مصادر غربية: ثقة الاتحاد الأوروبى فى الرئيس مرسى تتراجع

• مشاورات أوروبية حول سبل التعامل مع الموقف الجديد فى القاهرة.
• الأوروبيون يستبعدون نجاح حركة «تمرد» فى تحقيق شىء ملموس.

قالت مصادر دبلوماسية اوروبية تحدثت ل«الشروق» فى القاهرة وعبر الهاتف ان هناك درجة واضحة من تراجع ثقة دول الاتحاد الأوروبى فى قدرة حكم الرئيس محمد مرسى على تسيير الامور فى مصر بالصورة المرجوة سواء من خلال التواصل مع معارضيه او السيطرة عليهم «حتى بالطرق التقليدية فى النظام السياسى المصرى» بحسب قول احدهم.

«الرئيس محمد مرسى اضاع الفرصة تلو الاخرى للتفاهم مع اطياف المعارضة المختلفة رغم ما رصدناه من استعداد مبدئى لدى بعض معارضيه، بما فى ذلك قيادات من جبهة الانقاذ، للانفتاح عليه والتعامل معه،» بحسب قول احدهم. وتضيف «اننى لا استطيع ان انكر انه اصبح من الصعب جدا بالنسبة لحكوماتنا ان تقدم اجابات مقنعة لاسئلة متزايدة تطرح من قبل البرلمانيين حول امور مثل تزايد معدل انتهاكات حقوق الانسان فى مصر بشكل سريع عبر عام من تولى مرسى ونحن ندرك طبيعة المراحل الانتقالية ولكننا كنا ننتظر من الرئيس المصرى السعى لتحقيق توافق وطنى ما ولكنه عوضا عن ذلك يدخل فى مواجهات ليس فقط مع معارضيه التقليديين من القوى غير الاسلامية ولكن ايضا يفتح جبهات مع معارضين اسلاميين بالتزامن مع انتهاكات متزايدة لحقوق الانسان والاقليات على وجه الخصوص».

ويقدر مصدر اوروبى رفيع زار مصر مؤخرا انه اصبح من المستحيل الاستمرار «فى التجاوز عن الانتهاكات التى ترتكب بحق الاقليات»، بينما يقول اخر، انه «حتى مع الشفاعة الاسرائيلية لدعم النظام المصرى لما يبديه من حرص اكيد على ضبط الحدود واخضاع حماس فإن الضغط من البرلمانيين (الاوروبيين) حول ضرورة التحرك إزاء مصر اصبح متزايدا بصورة لا يمكن تجاهلها».
وتتباين تقديرات المصادر الدبلوماسية الاوروبية فى القاهرة حول مدى القلق بل ومدى التراجع فى الحالة الحقوقية، ولكنها تتفق انه «اجمالا الوضع يدعو للتساؤل حول مصير مصر تحت حكم مرسى».

وتقول المصادر إن الايام القادمة ستشهد جملة من المشاورات الاوروبية حول ما يمكن عمله لإيصال رسالة واضحة لمصر مفادها ان هناك حالة لا يمكن اغفالها من تراجع الثقة فى الوضع فى مصر وانه ينبغى على القاهرة النظر فى كيفية وقف الانتهاكات وتأصيلا لاسباب الديمقراطية بصورة ما. ويقول مصدر «نحن لسنا بصدد اتخاذ مواقف علنية او اصدار بيانات متشددة او اى شىء من هذا القبيل ولكننا بصدد التشاور حول سبل التأكيد على امرين هما ضرورة اعادة النظر فى مسودة قانون الجمعيات الاهلية التى تدعو للقلق حول احتمالات تقييد واسع بصورة حالية والامر الاخر انهاء حالة ملاحقة المعارضة والتحريض على الاعلاميين».

وفى أغلب الاحوال تبدو هذه المصادر مقتنعة ان حكم مرسى ليس مهددا بزوال سريع كما ان تحرك القوات المسلحة للاطاحة بمرسى حسب ما يتمنى بعض الناس وبعض الساسة امر غير مرجح للحدوث في غياب غضبة اقتصادية اجتماعية كبيرة. «سيبقى مرسى وحتى إذا نجحت حملة تمرد فى جمع توقيعات ليس فقط 15 أو 20 او حتى 30 مليون مصرى، سيبقى لانه من الناحية القانونية لا قيمة لها باستثناء لتعظيم صورته السلبية داخليا وخارجيا»، حسبما قال احد المصادر.
ويقدر مصدر حكومى مصر ان حالة الاستنفار الاوروبى، التى يقول انها بدأت منذ اسابيع قليلة، مرتبطة ب«السير خلف ما يبدو واضحا من تغيير فى موقف واشنطن ازاء حكم الاخوان حيث لا تبدو واشنطن على نفس القدر من الحماسة السابقة».

وتقول مصادر مصرية فى واشنطن وغربية فى القاهرة إن اجواء الحماس التى كانت سائدة فى العاصمة الامريكية حول امكانية ان يحقق الاخوان المسلمين فى مصر تجربة ناجحة جديدة لحكم اسلامى معتدل تتراجع بوضوح».

وبحسب بعض هذه المصادر فإن هذا التراجع يأتى رغم استمرار الثقة التى تعرب عنها السفيرة الامريكية فى القاهرة حول ان نظام الرئيس مرسى ستكون له الغلبة فى النهاية لانها وحسبما تردد لمخاطبيها من السفراء الغربيين فى القاهرة «المعارضة المدنية لا تفعل شيئا ملموسا على ارض الواقع» والمعارضة الاسلامية المتمثلة فى السلفيين وغير ذلك من الاحزاب بما فى ذلك حزب مصر القوية غير قادرة وغير مستعدة بعد لحسم اى جولة سياسية فى مواجهة الاخوان المسلمين».

غير ان المصادر المصرية والغربية على حد سواء لا ترى ان هذا التراجع فى الثقة الامريكية او حتى التباين فى تقديرات واشنطن، «خاصة بعد الزيارة الاخيرة لوزير الخارجية الامريكى جون كيري»، عن تقديرات باترسون لا تعنى اطلاقا ان واشنطن فى صدد التخلى عن دعم حكم الاخوان.

«ما يمكن توقعه هو بعض الضغط المتزايد على الاخوان ليتحركوا نحو بعض الخطوات مثل تعديل قانون الجمعيات الاهلية المعوج ووقف ملاحقة النشطاء خاصة المعروفين منهم، لكن بالمساواة بذلك فإن واشنطن ستستمر فى سعيها لدعم مصر مثلا فى الحصول على قرض صندوق النقد الدولى لدعم الاقتصاد المصرى وذلك رغم الضغوط التى تمارسها بعض العواصم الخليجية وبعض الشخصيات المصرية السياسية لوقف دعمها لنظام الاخوان وتركه ليسقط»، بحسب مصدر غربى.

وقالت المصادر الغربية فى القاهرة انها تتوقع «نوبات» من التظاهر ضد مرسى مع ذكرى مرور عام على حكمه ولكنها لا تتوقع ان يكون فى ذلك ما يذهب بعيدا عن تلك التظاهرات التى واجهها الرئيس ونظام الاخوان المسلمين عقب الشهور الماضية مع قرارات سياسية خلافية متوالية بدأت مع الاعلان الدستورى للثانى والعشرين من نوفمبر