مدبولى: بيع عدد كبير من وحدات مشروع رأس الحكمة لمصريين وإماراتيين وسعوديين    سفير سنغافورة بالقاهرة يحتفل بالذكرى ال60 للاستقلال مساء اليوم    مسلة ورموز فرعونية تزين حفل ختام السوبر المصري قبل نهائى الأهلي والزمالك    تحرير 579 مخالفة تموينية في حملات موسعة بسوهاج    محمد المزيودي يكشف للستات مايعرفوش يكدبوا تفاصيل فكرة استعادة الآثار المهربة    وزيرة التضامن تعلن عن دعم مستشفى شفاء الأورمان بالأقصر ب10 ملايين جنيه    المستشارة أمل عمار تدعو سيدات مصر للمشاركة بقوة في انتخابات مجلس النواب 2025    فيديو يثير الجدل.. ترامب يغفو خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض    وزير النقل الأمريكي: السفر الجوي سينخفض إلى حد كبير    أبرز ملفات الشرع في واشنطن.. «قانون قيصر» و«التعاون الدفاعي» يتصدران أجندة المباحثات    محافظ المنيا يكرم الأبطال المتميزين رياضيا من ذوى الهمم    «الوطنية للانتخابات»: انتخابات مجلس النواب ستتم بنزاهة وشفافية    «الداخلية»: ضبط صانعة محتوى رقصت بملابس خادشة على وسائل التواصل الإجماعي    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «أطفال بلا مأوى» بالشرقية.. الأم تركتهم أثناء التسول    العثور على جثة شخص بها طلقات نارية في قنا    «الداخلية»: استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025 بجميع المحافظات    وزارة البترول تتفقد مستجدات مشروع إنتاج الأمونيا الخضراء بمجمع «موبكو» بدمياط    وزير الثقافة يلتقي نظيره القطري لمناقشة عدد من المشروعات الثقافية    وزير الصحة يبحث مع ممثلي «الصحة العالمية» تعزيز جهود مواجهة الكوارث والطوارئ    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    تحسين الأسطل : الأوضاع في قطاع غزة ما زالت تشهد خروقات متكررة    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    موفدو الأوقاف بالخارج يبادرون لأداء واجبهم الوطني في انتخابات مجلس النواب بمقار السفارات والقنصليات المصرية بالخارج    محافظ البحيرة تتفقد مدرسة STEM.. أول صرح تعليمي متخصص لدعم المتفوقين    رئيس منتدى مصر للإعلام تستقبل رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    «تنتظره على أحر من الجمر».. 3 أبراج تقع في غرام الشتاء    سمير عمر رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة يشارك في ندوات منتدى مصر للإعلام    محافظ قنا يترأس اجتماع لجنة استرداد أراضي الدولة لمتابعة جهود التقنين وتوحيد الإجراءات    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر ديسمبر 2025 ل 11 مليون مواطن    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    ما حكم الخروج من الصلاة للذهاب إلى الحمام؟ (الإفتاء تفسر)    استلام 790 شجرة تمهيداً لزراعتها بمختلف مراكز ومدن الشرقية    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    أهم 10 معلومات عن حفل The Grand Ball الملكي بعد إقامته في قصر عابدين    تعزيزات أمنية واسعة استعدادًا لانتخابات مجلس النواب 2025 بالفيوم    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    القاهرة تحتضن منتدى مصر للإعلام بمشاركة نخبة من الخبراء    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    تأجيل محاكمة 10 متهمين بخلية التجمع لجلسة 29 ديسمبر    «كفاية كوباية قهوة وشاي واحدة».. مشروبات ممنوعة لمرضى ضغط الدم    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    وفاة الكاتب مصطفى نصر بعد تعرضه لأزمة صحية مفاجئة    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    مواعيد مباريات الأحد 9 نوفمبر - نهائي السوبر المصري.. ومانشستر سيتي ضد ليفربول    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. تعرف على لجنتك الانتخابية بالخطوات    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    «الكلام اللي قولته يجهلنا.. هي دي ثقافتك؟».. أحمد بلال يفتح النار على خالد الغندور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخوف كإنه كلب!
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 09 - 2013

ليست رواية (عام التنين) للكاتب الرائع محمد ربيع من الروايات التي تسهل حكايتها، وليست أيضا من الروايات التي يسهل نسيانها، ستكتشف ذلك بنفسك بعد أن تقرأها.
تفتتح الرواية صفحاتها برسالة يبعث بها شخص مجهول الإسم إلى حسني مبارك فور توليه منصب الرئيس، متعهدا له أنه سيرسل عبر وسيط من المخلصين العاملين في خدمته رسائل حافلة بنصائح ستساعده على الإمساك بزمام الحكم، لتبدأ بعد ذلك أحداث الرواية التي تحكي وقائع حياة المواطن نعيم أبو سبعة الذي يعمل في مهنة تجليد الكتب الآيلة للإنقراض، وتتخلل تلك الوقائع في تناغم فني مدهش رسائل الناصح الأمين إلى الوسيط الذي يخاطبه دائما ب «عزيزي صلاح»، فنفهم مع أول رسالة تقدمها الرواية أن كاتب الرسائل غير راضٍ عما يحدث في البلاد بعد أكثر من 25 عاما قدم فيها نصائحه لمبارك فأهملها، لتهتز قبضته الممسكة بزمام الأمور في البلاد، ويصبح لزاماً عليه أن يطبق تلك النصائح لكي يعود للسيطرة على البلاد.
صدرت رواية محمد ربيع عام 2012 عن دار الكتب خان ويبدو من المعلومات المنشورة في نهاية الرواية أنه بدأ كتابتها في عام 2010 عقب إصدار روايته الممتعة (كوكب عنبر)، ومع ذلك لن تشعر أنها رواية تتحدث عن عصر مبارك وحده، بقدر ما تتحدث عن علاقة المواطن المصري بالدولة البوليسية في كل العصور، بل إنك ستشعر لو أعدت قراءتها في هذه الأيام أن رسائل الناصح الغامض التي لم يقم صلاح بإيصالها إلى مبارك، بدأت تصل هذه الأيام وبدأ تطبيقها بحذافيرها، ولكي تتأكد تعال لنقرأ سويا هذه المقتطفات من إحدى رسائل الناصح الغامض، واحكم بنفسك.
«عزيزي صلاح.. كبداية أود أن يعود غموض الدولة إلى عهده السابق، اريد أن يظن الناس أن بإمكان وزير الداخلية القبض على أي شخص وحبسه وتغريمه، أود أن يصمت الناس عند أي ذكر للدولة، عند أي ذكر للحكومة أو للإدارة أو المؤسسة أو الرئاسة أو المخابرات أو أمن الدولة أو الأمن العام أو الأمن الوقائي أو الأمن الصحي أو الأمن الغذائي أو حتى كير سيرفيس. هذا الصمت الكئيب قاطع الأنفاس.
لقد عاش المصريون زمنا رائعا من قبل، كان ذكر اسم صلاح نصر كفيلا بإصابة سامعه بالرعب لبقية أيام الأسبوع، ثم جاء زمن هدد فيه الناس بعضهم بعلاقاتهم بالمخابرات، أبي يعمل في أمن الدولة، أخي يعمل في المخابرات الحربية، ثم جاء وقت ملعون راحت فيه هيبة كل أجهزة الدولة، الأكثر من هذا، أصبحت مهمة ومسئولية الأجهزة معروفة للكثيرين أو هكذا يظنون. غياب الغموض هو أحد أهم أسباب اعتياد الناس على انتقاد الحكومة، هم الآن يعرفون المسئول عن الخطأ من يجدر بهم انتقاده ومن يجب عليهم تأييده أو مهادنته.
يجب أن نطور المجتمع المصري، أن نعيده إلى سابق عهده، لا أنكر أن إنجازاتكم التي تحققت خلال السنوات الماضية بالغة العظمة، هائلة ولم ينجزها أي حاكم مصري على مر التاريخ، لكن الرغبة في الوصول للكمال يجب أن تظل الرغبة الأساسية المحركة لكم، أنتم أوصلتم الشعب المصري إلى مرحلة الانبطاح، وهي أفضل ما توصل إليه حاكم مصري من قبل، لكني أريد أن أطور المرحلة، أريد أن أتجاوز مرحلة الانبطاح، لا يمكن للمصري أن يظل منبطحا طوال الوقت، أريدكم أن تصلوا بالمواطن المصري إلى مرحلة الفلقسة...
الخوف من الفقد هو مفتاح التحكم بالطبقة المتوسطة، والخطوة القادمة تطوير الخوف عند الطبقة المتوسطة، أن يخاف المواطن المصري خوفا مجردا، خوفا من المجهول، من المستقبل، من كل ما يحيطه، وليس خوفا من فقد ممتلكات تافهة فقط. الخوف هو أشهر محفز للناس، أو قل في حالة المواطن المصري المتوسط هو أشهر «مثبط» للناس. الخوف من الموت قد يكون دافعا للإنسان العادي لمقاومته، بالهرب مرة وبمواجهة الخطر مرة أخرى، سيقوم الإنسان العادي بذلك في حال وضوح الخطر المحدق به، حينما يتأكد أن الخطر القادم نحوه قد يودي بحياته، لكني لا أود أن يهرب المصريون من الخطر، وبالطبع لا أود أن يقاوم المصريون الخطر، بل أود أن يستسلموا للخطر، وأن يكون رد فعلهم متمثلا في فعلين: الصمت والسكون.
ولكي نصل إلى هذه النتيجة، يجب أن تكون أسباب الخوف عند المصريين عديدة... مشاعر الخوف والكراهية المتبادلة هي التي ستجعل الجميع مشغولين بمعاداة بعضهم بعضا، العداوة الاجتماعية القائمة بين المصريين ستجعل من الصعب توحيد صفوفهم في مواجهة مبارك، وبالطبع في مواجهة أي حاكم. الوحدة بين صفوف المصريين هي العامل الوحيد الذي قد يكسر عناد مبارك، احذروا تلك الوحدة. وكما تحكم الأنظمة المحترمة شعوبها بالخوف، يجب أن يُحكم المصريون بالخوف. فالغرض من إثارة مخاوف الشعوب لم يكن فقط تفريق صفوفهم وإنما كان لشغلهم بشكل عام عن تحركات الحاكم. فكما الارهاب والانهيار الإقتصادي وزوال الحلم الأمريكي المتمثل في الرخاء والحرية والديمقراطية، مخاوف لدى المواطن الأمريكي، تكاد تصل به إلى التخلي عن الرخاء والحرية والديمقراطية.
يجب أن تُخلق مخاوف شبيهة للمصريين، الخوف من التطرف الإسلامي والحرب مع اسرائيل والفوضى الداخلية، وأضف طبعا الإنهيار الإقتصادي... الخوف يا عزيزي هو الحل، حتى الأنظمة الموبوءة بالديمقراطية تسيطر على شعوبها بالخوف، تلك الغريزة الأساسية التي تتحكم في أذكى الناس، يعتمدون على خلق عدو، يهدد الشعب بالدمار، بالانهيار الاقتصادي، بالانهيار الأخلاقي، بالموت... الخوف الجماعي دائما أكبر وأخطر تأثيرا من الخوف الفردي، الجماعي يتعاظم كلما زاد عدد الخائفين، هؤلاء يساعدون على تضخيم الخوف أيضا وعلى خلق أبعاد أخرى للخوف، يساعدون بلا وعيهم الجماعي على تعظيم البعبع «.
في رواية محمد ربيع تنجح نصائح الغامض في مساعدة التنين مبارك على إعادة السيطرة على البلاد ليسير معارضوه وفي مقدمتهم محمد البرادعي في موكب النادمين، وهو اختيار فني لا يتحدث عن مبارك كشخص، بل عن نموذج الحاكم الذي ينجح في السيطرة على الشعب بفضل الخوف، فهل يكتب الشعب المصري لنفسه في الواقع نهاية مختلفة، أم يفضل أن يعيش ثانية في أسر الخوف ويعيد الفيلم من أوله؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.