قال المستشار عادل زكى أندراوس رئيس محكمة استئناف القاهرة، رئيس اللجنة العليا للانتخابات المحال للتقاعد الأسبوع الماضى إن موظفى البنوك ومستشارى الوزراء يتقاضون رواتب أعلى من رئيس السلطة القضائية الذى يدور راتبه حول 8 آلاف جنيه فقط شهريا. وكشف أندراوس الذى شغل منصب عضو مجلس القضاء لمدة 9 سنوات ل«الشروق» أنه التقى الرئيس مبارك عدة مرات ولم يطلب منه زيادة رواتب القضاة لأنه يعتبر ذلك عيبا. وكشف أندراوس أن المباحث طلبت منه شطب بعض مرشحى الإخوان فى انتخابات مجلس الشورى الأخيرة لكنه رفض، وشدد على أن شعار «الإسلام هو الحل» الخاص بجماعة الإخوان المسلمين لا يعد شعارا دينيا. بل يتوافق مع القانون والدستور، كما أن الدعوة لتطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية كما هو واضح من شعار الجماعة يتفق مع المادة الثانية من الدستور. وأمضى أندراوس 51 عاما فى القضاء حتى أحيل للتقاعد الأسبوع الماضى لبلوغه سن المعاش «70 عاما» ترأس خلالها محاكم استئناف أسيوط وطنطا والإسكندرية والقاهرة. وقال أندراوس إن قيامه بتحديد نظر قضايا رجل الأعمال هشام طلعت المتهم بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم ورجل الأعمال هانى سرور المتهم بتوريد أكياس دم فاسدة لمستشفيات، والمتهمين بتجارة الأطفال أمام دائرة المستشار المحمدى قنصوة ليس مقصودا، وأضاف «حظهم كده». وفسر أندراوس ما حدث بأنه عند توزيع العمل فى محكمة استئناف القاهرة، تقرر أن يتولى المستشار المحمدى نظر كل الجنايات التى تقع فى دائرة قسم شرطة قصر النيل، وحظه أن عددا من القضايا المهمة وقعت فى دائرة قسم شرطة قصر النيل، فتم إرسالها إليه للفصل فيها وفقا لاختصاصه. ونفى أندراوس ما نسب إليه فى الصحف عن أنه امتنع عن تحديد موعد محاكمة هشام طلعت فى شهر سبتمبر الماضى لحين توزيع العمل فى المحكمة مع مطلع أكتوبر الماضى، بحيث يتولى المستشار المحمدى قنصوة الدائرة، وبالتالى يكون مختصا بنظر القضية، وقال «لم أدل بتصريح كهذا، بل إن تصريحاتى للصحف تكاد تكون منعدمة». وواصل أندراوس أن الادعاء بأنه يرسل القضايا المهمة لعدد محدود من القضاة بعينهم نظرا لاشتهارهم بإصدار أحكام رادعة مثل المستشارين إميل حبشى مليكة والمحمدى قنصوة وأحمد رفعت وعادل عبدالسلام جمعة، محض أكاذيب، وفسر شهرتهم بأن الإعلام سلط الأضواء عليهم دون غيرهم، بينما تم توزيع العديد من القضايا المهمة على قضاة آخرين ولكن الإعلام لم يهتم بها. وقال بلغة صارمة إنه لم يحدث فى تاريخ عمله القضائى على مدار نحو 51 عاما أن تحدث إليه أى مسئول فى أى قضية، كما أنه لم يسمع من أى قاض أن مسئولا طلب منه الحكم على نحو معين. وشدد أندراوس على أنه قبل توليه منصب رئيس محكمة استئناف القاهرة كان رئيس المحكمة يقوم باختيار القضاة الذين ينظرون القضايا، فتم إلغاء هذا النظام، وتقرر أن تختص كل دائرة بالجنايات التى تقع فى دائرة قسم شرطة بعينه. وعن القضية التى اتهم فيها 18 من مستشارى المحكمة عام 2007 بتلقى رشاوى، ورفض مجلس القضاء الأعلى آنذاك رفع الحصانة عنهم، قال إن بعضهم قدم استقالته والبعض الآخر تم فصله من العمل، وهناك من تم توقيع جزاءات تأديبية بحقه. ولفت إلى أن مجلس القضاء يبادر دوما إلى رفع الحصانة عن أى قاض تحوم حوله الشبهات حتى تظل ثقة الناس فى القضاء قائمة وراسخة، واستشهد برفع الحصانة عن عدد من القضاة سنويا، ولكن نسبتهم ضئيلة جدا بالقياس لتعداد القضاة البالغ حاليا 12 ألف قاض. ورفض أندراوس الكشف عن الأسباب التى دفعت مجلس القضاء للموافقة على اقتراح المستشار ممدوح مرعى وزير العدل بتعيين رئيسى محكمتى شمال وجنوب القاهرة الابتدائيتين فى مجلس القضاء رغم أن الوزير يملك سلطة عزلهما وتعيينهما، معتبرا أن ما دار من نقاش بين أعضاء المجلس مداولة سرية لا يجوز إفشاؤها نهائيا. وأضاف أن الوزير أرسل اقتراحه قبيل انعقاد المجلس، فتم نظره والموافقة عليه، ونفى أن يكون الوزير اتصل بأعضاء المجلس طالبا منهم الموافقة. وقال إنه لا توجد مشكلة فى أن يتقدم رئيس المحكمة الدستورية رغم حداثة سنة وترتيبه على رئيس مجلس القضاء الأعلى، لأن ذلك تطبيق لنص قانونى، وهو أن رئيس المحكمة الدستورية يسبق رئيس مجلس القضاء. واستشهد أندراوس بأنه فى كل مجالس القضاء المتعاقبة كان رئيس المجلس وهو من محكمة النقض أحدث من أعضاء فى المجلس خاصة رئيس محكمة استئناف القاهرة الذى يكون دوما أكبر فى السن من رئيس النقض. وكشف أندراوس أن المباحث طلبت من اللجنة العليا للانتخابات شطب بعض مرشحى جماعة الإخوان المسلمين خلال انتخابات مجلس الشورى، وقال إنه تلقى طلبات من المباحث والمرشحين المنافسين وعدد من المواطنين يطالبون بشطب مرشحى الإخوان. ولكن اللجنة حققت فى هذه الطلبات والتفتت عنها لعدم جديتها، بل تلقت اللجان شكاوى من بعض الوزراء الذين رشحوا أنفسهم، واتضح أن شكاويهم غير جدية. وأضاف أن اللجنة اعتبرت شعار «الإسلام هو الحل» الخاص بجماعة الإخوان المسلمين شعار يتوافق مع الدستور، حيث نص الدستور على أن الدولة إسلامية والشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع. كما أن الشعار لا يضر بالمجتمع، وتساءل قائلا: هل تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية يضر بالمجتمع؟، وأجاب قائلا: بالطبع لا، بل أتمنى أن يتدين الناس، فحتى الدين الهندوسى لا يطلب من أنصاره القتل أو السرقة. وأكد أندراوس أن الشعارات الدينية المحظورة قانونا هى التى تطلب من الناخبين انتخاب مرشح لأنه مسلم أو مسيحى، فهذه الشعارات مرفوضة تماما. ورد أندراوس على ما يردده البعض من أن انتخابات مجلس الشورى الأخيرة التى تولى الإشراف عليها مجرد « فشر» على حد قوله، بأن لجنة الانتخابات قامت بالتحقيق فى جميع الشكاوى التى تلقتها، وسمحت لنحو 3 آلاف من ممثلى منظمات حقوق الإنسان بمراقبة الانتخابات، ولم يقدم أى منهم شكوى واحدة. وواصل بأنه شكل لجنة عامة مكونة من 9 قضاة تشرف على الانتخابات فى كل دائرة معهم 5 سيارات، ومهمتهم الانتقال على الفور لتحقيق أى شكوى، وبالفعل تم استبعاد العديد من الصناديق الانتخابية للشك فيها، وفى إحدى اللجان تم استبعاد 30 صندوقا. واعتبر أندراوس أن الإشراف القضائى على الانتخابات بدعة مصرية لا مثيل لها فى كل دول العالم، حيث تتولى وزارة الداخلية إجراء الانتخابات فى الغالبية الساحقة للدول عدا دول قليلة يتم تكليف لجنة قضائية بالإشراف العام على الانتخابات دون تعيين قاض لكل صندوق. وأكد أندراوس أن مجلس القضاء يختار «أولاد الغلابة» لتعيينهم فى القضاء، ويبتعد عن أبناء الأغنياء، قائلا إن كل أبناء الموظفين فى الدولة غلابة لأن مرتباتهم محدودة وزهيدة، بينما أبناء التجار هم الأغنياء، ورفض الادعاء بأنه لو تقدم الرئيس الأمريكى بارك أوباما للعمل بالنيابة العامة لتم رفضه بحجة أنه غير لائق اجتماعيا، وشدد على أن المقصود باللائق اجتماعيا أن تكون أسرته حسنة السمعة. وقال أندراوس إنه التقى الرئيس مبارك مع أعضاء مجلس القضاء عدة مرات، وطلبهم منه الاستفسار عما يغمض عليهم، فدار النقاش كله حول الأمور السياسية والاقتصادية، ولم نطلب منه زيادة رواتب القضاة لأنه من العيب أن يطلب القاضى زيادة رواتبه، واستشهد بأن والده كان يساعده ماليا لعدة سنوات عند التحاقه بالنيابة. وحول تكليف المستشار أحمد إدريس مستشار قاضى التحقيق بسلطات النيابة العامة من قبل وزير العدل، قال أندراوس إنه هو الذى اختار إدريس لتولى هذه المهمة ووافق عليه الوزير، ووصف إدريس بأنه محقق بارع يسهر حتى ساعات متأخرة من الليل، وأكد أن ذلك لا يعد انتقاصا من سلطات النائب العام، لأن محكمة استئناف القاهرة طوال الوقت كانت تعرف وظيفة مستشار التحقيق لتولى القضايا الحساسة. ووصف المستشار ممدوح مرعى بأنه أنقى الناس سريرة وأطيبهم قلبا، وأحرصهم على مصالح القضاة، ولكن مشكلته أن مظهره «يخوف» لكونه «ملاكم قديم»، وأضاف أن مرعى لا يحب الظهور لدرجة أنه رفض تسليم محكمة استئناف القاهرة صورته لتعليقها فى لوحة رؤساء المحكمة، حتى وجدنا له إحدى الصور.