يعلو تصفيق الأطفال مع تحرك «اتوبيس الفن الجميل» إلى الإسكندرية، الشمس حارقة، المشرفون يحاولون تهدئة الأطفال، ماجدة صقر المشرف العام على الأتوبيس تتلقى مكالمات من أولياء الامور لمعرفة تفاصيل العودة والاطمئنان على الصغار. محمد سيف، المشرف على الشرح الثقافى، يشرح فكرة الرحلة التى سماها المنسقون مهرجان «فنانى الزمن الجميل الأول للطفل» على مدار 2013، الذى تقرر إقامته كل عام من الهيئة العامة لقصور الثقافة. «يكرم المهرجان شخصيات فى مختلف المجالات الفنية والثقافية، لتكون رسالة واضحة للعالم يقدمها الطفل المصرى فى ظل الأحداث الجارية، عرفانا بأهمية قيمة الفن فى الحياة».
يعترف سيف أن فكرة المهرجان ترجع ل«إيمان عبدالمؤمن»، المنسق الإعلامى للأتوبيس، وأن هذا المشروع يقوم على تنفيذ فوج أو أكثر فى كل شهر حسب ذكرى ميلاد كل فنان، يتم من خلاله زيارة متاحف الفنانين أو أهم المناطق الأثرية المتعلقة بهم أو بأعمالهم، وبعد ذلك يبدأ عمل ورشة فنية، وفى نهاية العام يتم تجميع نتاج الأفواج لعمل المعرض النهائى، لأهم وجوه فنانى المهرجان.
من بين 20 طفلا، يقف سيف وسط الاطفال طوال الطريق ليشرح بعض المشاهد من الطريق وخط سير المهرجان، بلهجة صعيدية وصوت مرتفع. «نتجه الآن إلى متحف الفنان التشكيلى محمود سعيد الآن، بمناسبة الذكرى السنوية لهذا الفنان الذى توفى فى 8 أبريل وهو نفس يوم ميلاده، عن 67 عاما، وسنتعرف على مجموعة من لوحاته الموجودة فى المتحف ومشوار حياته ودوره البارز فى إثراء الفن، وسننظم ورشة فنية تشتغلوا فيها بإيديكم».
المتحف يضم عددا من إبداعات وأعمال الفنان الراحل تعكس تأثره بنشأته فى مصر ودراسته فى أوروبا وبخاصة فرنسا، كما تجسد أسلوبه الذى يجمع بين الواقعية والخيال.
الفنان محمود سعيد احد أبناء محافظة الإسكندرية وأول شخصية يكرمها «أطفال أتوبيس الفن الجميل» خلال المهرجان السنوى، ومن رواد المدرسة المصرية الحديثة فى الفنون التشكيلية، وهو من أكثر الفنانين المصريين الذين كتبت عنهم دراسات عن حياته وأعماله».
أمام المتحف نزل الاطفال بالترتيب، ودخلوا وفى استقبالهم ثلاثة من المرشدين، على اليمين اكبر لوحة للفنان محمود سعيد اثارت الدهشة من الوانها الصافية، بدأت تشرح منى محمد فنانة تشكيلية بالمتحف ان الفنان استوحى أغلب أعماله من مفردات الحياة الشعبية، وصار واقع الحياة التقليدية المصرية منهجا لفنه ومصدراُ لإلهامه، واتسمت لوحاته بمنظومة لونية صافية، أعادت للون اعتباره كعنصر جوهرى فى بناء العمل الفنى.
فى مشهد الختام، وقف الأطفال جميعا، والتقطوا بعض الصور مع اللوحات، توجهوا بعد ذلك إلى مكتبة الاسكندرية، ليشاهدوا فيلما وثائقيا عن تأميم قناة السويس. وبعد يوم شاق ومع غياب الشمس، ساد الليل على الاطفال داخل «اتوبيس الفن الجميل»، على اصوات الاغانى الشعبية والرقص والتصفيق، قبل أن تسود السكينة على الاتوبيس، ويدخل بعض الاطفال فى حلم ليوم جديد.