لم يكن يعرف أهالى محافظة الوادى الجديد، مصدرا للمياه العذبة منذ عشرات السنين، إلا من خلال الحفر فى باطن الأرض، والاعتماد على الآبار، التى كانت قادرة على تلبية احتياجات السكان هناك نظرا لقلة الكثافة السكانية آنذاك، ومع ارتفاع عدد السكان، بدأت عمليات البحث عن مصادر جديدة للمياه ليتم الاعتماد على الآبار الضخمة المعروفة ب«العيون الجارة»، والتى تفيض منها المياه دون استخدام أدوات رفع أو معدات شفط. لكن مع تغير التركيبة السكانية والطبيعة الجغرافية، شهدت محافظة الوادى الجديد، بداية لعملية إعمار حقيقية أطلقها الرئيس جمال عبدالناصر بعد ثورة 1952، بإنشاء محافظة الوادى الجديد جنوب الصحراء الغربية.
ومع ارتفاع الكثافة السكانية، وعجز الآبار عن تلبية احتياجات المواطنين، بحث أبناء المحافظة عن مصادر جديدة لمياه النيل، وفى عام 1998 بدأت تسريبات المياه تظهر من خلال مفيض توشكى فى اتجاه الغرب من بحيرة ناصر بحوالى 22 كيلو مترا، نتيجة ارتفاع منسوب المياه بالبحيرة، لتتكون ثلاثة منخفضات تركزت فيهم المياه العذبة واستقرت فى منطقة مفيض «الخور» جنوب مركز باريس.
ويعود اكتشاف منطقة مفيض الخور لعام 2001، عندما نشأت ثلاث بحيرات بالمنطقة، البحيرة الأولى على مساحة 300 كيلو متر مربع بطول 25 كيلو مترا وعرض 12 كيلو مترا من الشرق للغرب، وتحتوى على 18 مليار مترا مكعبا من المياه العذبة، وهناك أيضا، البحيرة الثانية على مساحة 180 كيلو متر مربع بطول 45 كيلو، وعرض 4 كيلو مترا، وتحتوى على 11 مليار متر مكعب من المياه، وتضم المنطقة أيضا بحيرة ثالثة على مساحة 450 كيلو مترا مربع، بطول 30 كيلو مترا، وتحتوى على 27 مليار متر مكعب، فى حين لاتزال المياه راكدة فى البحيرات الثلاث دون استغلال يذكر.
يقول زهرى محمد، أحد أهالى قرى الثمانين جنوب درب الأربعين: «نعانى من جميع ألوان الظلم وانعدام الحياه الآدمية، فأعطال آبار الرى متكررة، والتيار الكهربى من خلال مولدات الديزل غير منتظم بسبب أزمة السولار».
وأضاف قائلا: «لا توجد محطات لتنقية المياه، فالمياه تنقل من مدينة باريس من خلال خزانات وكل مواطن يحصل على جراكن للاستخدام الشخصى، وفى حالة عدم وصولها يتم الاعتماد على مياه الآبار، رغم وجود مياه النيل بمفيض الخور، إلا أنه حتى الآن لم تصلنا».
وطالب، إبراهيم على، أحد أهالى القرية، بتوفير مياه النيل للسكان، حتى يتمكنوا من الزراعة وتعمير الصحراء».
وأشارت المهندسة سمية خليل رئيسة الوحدة المحلية لمدينة باريس، إلى ضرورة تدخل الدولة لاستغلال مياه مفيض الخور، وإقامة مجتمع متكامل. ويرى أحد الخبراء الجيولوجيين، بالإدارة العامة للمياه الجوفية بالوادى، رفض ذكر اسمه، أنه لابد من استغلال تلك الكميات الهائلة من المياه فى الزراعة، مع تخصيص جزء من بحيرة ناصر لتجديد المياه بالمفيض. مؤكدا أن الخزان الجوفى بالمحافظة يعد جزءا من خزان الحجر الرملى النوبى بالصحراء الغربية، الذى يعد من أكبر خزانات المياه الجوفية بالعالم.