لا ينبغى على الأطراف المعنية أن تنهى المفاوضات بالاعتراف بفشلها. فجميعنا، أى نحن والفلسطينيون والإدارة الأمريكية، يجب أن نبذل كل ما أمكن للحيلولة دون ذلك. وإذا تبين أن التباينات الأيديولوجية بين حكومة نتنياهو ومنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة محمود عباس، كبيرة جدا (مثلما تبدو عليه اليوم)، ينبغى بذل مجهود إضافى للتوصل إلى حل يقضى بالإعلان فورا عن قيام دولة فلسطينية ضمن حدود مؤقتة انسجاما مع المرحلة الثانية من «خطة الطريق» التى وضعتها إدارة الرئيس بوش. وسيتوجب إعطاء محمود عباس ضمانات بألا تتحول التسوية المؤقتة إلى تسوية دائمة، وتكون هذه الضمانات المهمة الرئيسية للولايات المتحدةالأمريكية. وإذا فشلت المحادثات، فإن هذا سيدفع بالفلسطينيين نحو الأممالمتحدة وسيدفع بحكومة إسرائيل إلى البناء من جديد فى المستوطنات، وسيعلى الأصوات المناهضة لحل الدولتين، وسيبعدنا عن ضمان مستقبل إسرائيل بوصفها دولة يهودية وديمقراطية فى آن معا. وفى غضون ذلك، تجرى المحادثات وكأن التسعة أشهر تسعة أعوام، فقد مر شهر ولم يحدث شىء. يعقد لقاء تفاوضى أسبوعى لكن لا يحضره أى طاقم مفاوض متخصص من جانبنا. ولم تشكل لجنة تضم مهنيين لإدارة المفاوضات. ولا يتعدى الأمر نشاطا جانبيا تقوم به وزيرة العدل الإسرائيلية «تسيبى ليفنى» المنشغلة بالمسائل اليومية لوزارتها، وبمؤتمرات المحامين الإقليمية، بالإضافة إلى نشاط محام خاص (مولخو) ينحى متابعة قضاياه جانبا لعقد لقاءات «سرية» مع شركائنا الفلسطينيين. لا أدرى لماذا تجرى الأمور هكذا، ولماذا لا نكرس كل لحظة للعمل على تقدم المسار الذى وافقنا على العودة إليه، ولماذا إسرائيل غير مستعدة للدخول إلى قاعة المفاوضات بحضور (المبعوث الأمريكى) مارتن إنديك (هل لأنه يهودى؟ أم لأنه كان سفيرا فى إسرائيل؟ أم لأنه كان عضوا فى منظمة «الإيباك»؟) ما الذى ينبغى أن يفعله أيضا دبلوماسى أمريكى كى يحق له المشاركة فى جلسات المفاوضات المهمة إلى كل هذا الحد؟ وفى الواقع فإن الفلسطينيين هم الذين يطالبون بحضوره. حبذا لو نسمع خبرا سارا عن تحقيق اختراق بعد نحو ثمانية أشهر. لكننى أخشى كثيرا عدم حصول هكذا أمر، إلا إذا أجرى تغيير حقيقى فورى فى طريقة العمل. وإذا كان هناك أحد من طرفنا يعتقد أنه «يكسب الوقت»، فسيتضح له أن فشل المحادثات سيضعنا فى موقف أصعب منه قبل أن نعاودها.
زعيم سابق لحركة «ميرتس» «يسرائيل هيوم» نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية