استعرض ديفيد كنر، الكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، اعتراض الصحفيين المصريين على حضور أحد المراسلين التابعين لقناة فضائية عربية، ومحاولتهم طرده من المؤتمر الصحفي الذي عقده العقيد أركان حرب محمد أحمد علي، المتحدث باسم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لإلقاء الضوء على أحداث العنف التي وقعت أمام دار الحرس الجمهوري. وقال «كنر»، في سياق مقال نشر في مجلة «فورن بوليسي»، اليوم الأربعاء، عندما اجتمع الصحفيون في القاهرة لحضور مؤتمر صحفي مع المتحدث العسكري المصري، أبدى بعض الصحفيين انتقادهم الشديد لواحد منهم، وقبل بداية المؤتمر الصحفي، هتف الصحفيون مطالبين بطرد مندوب قناة الجزيرة، وعندما غادر المندوب وسط هتافات الحاضرين، أكد المتحدث العسكري للحاضرين أنه "يدعم حرية الصحافة، وأن مصر بلد الحرية والديمقراطية".
وأكمل المقال: "لم تكن تلك هي العقبة الأولى التي واجهت قناة «الجزيرة» التي يتهمها مناهضو الرئيس المعزول محمد مرسي بالتعاطف مع الإخوان المسلمين، فقد نشرت مراسلة الجزيرة بالإنجليزية شيرين تادرس صورتين لمنشورين جرى توزيعهما بالقرب من المكتب في القاهرة، يقول أحدهما «الرصاصة قد تقتل رجلاً، لكن الكاميرات الكاذبة تقتل أمة»".
واستطرد «كنر» في مقاله ب«فورين بوليسي»، "ليست الجزيرة المنفذ الإعلامي الوحيد الذي تعرض للنقد، فعلى امتداد البلاد هناك انقسام إعلامي يعكس كيف تعمل السياسة في الشارع الآن، حيث تذخر بخطاب مفرط في سخونته يقضي على أي احتمال للتوصل إلى حل وسط. وما زالت الطريقة التي يمكن بها للبلد أن يلم شمله بعد هذه الصدمة، أو حتى يتفق على خطاب واحد بشأن ما حدث، لغزًا".
وأشار إلى، أنه "من بين محطات التليفزيون الأمريكية، تعرضت ال«سي إن إن» للنقد لما يراه معارضو مرسي تغطية غير متعاطفة، حيث انتقد المتظاهرون قرار الشبكة الفوري تسمية الأحداث ب«الانقلاب»، وهاجموا الشبكة لوصفها مظاهرة معارضة لمرسي في التحرير بأنها مؤيدة للرئيس المعزول، حيث حمل بعض المتظاهرين لافتات مكتوب عليها «سي إن إن تدعم الإرهاب»، بينما نظم المصريون في مدينة نيويورك مسيرة للاحتجاج على تغطية الشبكة".
وتابع المقال "كشأن المواطنين المصريين أنفسهم، يبدو إلى حد كبير أن الإعلام يعمل في عالمين منفصلين. فبينما أُغلقت القنوات الإسلامية بعد وقت قصير من تولي الجيش أمر البلاد، أعطت بعض المنافذ المعارضة لمرسي قراءها انطباعًا بأن الدولة بالإجماع مؤيدة لخروج الإخوان المسلمين من السلطة. فقد تجاهلت صحيفة الجمهورية المعادية بقوة للإسلاميين المظاهرات الضخمة المؤيدة لمرسي. ولا تذكر صفحتها الأولى لعددها الصادر يوم أحداث الحرس الجمهوري، شيئًا عن قتل عشرات من المتظاهرين المؤيدين لمرسي فالعنوان الرئيسي يقول «ثورتنا ليست انقلابًا»، فيما نقل مقال آخر عن مصادر قضائية ما يكشف أن الإخوان المسلمين خربوا التحقيق الذي يجري بشأن الهجوم على السجون أثناء الانتفاضة المصرية في عام 2011، وأن القضية لن يُعاد فتحها".
وأكمل مقال «كنر»، "تتسم التغطية التليفزيونية بأنها مسيسة بالقدر ذاته، كما يقول عادل عبد الغفار، الزميل الزائر بالجامعة الأمريكية في القاهرة، ففي المحطات المعارضة لمرسي يُصوَّر الصراع بشكل كبير على أنه معركة ضد الإرهاب، وليس نزاعًا بين قوتين سياسيتين، حيث أشار عبد الغفار إلى أن الرسالة التي زينت ذيل الشاشة أثناء برنامج للقناة الفضائية «سي بي سي»، التي كانت تعرض فيديو لمظاهرة ضخمة معارضة لمرسي في التحرير، هي «ضد الإرهاب»، وقال عبد الغفار "لقد بات مقبولاً أن تقول «إرهابيو رابعة العدوية»، بناء على الموقع الرئيسي الذي يعتصم فيه مؤيدو مرسي، وبالطبع في الوقت نفسه يُشار إلى الناس الذين في التحرير على أنهم «الثوار»".
وتناول المقال الشخصيات الإعلامية البارزة والفاعلة في النزاع السياسي قائلاً "بالنسبة لكثير من الشخصيات الإعلامية البارزة المشاركة في النزاع، ليس الأمر متعلقًا بالسياسة فحسب- بل هو مسألة شخصية. فقد ورد ذكر كل من مالك سي بي سي محمد أمين، ومالك دريم أحمد بهجت، بالاسم، في خطاب مرسي الذي اتسم بالتحدي، في السابع والعشرين من يونيو. وقد ردت المحطتان الجميل بنقد المعارضة الإسلامية في كل مناسبة، عقب تولي الجيش أمر البلاد".
وعلى جانب آخر، استعرض «كنر»، في مقاله، معالجة الإخوان إعلاميًا قائلاً "لم يكن المنفذ الإعلامي للإخوان المسلمين أفضل حالاً بالطبع، فقد نشر الموقع الرسمي للجماعة مقالاً يزعم أن الرئيس الذي عينه الجيش عدلي منصور يهودي في السر، وإن تم حذف المقال لاحقاً، كما نشر الحزب السياسي التابع للإخوان المسلمين صورًا لأطفال موتى قيل إنهم قُتلوا أثناء إراقة الدماء عند مقر الحرس الجمهوري، بينما الواقع هو أنها التُقطت في سوريا، وانتهز المتحدث العسكري هذه الغلطة في مؤتمر صحفي عُقِد اليوم، قائلاً إنها دليل على «حملة الأكاذيب والحرب النفسية» ضد الدولة. وكانت تلك أحدث دفعة نيران يتم إطلاقها في الحرب الإعلامية شديدة القبح".