هى هل عرفت أن مجلس الشعب قد وافق على تخصيص «مقاعد» للمرأة فى المجلس بدأ من الدورة القادمة؟ هو نعم، مبروك عليكن «القعدة» الجديدة! هى أتسخر من هذه الخطوة غير المسبوقة نحو تمكين المرأة فى المجتمع.. أليس هذا أول الطريق من أجل أن تحصل المرأة على حقوقها المسلوبة فى مصر وفى كل المجتمعات العربية والشرقية؟ هو حسنا، قد يكون هذا حقيقيا، ولكنى لا أعتبر هذه الخطوة فى حد ذاتها تمكينا للمرأة، وإنما هى مجرد «تسكين» للمرأة فى المجلس بقوة القانون، بعيدة كل البعد عن معنى التمكين الحقيقى. هى يبدو أنك لم تقرأ تقارير التنمية الإنسانية فى العالم العربى، التى أشارت إلى النقص الشديد فى تمكين المرأة فى العالم العربى. هو طبعا قرأتها، ماذا يهمك فيها؟ هى يهمنى ما أشارت إليه التقارير عن وضع المرأة فى العالم العربى، فلقد أشارت إلى أنه من النواقص الواضحة فى العالم العربى هو وضع المرأة الظالم فى كل المجالات مثل التعليم والوظائف وجميع الحقوق الأخرى، وأن هناك عدم تمكين عام للمرأة فى العالم العربى لكى تحصل على حقوقها! هو الحقيقة أن التقارير أشارت إلى أن هناك ثلاث نواقص رئيسية فى العالم العربى هى النقص فى الحكم الصالح والديمقراطية، والنقص فى المعرفة ووسائل الحصول عليها ثم النقص فى التمكين للمرأة، وهى فى الحقيقة بهذا الترتيب ليس فقط من حيث الواقع الموجود، ولكن أيضا من حيث الأهمية. هى كيف هذا؟ هو أن التقارير تشير إلى أن هناك نقصا فى تمكين المرأة، كأنه يوجد عندنا تمكين للرجل! مع أنه فى بلادنا لا يوجد تمكين لا للمرأة ولا للرجل! فأنا أعتقد شخصيا أن تمكين كل من الرجل والمرأة هو جزء من تمكين المجتمع ككل، وأن تمكين المرأة ما هو إلا جزء من تمكين الرجل والمجتمع كله! هى اشرح لى؟ هو حسنا، ما هو التمكين (Empowerment)؟ إنه إعطاء مسئولية معينة لشخص ما ثم إعطاؤه السلطة أو الفرصة لتحقيق هذه المسئولية بنفسه، وبالتالى يكون مسئولا مسئولية كاملة عن النتائج، فالتمكين إذن هو مزيج من الحقوق والواجبات، وليس فقط إعطاء ميزة معينة للمرأة أو الرجل كوسيلة للتباهى أو المظهرية. هى ولماذا يأتى التمكين كثالث النواقص فى العالم العربى؟ هو لأن التمكين لا يتحقق إلا فى مجتمع ديمقراطى، يعرف الناس جميعا واجباتهم، كما يعرفون حقوقهم، ويكونون قادرين على تحمل مسئولياتهم وعدم الإخلال بالسلطة الممنوحة لهم لتحقيق تلك المسئوليات، كما لا يتحقق التمكين إلا فى مجتمع تعم فيه المعرفة، يعرف الجميع حجم هذه الحقوق وحدود تلك الواجبات فيحسنون التعامل معها حسب معرفتهم بها. هى إذن تقصد أن التمكين للمرأة لا يحدث إلا فى مجتمع ديمقراطى، يحكم حكما صالحا وتعم فيه المعرفة. هو ليس فقط تمكين المرأة، بل أيضا تمكين الرجل والمجتمع ككل، فالمرأة والرجل هما جناحا المجتمع ولا يمكن للمجتمع أن ينمو بدون تحليقهما معا! هى ولكن المجتمعات الأوروبية والأمريكية قد سبقتنا فى التمكين للمرأة. هو لأنها سبقتنا أيضا فى التمكين لأفراد المجتمع ككل من خلال نشر مبادئ الديمقراطية وأسس المعرفة مع ملاحظة أن حتى فى هذه المجتمعات كثيرا ما تشكو المرأة من عدم التمكين لها أى عدم حصولها على حقوقها أو إعطائها المسئولية، على الأقل من وجهة نظرها! هى ولكن عدم حصول المرأة على حقوقها هى ظاهرة ترتبط عادة بالمجتمعات الشرقية والعربية والإسلامية. هى نعم، هذا صحيح، ولكن فى اعتقادى أنه ليس بسبب كون هذه المجتمعات شرقية أو عربية أو إسلامية، بل السبب الحقيقى هو كون هذه المجتمعات لم تحقق بعد العاملين الناقصين الأساسيين، وهما الديمقراطية والمعرفة، ثم لا تنس أن المرأة فى كثير من الدول الإسلامية قد وصلت إلى مراتب عالية فى المجتمع، ومنهن من وصلن إلى كرسى الوزارة وحتى وصلن إلى رئاسة الوزارة فى بلادهن، مثل باكستان وبنجلاديش، قبل أن تستطيع المرأة الأوروبية والأمريكية تحقيق ذلك. هى نعم، هذا صحيح، وسوف يجئ اليوم وقد يكون قريبا جدا الذى ترأس فيه امرأة الوزارة فى مصر! هو بل رئاسة الدولة كلها! فمبروك مقدما، ولنعمل جميعا رجالا ونساء على الحصول على حقوقنا، ولكن أولا لنعرف جميعا واجباتنا، وأول واجبات المرأة هى معدة الرجل! فماذا أعددت اليوم لنا للغداء؟