واجه قطاع الصناعة المصرى كثيرا من الضغوط منذ اندلاع ثورة 25 يناير، من عدم استقرار سياسى وملاحقات قضائية لعدد من رجال الأعمال إلى نقص فى الطاقة، أدى إلى تخوف العديد من المستثمرين وإحجامهم عن تنفيذ أى من المشروعات أو التوسعات الجديدة. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن قطاع الصناعة نجح فى تحقيق لأول مرة منذ الثورة، نموا إيجابيا ب3.2% فى الربع الأول من 2013، بالإضافة إلى زيادة فى الصادرات وتراجع فى فاتورة الواردات.
الشروق حاورت وزير الصناعة والتجارة، حاتم صالح، عن تحديات الصناعة خلال الفترة المقبلة، لا سيما مع اقتراب 30 يونيو، وما قد يصاحبه من اضطرابات سياسية جديدة.
• ما هى توقعاتكم بالنسبة ل30 يونيو المقبل؟ هل ما يثار من تخوفات حول هذا اليوم كان سببا فى تعطيل أى من الاستثمارات الخارجية أو أى من المشروعات الجديدة؟ نحن نرحب بالتظاهر السلمى ولا نخشاه، ولكن أى شخص يتعدى حدود السلمية، لابد من مواجهته، لأن أى انهيار أو تفتت فى المجتمع سيؤدى إلى انهيار الدولة كلها، ولن يميز بين فصيل وآخر.
لقد اجتهدنا من أجل توصيل رسالة تطمئن العالم الخارجى، مفاداها أنه بالرغم من اختلاف القناعات السياسية، فإن هناك توافقا على أهمية النهوض بالاقتصاد. وهذه الإرادة فى الاستمرار بعثت برسائل طمأنينة للمستثمرين الأجانب. وهناك 7 استثمارات ايطالية صناعية جديدة مؤكدة، لا أستطيع الإفصاح عن حجمها بعد، تعاقدت معنا على بدء نشاطها فى مصر منتصف يوليو المقبل. لم ينتظر أصحاب تلك الاستثمارات مرور 30 يوليو ليتعاقدوا معنا، وسيأتون إلى مصر فى منتصف يوليو لدراسة بدء التنفيذ. بالإضافة إلى ذلك، نجحنا فى الاتفاق مع اتحاد الصناعات الإيطالى على تسويق منطقة صناعية جديدة فى العلمين، وسيتولى كونسورتيوم مصرى إيطالى البنية الأساسية لهذه المنطقة.
• هل رفض الحكومة لتطبيق مزيد من الإجراءات التقشفية لحين اتمام الانتخابات البرلمانية وراء تأجيل قرض صندوق النقد الدولى؟ الحكومة ليست مسئولة عن التأخير فى توقيع القرض، فهناك شبه اتفاق نهائى على برنامج الاصلاح، وتوقيت التطبيق للإجراءات المختلفة.. ولكن ادارة الصندوق تترقب الأوضاع السياسية، ولا تريد أن تتأخذ أى قرار قبل وضوح الرؤية، تخوفا من ملاءة مصر المالية وقدرتها على سداد القرض.
• لماذا لم يتم الإعلان عن التصور النهائى لخطة تحرير أسعار الطاقة إلى المصانع؟ لقد انتهينا، بالتعاون مع اتحاد الصناعات، من كل التفاصيل الخاصة بالخطة، وعدد السنوات والشرائح. وبالرغم من ضغوط رجال الصناعة لإطالة سنوات التحرير، فإن هذا لن يحدث. خطة التحرير لن تتجاوز ال4 سنوات. ولكن مفاوضاتنا مع شركات الأسمدة بشأن المعادلة الجديدة لربط سعر الغاز المورد إليهم، بسعر اليوريا العالمى، هو سبب التأخير، ولكن هذه المفاوضات لن تطول على شهر، ولذلك سيتم تأجيل تطبيق الخطة إلى منتصف أغسطس المقبل.
• أعلنت الوزارة أكثر من مرة عن معايير جديدة لصرف دعم الصادرات تعالج التشوهات السابقة.. لماذا لم يتم الإعلان عن أى تفاصيل؟ التأخير بسبب صياغة منهجية جديدة وسليمة تحتاج إلى دراسة عميقة، ولقد انتهت إدارة صندوق دعم الصادرات من وضع المنهجية الجديدة، وسنجتمع معها الأسبوع المقبل على أن يتم الإعلان عن المعايير الجديدة، على الفور. ومن أهم ملامح هذه المنهجية، مراعاة القطاعات الصناعية الاولى بالرعاية، والتى لها بعد استراتيجى، مثل تلك كثيفة الاستهلاك للعمالة، أو التى تساهم فى التعميق الصناعى. ولقد اتفقنا على أن يتم تخصيص نسبة مستقلة من إجمالى الدعم للصناعات الصغيرة والمتوسطة.
• هل هناك مفاوضات بالفعل لزيادة دعم الصادرات فى موازنة 2013-2014؟ وهل رقم 8 مليارات جنيه مطروح للنقاش؟ الوزارة على قناعة بضرورة زيادة دعم الصادرات مع بدء تحرير أسعار الطاقة، وهذا ما نتفاوض عليه حاليا مع وزارة المالية، لن أفصح عن المبلغ المطروح من قبل الوزارة، ولكنه من الطبيعى أن نطلب مبلغا كبيرا لكى نحصل على مبلغ معقول.
• بعض الشركات تشكو من تأخر صرف مستحقاتها.. لماذا هذا التأخير؟ هذا نتيجة تراكم المديونية خلال السنوات السابقة، ولكننا قمنا بجدولة جزء كبير منها خلال العام المالى الحالى، ومن المخطط الانتهاء من المديونية نهائيا خلال العام المالى القادم. تحديات السوق المحلية • تعانى السوق المحلية من نقص فى بعض السلع نتيجة اتجاه كثير من المصنعين إلى السوق الخارجية لتعظيم مكاسبهم، فهل لديكم خطط للسيطرة على ذلك؟ نحن نراقب السوق عن كثب، ونراقب الشركات وأداءها ووضعنا أيدينا فى الفترة الأخيرة على كثير من الممارسات الضارة، ولذلك ترقبوا قرارات وشيكة بفرض رسم صادر على بعض السلع الأساسية لإعطاء الأولوية للسوق المحلية، وتشجيع التعميق الصناعى.
• ماذا عن نقص الطاقة الذى يواجه المصانع.. هل هناك فى الأفق قرارات جديدة تستهدف ترشيد استهلاك الطاقة؟ هناك مجموعة من القرارات المرتقبة لترشيد استهلاك الطاقة، فالوزارة تدرس تحديد المواصفات الاستهلاكية للأجهزة المنزلية، مثل الثلاجة والبوتاجاز، لتكون قليلة الاستهلاك للطاقة.
• أصدرت وزارة الصناعة فى ديسمبر الماضى قرارا بفرض رسم إغراق على واردات الحديد لمدة 200 يوم أوشكوا على الانتهاء، هل ستمدون العمل بهذا الرسم؟ لم تنته اللجنة المختصة من دراسة الملف بعد، وسيتم عرض الملف على الوزارة فور الانتهاء منه، وسيتم الإعلان عن القرار النهائى خلال عشرة أيام. ولكنى أحب أن أؤكد أننا لن نستجيب لأى ضغط، وأن ما يحكمنا فى استمرار القرار من عدمه انقضاء أو استمرار الضرر الواقع على الصناعة المصرية.
• انخفاض قيمة الجنيه فى مواجهة الدولار تحديا كبيرا للصناعة، ولكنه حد من فاتورة الواردات، وأدى إلى ارتفاع الصادرات.. وهو ما تتغنى به الوزارة، بالرغم من تأكيدات الخبراء، بأن هذا الانجاز واهٍ لا يعكس نشاطا حقيقيا بل دليلا على انكماش.. ما تعليقكم على ذلك؟ هذا كلام غير صحيح، الانكماش يعنى انخفاض فى فاتورتى الصادرات والواردات معا.. وهذا لم يحدث.. والناس التى تتدعى أن زيادة الصادرات ليست حقيقية وإنما نتيجة لارتفاع الدولار خاطئة.. فالصادرات، وهى مقيمة بالدولار، حققت زيادة 5% خلال الربع الأول من 2013. فى الوقت نفسه، حققت الواردات، مقيمة أيضا بالدولار، تراجعا 19% خلال نفس الفترة. لو كنا نريد التغنى أو المراوغة لكنا صدرنا أرقام الزيادة بالعملة المحلية والتى تصل إلى 20%.
• هل سيكون لقرار مقاطعة سوريا تأثيرا سلبيا على النشاط الملحوظ فى الميزان التجارى بين البلدين؟ لا أريد التطرق إلى هذا الأمر، فهذا قرار سياسى، ولا شأن له بالتجارة. ولكنى أحب أن أوضح أن حجم التجارة بين البلدين أصبح ضئيلا للغاية فى الفترة الأخيرة، والأهم من ذلك أن القرار لن يمس الأفراد والشعب بل يستهدف فقط الرئاسة السورية.
أخونة وزارة الصناعة والتجارة • يجرى حاليا انتخابات اتحاد الصناعات.. وترددت أنباء عن بعض التدخلات من قبل الإخوان لترشيح أحمد أبوهشيمة رئيسا للاتحاد، فما تعليقك؟ هذا كلام عار تماما من الصحة، أنا مع أن يقوم رجال الصناعة فى الاتحاد باختيار رئيسهم، وهذا هو أهم تعديل فى قانون اتحاد الصناعات. فتعيين الرئيس من قبل وزير الصناعة والتجارة كثيرا ما أثار شكوك حول الاسم المرشح. ولهذا طالبنا بالتعديل، ولكن الانتخابات الجارية لن تلحق التعديل.. ولكنى قررت العمل بمضمون التعديل، ولذلك سأقوم باختيار رئيس الاتحاد من الأعضاء المنتخبين من قبل رجال الاتحاد.
• ترددت أنباء عن أخونة الوزارة، لا سيما مع تعيين عدد من المستشارين الذين ينتمون إلى الإخوان.. وتعيين حسن مالك رئيسا لمجلس الاعمال المصرى السعودى، هل هذا صحيح؟ لا أحب مصطلح الأخونة، فالإخوان فصيل من المجتمع، ولا أقبل بأى حال التمييز لهم أو ضدهم.. وأنا حين أقوم بتعيين أحد فى الوزارة لا أنظر إلى خلفياته ولا انتماءاته بل إلى مؤهلاته.. وهذه الاتهامات ليست إلا لتجبرنا على التمييز ضد الإخوان، كما كان هناك فى عهد النظام السابق، ولكن هذا لن يحدث.
• تبدلت الوجوه من رئيس وحكومة ووزراء ولكن النظم لم تتغير.. وهو ما أثار اتهامات باستمرار الفساد واستغلال الحكومة لنفس النظم لتصب فى مصلحتهم.. هل هذا ما كنت تقصد بمقولتك «مبارك لم يمت وكلنا مبارك»؟ عندما قامت الثورة تم تغيير الحاكم، ولكن الأهم من تغييره، هو تغيير القيم، ولكن للأسف حتى الآن القيم لم تتغير.. والنظام نفسه جزء من هذا المجتمع، وتغييره لن يقوم فى يوم وليلة بل يحتاج إلى وقت، والأهم من ذلك وجود الإرادة للتغيير، وإلا سيتم إفراز نسخة جديدة من النظام السابق.. وأنا أرى أن هناك إرادة فى إحداث هذا التغيير ولتناول الأشياء بمنظور مختلف.