حذر البنك الدولى، فى تقرير حديث له بعنوان «رأس مال للمستقبل»، من ارتفاع تكاليف نظام المعاشات فى مصر وعدد من الدول النامية خلال السنوات المقبلة مطالبا بإجراء اصلاحات فى تلك النظم تخفف من أعبائها المالية. ويأتى ذلك فى الوقت الذى لم تقدم فيه الحكومة المصرية رؤية واضحة حول سبل إصلاح نظام المعاشات الحالى، حيث جمد البرلمان المنحل تطبيق قانون جديد للتأمينات وضعته آخر حكومات الرئيس المخلوع مبارك حتى يوليو 2013، ولم يتم اتخاذ أية إجراءات حيال ذلك حتى الآن. ستتجه تكاليف نظام المعاشات إلى الارتفاع كنسبة إلى الناتج الإجمالى فى عدد من الدول النامية بشرق أوروبا وأمريكا اللاتينية ومصر والأردن خلال العقود المقبلة، بحسب ما يظهر فى سيناريوهات مستقبلية وضعها البنك الدولى، متوقعا زيادة تكاليف نظام المعاشات، كنسبة من الناتج الإجمالى، من 4% إلى 5.2% فى 2030 ثم إلى 7.3% فى 2050. وتعد تكاليف نظام المعاشات فى مصر أعلى من دول كالهند، بنسبة 1%، وجنوب إفريقيا، بنسبة 1.9%، والصين، بنسبة 3.4%، بينما تنخفض كما يظهر فى بيانات التقرير عن دول كالبرازيل، بنسبة 9% والأرجنتين، بنسبة 7.4% وتركيا، 6.3%. وأرجع التقرير زيادة تكاليف نظم المعاشات إلى عاملين رئيسيين هما زيادة عدد المواطنين فى سن المعاش وانخفاض حجم المساهمة التى يدفعها المواطنون كاشتراكات للتأمينات أثناء فترات عملهم. كانت حكومة أحمد نظيف قد أصدرت قانونا جديدا للتأمينات قبل عام من اندلاع الثورة، رقم 135 لسنة 2010، سعى إلى دمج قطاعات من العمالة غير المنتظمة فى نظام التأمينات وقام على التأمين على الأجور الفعلية للعاملين وتخفيض سن المعاشات، وهى الإجراءات التى لاقت معارضة واسعة، وقام أول برلمان منتخب بعد الثورة بتجميد العمل بهذا القانون حتى يوليو من العام الحالى، وهو ما يجعل استمرار تجميده حتى الآن «وضعا غير قانونى» وفقا لمحمد معيط الذى كان مساعدا لوزير المالية لشئون التأمينات وقت إصدار القانون فى 2010. وتوقع التقرير أن ترتفع نسبة المواطنين ممن تتجاوز أعمارهم سن 65 من إجمالى السكان بمصر من 5 % إلى 8.7% فى 2030 والى 14.2% فى 2050. وتواجه نظم للمعاشات اعباء تفوق اعباء النظام المصرى بدرجة كبيرة كالنظام الأوكرانى الذى يقدر تقرير البنك الدولى أن تكاليفه ستتجاوز نسبة 20% من الناتج الإجمالى فى 2050، مشيرا إلى أن البلاد قامت بإصلاحات متأخرة وغير شعبية فى نظام التأمينات، حيث قامت بزيادة أعمار المعاشات لمعالجة الوضع المالى لنظامها التأمينى الذى يرجع إلى حقبة الاتحاد السوفييتى. وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ عدد المصريين المؤمن عليهم فى عام 2010 2011 نحو 16.7 مليون مواطن باجمالى اشتراكات 32.7 مليون جنيه. «نظام المعاشات الحالى يغطى نحو نصف قوة العمل إذا حسبنا قوة العمل غير الرسمية التى لا تتمتع بتغطية تأمينية» كما يضيف معيط، ل«الشروق». ومع اتساع قاعدة المواطنين المتمتعين بتغطية تأمينية قد يصل متوسط المعاشات التى يحصل عليها العاملون بقطاعى الاعمال العام والخاص نحو 500 جنيه، بينما يبلغ متوسط المعاشات بالقطاع الحكومى نحو 800 جنيه، وفقا لتقديرات معيط.