بحضور نخبة من المبدعين والمثقفين والساسة، احتفى الصالون الثقافى لمركز إعداد القادة، ضمن سلسلة قادة الإبداع، بالكاتب والروائى الكبير علاء الأسوانى، فى لقاءٍ تناوب الحضور فيه الخاص والعام، وطغت عليه الأحداث السياسية وأهمها ملفا تحويل مجرى النيل، والهجمة على الثقافة. وبتنوع كتابات الأسوانى ونشاطه السياسى وتأثيرهما، تنوع حضور احتفاليته، التى أدارها المهندس يحيى حسين، مدير مركز إعداد القادة، وحضرها كلٌ من الكاتب الكبير محمد المخزنجى، د. محمد غنيم، السفير إبراهيم يسرى، الناقد صلاح فضل، المخرج مجدى أحمد على، الفنان إيمان البحر درويش، الكاتب الصحفى عبدالله السناوى، الكاتب الصحفى ياسر رزق، الكاتب الصحفى أكرم القصاص، الفنانة مها البدرى، د. أحمد دراج، الإعلامية بثينة كامل، الكاتب أسامة غريب، والشيخ مظهر شاهين وغيرهم.
قام هؤلاء عبر أكثر من ثلاث ساعات، بتفكيك السيرة الإبداعية ومسيرة العمل العام لصاحب «عمارة يعقوبيان»، من خلال مداخلات مكثفة، استهلها السفير إبراهيم يسرى الذى تحدث عن أدب الأسوانى واصفا إياه بأنه من نوعٍ خاص، غير مسبوق، فضلا عن إسهاماته السياسية، وحضوره فى المشهد الأدبى العالمى.
واختتم يسرى كلمته بمناشدة الحضور بوصفهم «قوة مصر الناعمة» أن يهبوا للدفاع عن نهر النيل الذى يتعرض ل«الاغتيال» فيما البيروقراطية الحاكمة لا تفعل شيئا».
أما د. محمد غنيم فاعتبر الاحتفال بالأسوانى بهذا المستوى، ردا أبلغ على «الهجمة الشرسة» التى تتعرض لها منظومة الثقافة المصرية بجميع أنماطها»، مشيرا لأن الأسوانى يعد مثلا فى الإنجاز والوطنية، والإخلاص للعمل العام، إضافة إلى إلمامه بالأدب العالمى، وحضوره خلاله، طبعات متعددة وجوائز، ليس من بينها جائزة مصرية.
تعليقا على تلك النقطة قال الأسوانى إن جوائز الدولة فى مصر ليست جوائز بالمعنى الصحيح وإنما هى منح من الحكومة، مؤكدا أنه رفض جائزة الدولة عندما عرضها عليه د. عماد أبوغازى فترة توليه أمانة المجلس الأعلى للثقافة لأنها كانت مقدمة من فاروق حسنى.
تركيزا على جانب الكتابة الأدبية للأسوانى وصفها الناقد د. صلاح فضل ب«المعجزة» التى استغرقت عقدا واحدا من الزمان، بالإضافة لتحمله مسئولية التعبير عن الضمير المصرى فى أعمق أشكاله، موضحا أن الأسوانى فتح مجالا كبيرا ليصحح العلماء والباحثون والأدباء رؤيتهم لوظيفة الأدب فى الحياة، بالجمع بين عدة إشعاعات تصب كلها فى بؤرة واحدة.
متقاطعا مع ما ذكره فضل قال الكاتب الكبير محمد المخزنجى إن «الظاهرة الحقيقية» التى يمثلها الأسوانى خدمت الكتابة والقراءة والكتاب كذلك، حيث إن الكتابة قبله كادت أن تنحرف لتعبر عن موقف المثقف المحبط، الفوضوى، وتنحو منحى عدم الوضوح والتلكؤ، موكدا أن تاريخ الأدب سيؤرخ أن هذه الظاهرة لم تستسلم للسائد، ولم تنتظر دغدغات الكتابات النقدية المدرسية، واختطت لنفسها طريقها الخاص، فاستطاعت الكتابة عبرها أن تكتشف أيضا طريقها الخاص.
وفى السياق ذاته، قال المخرج مجدى أحمد على، إنه صار فى تاريخ الأدب، ما يعرف ب«عصر ما قبل يعقوبيان» و«عصر ما بعد يعقوبيان»، مشيرا إلى أن تجربة الأسوانى نجحت فى تحويل الأدب فى مصر إلى تيمة شعبية.
خلال الندوة قام د. يحيى حسين بتسليم الأسوانى درع مركز إعداد القادة وشهادة تقدير.، واستغل الأسوانى السرد الذى افتتحت به الأمسية لسيرته الذاتية، لتوجيه التحية لزوجته السيدة إيمان تيمور، مؤكدا أن لها الفضل الأكبر فى وصوله لهذا النجاح، وعبرها وعبر ابنته ندى الأسوانى، وجه الأسوانى التحية للمرأة المصرية والعربية.
وأكد الأسوانى أن الكتابة بالفعل صارت انحيازه الأول الذى تنازل من أجله عن الحياة فى أمريكا، أو دول الخليج التى عرضت عليه مبالغ مغرية، مشددا على أنه لا يعد نفسه سياسيا وإنما كاتبا. وجاء هذا التعقيب ردا على مداخلة الكاتب الكبير عبدالله السناوى التى أشار فيها إلى حضور فكرة الأب فى حياة كتابات الأسوانى، وأنه يعتقد أن جزءا من سعادة الأخير بنجاح تجربته هو انتقامه لصورة الأب (عبدالوهاب الأسوانى) الذى لم يأخذ حقه.
أما المهندس أحمد بهاء شعبان قيادى حركة كفاية فتحدث عن الجانب السياسى فى مسيرة الأسوانى، مؤكدا أنه سياسى داهية، كاشفا عن أن تاريخ الحركة المصرية عندما يكتب فسيؤكد أن بذور الثورة الحقيقية وضعت على يد مجموعة من الوطنيين عملوا فى صمت ولم يحصلوا على أى مغنم، ومن بين هؤلاء علاء الأسوانى.
وفى السياق تحدث الشيخ مظهر شاهين عن الهجمة على الثقافة مستنكرا محاولة تلبيسها عباءة الدين،فيما اعتبر الكاتب أسامة غريب أن الأسوانى موهبة استثنائية فذة، واصفا إياه بأحد البسطاء الأقوياء، ممن يملكون شخصية استثنائية. أما الفنان إيمان البحر درويش، فقد اختار التعليق على أغلب القضايا المطروحة عبر أغانى جده سيد درويش العابرة للأزمنة، كقضية المرأة والنيل، وأهدى الأسوانى أغنية «أنا المصرى كريم العنصرين».