نشرت جريدة نيويورك تايمز، اليوم الثلاثاء، تقريرا إخباريا عن الوضع الراهن في مصر، وسبل التوصل لحل متوازن للضغط على الحكومة المصرية للانتقال السلمي للديمقراطية من جانب، والحفاظ على العلاقات الدبلوماسية بين مصر والإدارة الأمريكية من جانب آخر. وقال التقرير، إن الإدارة الأمريكية اتبعت سياسة دبلوماسية هادئة وكثيفة، على مدار 4 أسابيع مضت، ثم حاولت الدخول في عملية سياسية جديدة لحفظ التوازن، فمن جانب تقوم بالضغط على المسؤولين في مصر لنبذ العنف واستعادة المسار الديمقراطي، أما على الجانب الآخر تحاول الحفاظ على تأثيرها المستقبلي على القوات المسلحة، وعدم إفساد أي ترتيبات أمنية، التي هي أساس العلاقة بين البلدين خلال ثلاثة عقود. وأشار التقرير إلى أن وزير الدفاع الأمريكي، تشاك هاجل، طالب خلال عدة مكالمات تليفونية مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع والإنتاج الحربى، بتغيير المسار المتبع حاليا في السياسة المصرية، في حين وجد المستشارون القانونيون للإدارة الأمريكية مبررا قانونيا لتجنب قطع المعونة الأمريكية عن مصر- على حد وصف التقرير. فيما أكد البيت الأبيض، الاثنين الماضي، عدم وجود أي خطط لقطع المعونة عن مصر، عقب الإعلان عن تأخير تسليم 4 طائرات مقاتلة «F- 16» لمصر. وكشف التقرير أن مشكلة الإدارة الأمريكية، ليست فقط في علاقة أمريكا بالقوات المسلحة المصرية، ولكن أيضا في علاقتها بإسرائيل، موضحا أن مصالح إسرائيل الأمنية تعتمد بشكل كبير على مسئولي الإدارة الأمريكية، الذين يحاولون تعزيز مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وأضاف التقرير "أن إسرائيل تعتمد على الجنود المصريين على الحدود، للتخلص من الإسلاميين المتطرفين في شبه جزيرة سيناء، مما دفعها لحث أمريكا على عدم قطع المعونة العسكرية، التي هي أحد ركائز اتفاقية السلام 1979 بين مصر وإسرائيل". بينما اعتبر عدد من المحللين السياسيين أن أحداث «النصب التذكاري» التي وقعت السبت الماضي، تشير إلى عدم التفات المسؤولين في مصر لمناشدات أمريكا، وهو ما أدى إلى زيادة تعقيد الموقف، وصعوبة الحفاظ على التوازن بين «الأمن والديمقراطية»- بحسب ما ذكر التقرير، ورأى مسئول كبير في الإدارة الأمريكية، أن الحكومة المصرية تعرف كثيرا عن النظام الأمريكي، وتعرف جيدا أنه لا يمكنها العمل بمبدأ أن «كل شيء مسموح»، مشيرا إلى أن الموقف في مصر قد يكون بعيدا عن الولاياتالمتحدةالأمريكية، "فقد تكون مواقف الإدارة الأمريكية خارج حساباتهم". وأضاف المسئول أن الإدارة الأمريكية مازالت تقتنع بتأثيرها القوي على القوات المسلحة المصرية، حيث طلب السيسي من وزير الدفاع الأمريكي «المزيد من الدعم الخطابي من أمريكا تجاه مصر». وعن موقف القوات المسلحة المصرية في حال توقف المعونة الأمريكية، اعتبر بعض المحللين، أن الجيش سيستمر في القيام بدوريات عسكرية في سيناء ليحل محل الشرطة المصرية، التي يتم استهدافها في عمليات إرهابية في سيناء. في المقابل، رأى بعض المحللين أن الجيش المصري قد يزعم أنه من دون هذه المعونة الأمريكية، لن تكون لديه الموارد اللازمة للقيام بتلك العمليات. وفي حال توقف المعونة الأمريكية لمصر، أكد المحللون، أن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، سيواجه ضغوطات كثيرة لعدم تقديم أية تنازلات للفلسطينيين، خاصة في النواحي الأمنية. وقال دانيال كيرتزر، السفير الأمريكي الأسبق بالقاهرة وإسرائيل، إنه في حال تدهور الأوضاع في سيناء ما سيؤثر على أمن إسرائيل "فلن يحصل نتنياهو على الدعم السياسي الذي يساعده في الدخول في مفاوضات". وفي السياق حذر عدد من المحللون، أنه في حال قطعت الإدارة الأمريكية المعونة عن مصر، ستفقد نفوذها الوحيد عليها، وسيؤكد ذلك أيضا شكوكا لدى المصريين عن دعم أمريكا للإخوان المسلمين، وهو ما أكده أيضا دنيس روس، المستشار السابق للرئيس الأمريكي أوباما، لشئون الشرق الأوسط، حيث قال "سيؤدي ذلك إلى وجود رد فعل ضدنا، وسيجعلنا دون تأثير على الحكومة المصرية"، مشددا على أن الإدارة الأمريكية يجب أن توضح أن هناك «خطوطا حمراء»، إذا تعدتها الحكومة المصرية سيتم قطع المعونة، مؤكدا ضرورة كسب كل من السعودية ودولة الإمارات- باعتبارهما من أكبر الداعمين لمصر ماليا- في الصف الأمريكي للضغط على المسؤولين. وأكد المحللون "أن الجدل حول «قطع المعونة من عدمه» يفيد عدم وجود سياسة جديدة للتعامل مع مصر، مؤكدين أن البيت الأبيض لم يراجع سياسته في التعامل مع مصر منذ تنحي الرئيس الأسبق مبارك عام 2011. ونتيجة لذلك جاء رد فعل الحكومة الأمريكية على اشتباكات القاهرة والإسكندرية الأخيرة عشوائيا- بحسب ما وصفه المحللون، طبقا للتقرير، مثل منع الطائرات ال«F 16» عن مصر والذي قد يكون غير مؤثر في التعامل مع دولة تواجه ثورة عارمة.