تصاعدت المخاوف من وقوع خسائر كبيرة في الأرواح في ولاية جونغلي بجنوب السودان بعد أكثر من اسبوع من المعارك القبلية العنيفة فيها، وتصريحات لبعثة الأممالمتحدة كشفت فيها أنها وجدت 200 جريح على الأقل في قرية واحدة فقط. وقال توبي لانزر منسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في جنوب السودان "إن نحو 200 جريح قد وصلوا من مانيابول، القرية البعيدة في ولاية جونغلي الشرقية حيث تتقاتل مليشيات متنافسة من إثنيات مختلفة".
وتعد مانيابول إحدى المستوطنات في منطقة واسعة تضررت بالقتال، مما يعزز المخاوف من أن يكون عدد القتلى والجرحى في أماكن أخرى في هذه الولاية الفقيرة قد يكون أكبر بكثير.
ولم يقدم المسؤول الأممي أرقاما عن عدد الضحايا، لكنه حض الزعماء المحليين على "الإيقاف الفوري لدوامة العنف التي تؤدي إلى خسارات لا معنى لها بالأرواح وإلى معاناة كبيرة في صفوف المدنين".
وفي حوادث عنف سابقة شهدتها هذه المنطقة المنكوبة بالنزاعات، قتل المئات وربما الآلاف من المدنيين.
غارات
وتقوم الأممالمتحدة بنقل المصابين بجراح خطيرة جوا إلى المستشفى في بور عاصمة الولاية لمعالجتهم طبيا، حيث تتولى منظمة "أطباء بلا حدود" دعم البنى والخدمات الإساسية للمستشفى.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مارتن سيرل المتحدث باسم منظمة أطباء بلا حدود قوله "لقد شاهدنا جروحا نجمت عن إطلاق النار وكسور في الأرجل"، مضيفا أننا تسلمنا حتى الآن 22 مصابا و"نتوقع المزيد".
وتشيع الغارات للاستيلاء على قطعان الماشية وأعمال القتل الانتقامية في هذه المناطق المفتقرة الى مشاريع التنمية والغارقة بالإسلحة من بقايا الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من عقدين.
بيد أن القتال الذي اندلع منذ أكثر من أسبوع ذو حجم وطبيعة مختلفين.
وأفاد مسؤولون محليون بأن أرتالا من مئات، إذا لم يكونوا آلاف، المسلحين من مليشيا قبلية يشقون طريقهم صوب قلب منطقة تسكنها قبيلة منافسة.
واوضحوا أن مسلحين من قبيلة اللو نوير من شمال جونغلي يتوجهون جنوبا نحو بيبور التي تسكنها قبيلة المورلي.
ويقاتل جيش الحركة الشعبية، الذي أصبح الجيش الرسمي لجنوب السودان في المنطقة ذاتها لإخماد حركة التمرد التي يقودها ديفيد ياو ياو، الذي يتحدر من قبيلة المورلي ، منذ عام 2010.
وأضاف لانزر أنه يخشى اختباء "آلاف المدنيين" في الغابات والأحراش دون مأوى حقيقي هربا من القتال الدائر.
انتهاكات
وكان مسؤولون في الخارجية الأمريكية قالوا هذا الأسبوع أنهم " قلقون جدا من تصاعد التقارير عن اساءة معاملة المدنيين، وبضمنها عمليات اغتيال واغتصاب وضرب".
وحذر السفراء الأوروبيون في جوبا،عاصمة جنوب السودان، السبت من أن الاشتباكات قد تفاقم من الأوضاع الإنسانية الحرجة في المنطقة.
واتهمت جماعات حقوق الإنسان كل الأطراف في النزاع بالقيام بانتهاكات لحقوق المدنيين وعمليات اغتصاب.
وتعيد هذه الاشتباكات إلى الذاكرة مشهد قيام نحو 8 آلاف من اللو نوير في ديسمبر/كانون الأول 2011 بالتوجه جنوبا وممارسة أعمال قتل ونهب انتقاما لما قالوا إنها هجمات سابقة من مقاتلي المورلي على قراهم وقطعانهم.
وقدرت الأممالمتحدة عدد من قتلوا في هذا الهجوم ب 600 شخص، وقدر مسؤولون محليون عدد الضحايا بأكثر من ذلك بكثير.
وكانت ولاية جونغلي إحدى أكثر الأماكن تضررا بالحرب الأهلية التي شهدها السودان للفترة من 1983 إلى 2005 بين الشمال والجنوب، والتي انتهت بتوقيع إتفاق سلام مهد الطريق لإعلان جنوب السودان دولة مستقلة.