السد العالي يستقبل مياه نهر عطبرة والنيل الأبيض.. خبير يكشف التفاصيل    قرار جمهوري مهم بشأن البنك المركزي خلال أيام    الذهب يرتفع وسط تراجع الدولار وترقب اجتماع ترامب وبوتين    سعر الفراخ اليوم الأربعاء 13-8-2025 فى المنوفية    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    أسعار النفط تستقر بعد بيانات عن تباطؤ الطلب الأمريكي    رئيس وزراء نيوزيلندا: نتنياهو فقد صوابه وتجاوز كل الحدود    اصطفاف القافلة ال14 من المساعدات تمهيدا لدخولها من مصر إلى غزة    «الترويكا الأوروبية» تهدد بإعادة فرض عقوبات على إيران في هذه الحالة    توافق مصرى سعودى على ضرورة التوصل لاتفاق لوقف إطلاق نار فى غزة    تحرك الدفعة ال 14 من شاحنات المساعدات إلى معبر كرم أبو سالم    رئيس وزراء نيوزيلندا: نتنياهو فقد صوابه.. والهجوم على غزة أمر غير مقبول    النصر السعودي يضع الرتوش الأخيرة لصفقة التعاون    القنوات الناقلة مباشر لمباراة باريس سان جيرمان ضد توتنهام في نهائي السوبر الأوروبي.. والموعد    رسميا.. كولومبوس الأمريكي يعلن اقتراب انضمام وسام أبو علي    البدري: توجنا بالدوري الأصعب.. وقدمنا كرة هجومية مع أهلي طرابلس    نيوكاسل يعلن التعاقد مع المدافع الألماني ماليك تشاو    التحقيقات: سارة خليفة صنعت 600 كيلو إندازول المخدر    محافظ الجيزة يعلن اليوم المرحلة الثانية لتنسيق القبول بالثانوية العامة    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي، بأقل التكاليف    «الصحة»: السيطرة على حريق محدود بمستشفى حلوان العام دون إصابات    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    صافرة أمين عمر تقود مباراة بيراميدز والإسماعيلي    موعد مباراة الأهلي وفاركو في الدوري المصري الممتاز.. والقنوات الناقلة    عاجل| أمريكا تستعد لتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية    مصطفى كامل ل أنغام: عفا الله عما سلف    تفشي عدوى بكتيرية في فرنسا يحتمل ارتباطها بالجبن الطري    ما الشهادات المتاحة حاليًا في بنك مصر؟ قائمة كاملة بالأعلى فائدة    رسميًا.. قائمة أسعار الكتب المدرسية لجميع المراحل التعليمية 2025/2026 «تفاصيل وإجراءات الصرف»    الحوثيون في اليمن: تنفيذ عملية عسكرية بست مسيرات ضد أهداف إسرائيلية    جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 للعاملين بالدولة وجدول الحد الأدنى للأجور    المتحدة تُطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    خشب المسرح أخده ونزل، لحظة سقوط فنان أسباني شهير أثناء حفله في الأرجنتين (فيديو)    مرشحو التحالف الوطني يحسمون مقاعد الفردي للشيوخ بالمنيا    محافظ المنيا يقرر تخفيض مجموع القبول بالثانوي العام والفني    4 أبراج تفتح لها أبواب الحظ والفرص الذهبية في أغسطس 2025.. تحولات مهنية وعاطفية غير مسبوقة    الشيخ رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله    ما حكم الوضوء لمن يعاني عذرًا دائمًا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    نشرة التوك شو| زيارة تاريخية للرئيس الأوغندي لمصر.. و"موسى" يهاجم مظاهرة أمام السفارة المصرية بدمشق    منتخب 20 سنة يختتم تدريباته لمواجهة المغرب وديًا    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    للحماية من هبوط الدورة الدموية.. أبرز أسباب انخفاض ضغط الدم    الدكتور حسين عبد الباسط قائماً بعمل عميد كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجنوب الوادي    الفائز بجائزة الدولة التشجيعية ل"البوابة نيوز": نحتاج إلى آليات دعم أوسع وأكثر استدامة خاصة لشباب الفنانين    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل نشب بسيارة بالمحلة الكبرى    إبراهيم عيسى يٌشكك في نزاهة انتخابات مجلس الشيوخ: مسرحية (فيديو)    فترة تحمل لك فرصًا كبيرة.. حظك اليوم برج الدلو 13 أغسطس    الصحة تشيد بالأطقم الطبية بمستشفيات الشرقية لنجاحها فى إجراء عمليات معقدة    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    محافظ القليوبية يكرم 3 سائقي لودر لإنقاذ مصنع أحذية من حريق بالخانكة    سوق مولد العذراء مريم بدير درنكة.. بهجة شعبية تتجدد منذ آلاف السنين    أكرم القصاص: مصر أكبر طرف يدعم القضية الفلسطينية وتقوم بدور الوسيط بتوازن كبير    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    متلبسًا بأسلحة نارية وحشيش.. ضبط تاجر مخدرات في طوخ    كيف أستغفر ربنا من الغيبة والنميمة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمريكيون والأوروبيون يريدون تسوية المسألة اليهودية
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 07 - 2009

تسلم أوباما بعد انتخابه مباشرة تقريرا بعنوان «فرصة أخيرة لاتفاق الدولتين»، أعدته مجموعة من المسئولين السابقين ممن عملوا لدى إدارات أمريكية مختلفة خلال ال40 عاما الماضية، وممن يحظون بمكانة أخلاقية وسياسية متميزة فى إطار الجدل السائد فى الولايات المتحدة بشأن السياسة الخارجية. ويترأس هذه المجموعة الجنرال سكوكروفت، مستشار الأمن القومى الأمريكى فى إدارة بوش الأب.
وعملت هذه المجموعة على صياغة المذكرة على مدى تسعة أشهر قبل الانتخابات الأمريكية، استعدادا لتقديمها للرئيس المنتخب، ديمقراطيا كان أم جمهوريا.
ويدعو التقرير إلى إحداث قطيعة مع السياسات السيئة التى اتبعتها إدارة جورج بوش، وإلى انخراط الرئيس الأمريكى فورا وبقوة فى جهود للوساطة من أجل التوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وكان للتقرير وقع الموسيقى بالنسبة للعرب ممن آمنوا دائما بمحورية هذا الصراع وبأن التوصل إلى تسوية يعد شرطا أساسيا لأجل تهدئة جميع التوترات الأخرى فى المنطقة. لكن تبقى مسألة قبول الفلسطينيين والعرب لمحتوى التقرير كاملا وتوصياته، أمرا أبعد ما يكون عن التأكيد. وقد تعتبر أغلبية هؤلاء أن توصيات التقرير بشأن القدس واللاجئين والترتيبات الأمنية مخيبة للآمال إلى حد كبير.
غير أن أهمية التقرير تكمن فى تحليله القائم على حسن النوايا للحقائق على الأرض، والعقبات الحقيقية فى طريق السلام، وإقراره بالأثر الحاسم للصراع على علاقة المنطقة بالعالم. كما تكمن أهمية التقرير فى إدراكه أن الإسرائيليين والفلسطينيين ليسوا فى وضع يسمح لهم بالبدء فى محادثات سلام، وأن الولايات المتحدة والرئيس الأمريكى ذاته يتحملان مسئولية خاصة بشأن البدء فى عملية الدفع لإنجاز التسوية. وبناء على إدراك التقرير للحقائق على الأرض، فقد أوصى بأن تصبح حماس جزءا من عملية التفاوض، وأن تغير الولايات المتحدة هدفها من الإطاحة بحماس إلى تعديل سلوكها، وتقديم إغراءات لها تشجع على ظهور رؤى معتدلة بين صفوفها، والتوقف عن منع أطراف ثالثة من الاتصال بحماس بطرق قد تسهل من اتضاح رؤى الحركة واختبار سلوكها. ويوصى التقرير بأن تشجع الولايات المتحدة على تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وأن تؤكد بوضوح أنه لا يجب مقاطعة أو معاقبة حكومة تقبل بوقف إطلاق النار مع إسرائيل، بقيادة الرئيس محمود عباس لعملية التفاوض، وتلتزم بنتائج الاستفتاء الوطنى حول مستقبل اتفاق السلام. وأخيرا ترى المجموعة وجوب نشر قوات متعددة الجنسيات بتفويض من الأمم المتحدة وقيادة أمريكية، بهدف ضمان الأمن فى الفترة الانتقالية.
وبالطبع كان الخبر العظيم التالى هو انتخاب أوباما، واتضاح أنه يتشارك فى الرؤى مع تلك المجموعة، واعتزامه استثمار رأسماله الأخلاقى والسياسى لأجل التوصل إلى تسوية. والأهم من ذلك، أن الإصرار الذى أظهره أوباما أعطى أملا حقيقيا. ذلك أن الحسم والصرامة مطلوبان، إذا كان مقدرا للرئيس أن يحقق أى إنجاز فى مواجهة المقاومة التى تبديها إسرائيل، ومساعيها لصرف الأنظار عن القضايا الأساسية. وقد اجتاز أوباما أول اختبارين محققا بعض النجاح. فأولا، أبدى أوباما وضوحا وحسما عندما أعلن أن الاستيطان أمر غير قانونى، وطالب إسرائيل بتجميده كلية ودعونا نأمل ألا يخضع هذا الأمر للمساومة ويتقلص إلى حل وسط، يتضمن تجميدا جزئيا للاستيطان، فى ظل تأويلات مريبة لما يعنيه التجميد. ثانيا، ترفض الإدارة الأمريكية حملة نتنياهو لتعزيز مخاوف العرب من إيران. ويقول مساعدو أوباما العائدون من جولاتهم فى الشرق الأوسط إنه على عكس ما تحاول أن تنشره إسرائيل، لا يرى العرب التهديد الإيرانى بمثابة قضية تحتل أولوية، وتحتاج مواجهتها إلى شكل من أشكال الجبهة المتحدة، يتضمن تحالفا بين البلدان العربية وإسرائيل. على العكس من ذلك، وجد مساعدو أوباما أن السياسيات الإسرائيلية هى أكثر ما يقلق العرب.
ونعلم أن المجموعة الأمريكية بكاملها تظل منخرطة عن قرب فى جهود السلام وتواصل تقديم المقترحات والدعم للبيت الأبيض عبر جورج ميتشيل، مبعوث أوباما الخاص للشرق الأوسط. وبالتوازى مع الجهود التى تبذلها المجموعة الأمريكية، رددت مجموعة أوروبية تضم 25 من رؤساء الدول والحكومات والوزراء السابقين صدى المبادرة التى طرحها نظراؤهم الأمريكيون. ذلك أنه عندما اتخذ وزير خارجية فرنسى سابق هو أوبير فيدرين، زمام المبادرة بدعوة هؤلاء المسئولين الأوروبيين السابقين إلى إعلان قبولهم للتقرير الصادر عن المجموعة الأمريكية وتأييدهم لسياسة أوباما، تحمسوا للتجاوب مع مبادرته، ووافقوا بلا تحفظ على الرؤية الواردة فى التقرير الأمريكى والاستراتيجية التى أوصى بها. ويُعرف الكثير من المسئولين الأوروبيين الموقعين على الإعلان بأنهم من مؤيدى إسرائيل. ولا يرى هؤلاء معنى لكتابة تقرير خاص بهم، يتضمن تعديلات طفيفة حول هذه النقطة أو تلك. والأهم من ذلك، يوافق هؤلاء على أن الإسرائيليين والفلسطينيين ليسوا فى وضع يسمح لهم بالبدء بأنفسهم فى عملية للتسوية. وفى هذا السياق، تتحمل الولايات المتحدة والرئيس نفسه مسئولية خاصة عن البدء فى عملية للتسوية السلمية، ترتكز على المبادئ التى تحظى بقبول الإسرائيليين والفلسطينيين.
وفى تلك الأثناء، تبنى القادة الأوروبيون الحاليون نهجا مثيلا. فبمجرد أن شعروا بالرغبة الأمريكية غير المسبوقة فى الانخراط بجدية فى الجهود الرامية إلى تحقيق السلام، وجدوا أن الدور الأكثر فائدة الذى يمكن أن يلعبوه يتمثل فى الوقوف وراء أوباما بثبات. ومن ثم فقد حث كل من الرئيس الفرنسى ساركوزى، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإيطالى بيرلسكونى وهم جميعا يعرّفون أنفسهم باعتبارهم أصدقاء لإسرائيل رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على تجميد جميع الأنشطة الاستيطانية فى الضفة الغربية. ورددت بياناتهم العلنية القوية صدى بيانات أوباما وهيلارى كلينتون. غير أننا لا نعلم ما إذا كان هذا الدعم الأوروبى للسياسة الأمريكية قد حدث تلقائيا أم أنه جزء من عملية منظمة للتنسيق مع واشنطن. وعلى أى حال، فقد خرجت اللجنة الرباعية الدولية التى اكتسبت سمعة سيئة فى عهد بوش بعد أيام قليلة من إعلان القادة الأوروبيين مواقفهم المؤيدة للإدارة الأمريكية، بموقف موحد يدعو إلى تجميد المستوطنات.
وتعد هذه مجرد بداية لعملية طويلة. ويعلم الفلسطينيون أكثر من غيرهم مدى المرونة والصرامة المطلوبين كى تتزحزح إسرائيل عن موقفها. غير أن هذا الإجماع من جانب المجتمع الدولى يعتبر أمرا غير مسبوق.
ويبدو أنه قد آن الأوان ليدرك العالم أن تحقيق التسوية لا يتعلق بمجرد رفع الظلم عن الفلسطينيين، كما أنه لا يعود إلى اعتبارات أخلاقية، لكنه يتعلق بإجراء تسوية حقيقية للمسألة اليهودية نفسها، التى يتحمل الأوروبيون المسئولية عنها. ذلك أن إحساس الأوروبيين بالذنب تجاه اليهود نظرا للمعاناة التى تعرضوا لها فى النصف الأول من القرن العشرين منع أوروبا من اتخاذ أى إجراءات جادة لمعاقبة إسرائيل على سلوكها خلال ال40 عاما الماضية. واليوم، يؤدى هذا الإحساس بالذنب نفسه بالأوروبيين والعالم إلى إدراك أن المسألة اليهودية لم يجر تسويتها إلى يومنا هذا، ولن يتم ذلك طالما لم تسو المسألة الفلسطينية بطريقة ترضى الفلسطينيين أنفسهم، لا إسرائيل وحدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.