إهمال كامل للشئون الاقتصادية والاجتماعية، وزيادة فى معدلات البطالة، وارتفاع فى الأسعار، وغياب الاحتياجات الأساسية للمواطنين من البوتاجاز إلى رغيف الخبز، بينما كان مشغولا بتمكين جماعة الإخوان فى الوزارات والمحليات»، بهذه الكلمات لخصت رئيسة المجلس القومى للمرأة، السفيرة ميرفت التلاوى، عاما كاملا تحت حكم الرئيس السابق محمد مرسى، كانت المرأة خلالها واحدة من ضحاياها، بدءا من صياغة دستور لا يضمن لها المساواة بالرجل، وصولا إلى تقليص ميزانية المجلس التى لم تعد كافية لتغطية أنشطته. ● ما تقييمك لأداء الرئيس السابق محمد مرسى خلال عام فى الحكم؟ طول فترة حكمه قدم وعودا كثيرة دون أن ينفذها، سواء على الصعيد السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى، كما أنه لم يهتم خلالها بالأزمات اليومية للمواطنين، وانشغل بالدعوة إلى مناقشات وحوارات سياسية، مرة بشأن قانون الانتخابات، وأخرى بشأن تعديل الدستور، وكانت المحصلة إهمالا كاملا للشئون الاقتصادية والاجتماعية، وزيادة فى معدلات البطالة، وارتفاعا فى الأسعار، وغيابا لاحتياجات المواطنين الأساسية من البوتاجاز إلى رغيف الخبز. ولم يكن أداء مرسى مرضيا، لكونه انشغل طوال الوقت بالسياسة المبنية على تمكين جماعة الإخوان فى الوزارات والمحليات، وهو ما أثر على تركيبة الدولة، أما فيما يتعلق بعلاقته بالمجلس القومى للمرأة، فلم يقم حتى بتنفيذ أى من طلباته الخاصة بتعديل اللائحة الداخلية له، فقد طالبته فى أغسطس الماضى، بإصدار قرار جمهورى بإعادة تشكيل المجلس، بعد اعتذار عدد من أعضائه عن الحضور، مثل سمير مرقص، وصابر عرب، اللذين تم تعيينهما فى مناصب قيادية بالدولة، وهو ما أدى إلى فراغ ثلث مقاعد المجلس. كما طلبت من الرئيس زيادة الميزانية الخاصة بالمجلس، من خلال المنح والمعونات الأجنبية التى تصل إلى الدولة، التى تخصص الدول المانحة جزءا منها للمرأة بصفة خاصة، فميزانية المجلس هى 30 مليون جنيه سنويا، تخصص نسبة 53% منها للرواتب، والباقى للخدمات والأنشطة التى يقدمها المجلس فى كل محافظات الجمهورية. وفى عام 2012، تلقت الدولة منحة من البنك الدولى قيمتها 200 مليون دولار، اشترط أن يخصص ثلثها لدعم المرأة، لكن للأسف خصصت الرئاسة هذه الحصة للصندوق الاجتماعى للتنمية، غير المعنى باحتياجات المرأة، وعندما طلبت من وزير التخطيط والتعاون الدولى الأسبق أشرف العربى، تخصيص هذه الأموال للمجلس، لم يهتم، ولا حياة لمن تنادى. ● هل تعرض المجلس لضغوط من مؤسسة الرئاسة خلال فترة حكم مرسى؟ كانت هناك مساعٍ من الرئاسة لاستبدال المجلس بما أطلقت عليه «مساعدة الرئيس لشئون المرأة»، وهو ما لم نسمع عنه من قبل، ولا توجد حاجة حقيقية له، فمن الممكن أن يوجد مساعدون للرئيس فى الشئون الخارجية أو القانونية أو الاجتماعية، لكن لماذا المرأة؟، لماذا اختار هذه الفئة تحديدا، ولم يعين مساعدة الشئون الطفل أو المعاقين؟، الإجابة أن الرئاسة كانت تهدف لإنشاء هيئة أو جهة موازية، بما يسمح بإلغاء المجلس، حتى لو يصدر قرار رسمى بإلغائه، فعلى أرض الواقع. الرئيس السابق جعل شخصا آخر يشتغل فى مجال المرأة، من خلال المبادرة التى أطلقها للحفاظ على حقوق المرأة، علما بأن الأجهزة والشخصيات التى اختيرت للعمل ضمن المبادرة غير مختصين فى هذا المجال، مثل هيئة الاستعلامات، التى أنشأها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى الخمسينيات، لإفادة قادة الدولة بأخبار العالم الخارجى، علاوة على مركز البحوث الاجتماعية والجنائية، المختص بدراسة قضايا مثل أولاد الشوارع والزواج العرفى. أما المجلس القومى للمرأة فلديه أكثر من 27 مكتبا لتلقى الشكاوى الخاصة بالتمييز ضد السيدات، والعنف ضدهن، كما يوجد لديه 32 وحدة مختصة بتكافؤ الفرص، هدفها توعية الوزارات بدور المرأة، وأخذ فرصتها فى الترقيات والبعثات إلى الخارج، فمن هو الجهاز الذى يمكنه القيام بكل ذلك؟.. كانت خطة الرئاسة تقضى بهدم المجلس لمجرد الهدم، وليس لأنه سيئ، وإنما لأنه تم إنشاؤه فى عهد النظام السابق عليه. ولم يتمكنوا من فرض موضوعات بعينها على أجندة المجلس، لأنهم لا يفهمون فى موضوعات المرأة، لكن كل ما كانت تقوله جماعة الإخوان هو ممنوع وضع السيدات فى قوائم الانتخابات، حتى لا يتم تمثيلهن فى البرلمان، فالمرأة ليست فى حساباتها، وكانوا يمارسون ذلك لمجرد الانتقام. ● لكن فى ظل محاولات أخونة الدولة، هل كانت هناك محاولات لأخونة ملفات فى المجلس؟ إطلاقا، فالمجلس ربما يكون الجهاز الوحيد فى الدولة الذى لم تتم أخونته، لأنه على مدار فترة حكم مرسى كان يعترض يوميا على مؤسسة الرئاسة أو مستشارى الرئيس، بالإضافة إلى إرسال شكاوى ومذكرات إلى وزرائه، فلوزارة الصحة كنا نعترض على من يقول إن وسائل منع الحمل حرام، ولوزارة الأوقاف التى أمرت الدعاة ألا يتحدثوا عن تنظيم الأسرة وغيره، بالإضافة إلى الاعتراض على محاولات وقف المناهج الموجودة فى الوزرات منذ 20 عاما، فهذا التفكير المنغلق كانوا يريدون به وضع المرأة فى سلة المهملات، لأنهم يعتبرونها دون قيمة أو كيان، رغم تكريم الإسلام للمرأة. ● كانت هناك دعوات من البعض بإعادة هيكلة المجلس، كيف ترين هذه الدعوات؟ - المجلس مضبوط تماما، ولا يحتاج إلى هيكلة، أما المطالبون بهذه الهيكلة فهم يريدون الانتقاد فقط، فالمجلس يحتاج 3 أمور، أولها إعادة تشكيل أعضائه، لأن ثلثهم غير موجودين، وثانيها النظر فى تمويل أنشطته، ليصل إلى القرى والنجوع فى المناطق الريفية على مستوى الجمهورية، وهو ما يمكن أن يتم من خلال تخصيص جزء من المنح والهبات الوافدة من الخارج له، لسد ثغرة التمويل، وثالثها، هو أن تهتم السلطة الحاكمة بالخطط التى يضعها المجلس للمرأة، من تشريعات إلى تمثيلها بشكل عادل فى الدستور، لأنه دون ذلك سيكون هناك انفصال بين السلطة صاحبة القرار، وبين هيئات ومؤسسات الدولة. ● كيف تعامل المجلس مع ما تردد عن ممارسة ضغوط لمنع ضم إيناس عبدالدايم إلى حكومة حازم الببلاوى كوزير للثقافة؟ - كانت هناك ضغوط بالفعل من جانب التيار الإسلامى لمنع تعيين عبدالدايم، وهو ما دفع المجلس إلى إصدار بيان، يعبر فيه عن احتجاجه على الرضوخ للأحزاب الإسلامية، كما أكدنا أن هذا العمل غير مطمئن. فعلى أى أساس ترضخ الحكومة لهذا التيار، فنحن إذا رضخنا فى تشكيل الحكومة، فسنرضخ أيضا عند تعديل الدستور، وصياغة قوانين الانتخابات النيابية المقبلة، وبذلك نعيد ما حدث عقب ثورة 25 يناير، وهو أمر غير مسموح أبدا. ● ما هى أبرز المواد التى يطالب المجلس بتعديلها فى الدستور أو إدراجها فى الدستور الجديد؟ نطالب بتحديد كوتة للمرأة، تمثل نسبة 30% فى المجالس النيابية والمحلية، ونفس النسبة فى التشكيل الوزارى والمناصب القيادية فى الدولة، لأنه دون ذلك لن يكون هناك تمثيل للمرأة فى الحياة السياسية، بسبب الجهل والفقر التى تعيشه المرأة، كما نطالب باحترام الاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر، واعتبارها جزءا لا يتجزأ من القوانين الوطنية، وهى اتفاقيات تمنع عمالة الأطفال، والإتجار فى البشر، والزواج المبكر. ● إذا لم تستجب السلطة الحاكمة لمطالب إقرار دستور جديد، هل سيشارك المجلس فى لجنة الخمسين المكلفة بتعديل الدستور المعطل؟ سنشارك، والمجلس أعد بالفعل قائمة تضم 10 سيدات للمشاركة عنه، أبرزهن النائبة السابقة لرئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشارة تهانى الجبالى، والمحامية منى ذو الفقار، بالإضافة إلى عضوتين فى المجلس، وسيتم عرض الأسماء على رئيس الجمهورية المستشار عدلى منصور، لكى يتم تمثيلهن فى اللجنة، ومناقشة المواد الخاصة بالمرأة فى الدستور.