب تحديد من أطلق النيران. • قبل أيام قال وزير الداخلية فى حوار تليفزيونى إن عددا من الجثث يوم فض اعتصام رابعة، كان مر على وفاتها أكثر من 24 ساعة أى قبل الفض، هل عاينتم تلك الجثث؟ - جميع الحالات التى وصلت من فض اعتصام رابعة كانت إصابتها فى زمن معاصر لزمن فض الاعتصام، ولم تصل أى حالة كانت متوفية قبل الفض، مع التأكيد على أن هناك 173 جثة، لم يناظرها الطب الشرعى، واكتفت وزارة الصحة بالكشف الظاهرى عليها فقط. • كم عدد الحالات التى وصلت إليكم من فض اعتصام رابعة، وما هى إصابتهم؟ - وصل إلينا 333 جثة، جميعها مصاب بأعيرة نارية، عدا 6 حالات فقط مصابة برضوض نتيجة الضرب بالحجارة والطوب. • خرج الإخوان بعد فض الاعتصام وقالوا إن قوات الشرطة أحرقت المستشفى الميدانى فى رابعة وبه أعداد كبيرة من الجثث، وكذلك عدد من المصابين الأحياء، الذين توفوا نتيجة إشعال النيران فيهم داخل المستشفى، هل ثمة علامات على الجثث تؤكد صدق تلك الرواية؟ - هناك حوالى 10 أو 12 جثة أصيبت بحروق بعد الوفاة، وصل بعضها إلى حالة تفحم، وكانت مصابة فى الأساس بأعيرة نارية، لكن لا يوجد ولا حالة واحدة تم إصابتها بحروق حيوية، أى أنها لم تصب بأية حروق وهى حية. • ما هو سبب التقصير الذى حدث أثناء أحداث رابعة من ترك الجثث ساعات طويلة أمام المشرحة دون تشريح وهو ما اضطر الأهالى لوضع أكياس ثلج عليها حتى لا تتحلل؟ - أثناء أحداث الحرس الجمهورى والمنصة، كان هناك تنسيق كامل مع وزارة الصحة لتوجيه عربات الإسعاف إلى المشرحة فى أوقات متقاربة، حتى يتمكن الأطباء من الانتهاء من التشريح، لكن فى أحداث رابعة لم ينتظر الأهالى داخل المستشفيات واقتحموها وأخرجوا الجثث دون انتظار عربات الإسعاف، فوصلت جميع الجثث فى نفس الوقت تقريبا ونظرا للعدد الكبير حدث ذلك الموقف. • ما هى السعة الإجمالية لصالات التشريح والطاولات التى يقوم عليها التشريح؟ - يوجد بالمصلحة صالتان للتشريح، كل صالة بها طاولتان فقط، وكانت شرطة الصيانة تقوم بعمل تجديدات لإحدى الصالات، فكنا نعمل فى صالة واحدة وعلى طاولتين، وهو ما أدى إلى تأخر خروج جميع الحالات، لكن الأطباء كانوا يشرحون بعض الجثث على الأرض، حتى استطعنا أن ننتهى من 5 جثث كل نصف ساعة، وبقينا نعمل هكذا لمدة 3 أيام متتالية حتى انتهينا من العمل، رغم محاولات الأهالى لاقتحام المشرحة أكثر من مرة. • عدد كبير من الأهالى خرجوا أثناء أحداث الفض وأشاعوا أن أطباء المشرحة يكتبون فى التقارير أن سبب الوفاة انتحار، هل هذا صحيح؟ - أتحدى أى شخص يخرج بتقرير من مصلحة الطب الشرعى يقول إن سبب الوفاة انتحار، بالإضافة إلى أننا لم نسلم أى تقرير حتى الآن سواء للنيابة أو الأهالى، ولو أن شخصا واحد تسلم تقريرا به «انتحار» فليواجهنا به. • ما هو سبب محاولة الأهالى اقتحام المشرحة؟ ولما لم تطلبوا تأمينا من وزارة الداخلية؟ الأهالى كانوا ينتظرون بالساعات خارج المشرحة فى انتظار الجثث، وكانوا لا يحبوا الانتظار، وكانت كل جثة يدخل معها حوالى 10 من الأهالى ولم يجد الأطباء مكانا للتشريح، وهو ما عطل العمل أكثر من مرة. - طلبنا من القوات المسلحة والشرطة تأمين المشرحة لكنهما رفضا، بدعوى أن وجودهما فى محيط المشرحة مع الأهالى كان سيزيد من حالة الاحتقان، وهو ما كان سيحدث بالفعل. • مساء ليلة فض الاعتصام قال وزير الداخلية فى مؤتمر صحفى إن الوزارة فقدت اليوم 43 شهيدا من رجال الشرطة.. كم عدد الحالات من رجال الشرطة التى وصلت إليكم فى هذه الأحداث؟ وما هى إصابتهم؟ - بداية من يوم 14 أغسطس، يوم الفض، حتى 18 أغسطس، وصل إلينا 29 جثة لضباط ومجندين من الشرطة من محيط القاهرة والجيزة فقط، بينهم 7 حالات من فض اعتصام رابعة، 2 من النهضة، و20 حالة من أحداث مختلفة بينهم حالات قسم كرادسة. • بالنسبة لضباط وجنود قسم كرادسة ما هى حالات الإصابة التى وصلوا عليها المشرحة؟ - جميعهم تعرضوا للسحل على الأرض وبهم إصابات رضية وطعنية والضرب بسلاسل وجنازير وعصى وكان معظم مازال حيا، «فى النزع الأخير». • بالنسبة لأحداث سجن أبوزعبل، يقول أهالى المتوفين إن الجثث بها آثار تعذيب وحرق، فهل هذا صحيح؟ وما هى الرواية الأصح التى مالت لها تقارير الطب الشرعى؟ - هناك 3 روايات لأحداث سجن أبوزعبل، واحدة من الأهالى تقول إن المتوفين بهم آثار تعذيب وحرق، وهى رواية غير صحيحة، فكيف يتعرض شخص للحرق ولم تحرق لحيته ورموشه وحواجبه، أما الرواية الثانية التى قالتها الداخلية، من أن السجناء عندما احتجزوا ضابطا داخل عربة الترحيلات دخل ضابط عمليات خاصة ومعه رادع شخصى ورش منه على السجناء فماتوا، وهى أيضا رواية غير صحيحة طبقا لحالات الوفاة التى وردت إلينا لأن الرادع الشخصى يحتوى على كمية قليلة من الغاز المسيل للدموع، وهذه النسبة لا تكفى لقتل شخص واحد، أما الرواية الثالثة التى خرج بها الطب الشرعى نتيجة مناظرته للجثث وتشريحها، هى أن عربة الترحيلات مكان مغلق، تم إطلاق غاز مسيل للدموع عليها ومن المنطقة المحيطة بها فأحدثت اختناقا للسجناء وتوفوا. • بعض الأهالى يقولون إن جثث أبنائهم بها علامات حروق واضحة على الجلد، ما ردكم على ذلك؟ - هذه ليست علامات حروق، لكنها علامات تعفن اختناقية، ظهرت على الجثث نتيجة الحر والرطوبة، لكنها ليست آثار حرق أو تعذيب على الإطلاق.