لقد كان لثورة ميدان التحرير عدة أهداف، لكن الأهمّ بينها كان تحقيق الديمقراطية. وخلال مسيرة النضال من أجل الديمقراطية، منح الشباب العلمانى الذى كان أول من بدأ الثورة، السلطة للجيش. ثم أعطيت السلطة من خلال صناديق الاقتراع إلى الإخوان المسلمين. واليوم بعد مرور عامين ونصف العام، فإن مصر ليست على وشك الدخول فى ثورة جديدة بل فى حرب أهلية. إن التظاهرات التى دعت إليها المعارضة يوم الأحد من شأنها أن تضع مصر على فوهة بركان.
لقد تمكن الإخوان المسلمون بدعم من الشارع وبالوسائل الديمقراطية، من الفوز بجميع المعارك الانتخابية منذ تشرين الثانى/نوفمبر 2011. وفى 30/6/2012 أصبح مرشحهم محمد مرسى رئيساً للجمهورية. ومنذ ذلك الحين تسبّب مرسى والإخوان بتراجع مصر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وتحوّل مرسى بالنسبة إلى جزء من المصريّين، شخصاً أكثر سوءاً من مبارك. ووقّع نحو 18 مليون مصرى عريضة تطالبه بالاستقالة.
ومن المفارقات أن الدعم الذى لم يحصل عليه مبارك من واشنطن يحصل عليه مرسى. فقد شرحت السفيرة الأمريكية فى القاهرة، آن باترسون، للمعارضة المصرية التى تسعى إلى الإطاحة بمرسى، أن الأخير يختلف عن مبارك لأنه فاز فى انتخابات حرة. وفى رأيها أن على المعارضة الانتظار حتى موعد الانتخابات المقبلة.
وفى الواقع، فإن فوز الإخوان فى الانتخابات زاد حالة الشلل السياسى والقانونى فى مصر. ولم يستطع الاستفتاء العام من أجل تغيير الدستور ولا الانتخابات البرلمانية وبعدها الانتخابات الرئاسية، فى تدعيم سلطة الإخوان، بل حصل العكس. ففى ظل ارتفاع أسعار الوقود والديزل والقمح، واستمرار انقطاع الكهرباء، وارتفاع معدلات الجريمة فى شتى أنحاء مصر، لم تعد نتائج الانتخابات ذات أهمية بالنسبة إلى جزء كبير من سكان مصر البالغ عددهم 85 مليوناً، مثلما هى مهمة بالنسبة لواشنطن.
يعتقد مرسى أن تظاهرات يوم الأحد محاولة من جانب الأقلية الليبرالية لإسقاطه. وإعلانه هذا الأسبوع أنه ارتكب «أخطاء»، دليل على الضغط الكبير الذى يتعرض له. ومن بين الأخطاء الكبيرة التى ارتكبها دخوله فى مواجهة مع الجهاز القضائى الذى أثبت للشعب أن مصر استبدلت طاغية مدنياً بآخر متدين. أما الخطأ الثانى فكان المواجهة مع المؤسسة العسكرية.
وبسرعة فائقة بات من الصعب لمرسى أن يجد مؤيّدين له فى مصر الهائجة. حتى الأزهر الذى يمثل السلطة الدينية العليا، أعطى الضوء الأخضر للمحتجّين. ولا يُظهر الأقباط رغبتهم فى مساعدته. أما السلفيون، شركاؤه الطبيعيون الذين حصلوا على ربع مقاعد البرلمان، فيتطلعون إلى وراثته والحلول محله.
لكن ثمة من يتحدث فى القاهرة عن امتلاك الإخوان المسلمين ميليشيا إسلامية مستعدّة للتضحية بحياتها على طريقة الباسيج فى إيران. فإذا كانت هذه الإشاعة صحيحة، فمن المنتظر أن تكون تظاهرات يوم الأحد دموية.