هل شاخت أفكار العروبة وتقادمت خبراتها وباتت شعارات الثقافة القومية لا تصلح في سياقات العولمة والحداثة وما بعد الحداثة.. هل قدر الفكر القومي العربي أن يفشل دوما في الواقع وبفعل فيروس الإستبداد؟!.. وماذا عن رأس "أبو العلاء الطائر" في معرة النعمان وبتزامن دال مع قطع رأس تمثال طه حسين في المنيا؟.. ماذا عن قضايا الحرية والإبداع في المشهد العربي الراهن؟ أسئلة تتوالد من أخرى في رحم ذكرى أهم عمل وحدوي عربي في القرن العشرين.. إنها الوحدة المصرية- السورية التي أعلنت يوم الثاني والعشرين من فبراير عام 1958.
إن القضية ليست استنطاق الماضي، أو محاكمته لمجرد الاستنطاق والمحاكمة بقدر ما هي استلهام العبر والدروس والبحث عن إجابات للمستقبل، وهذا ما يفعله الغرب في تناوله للقضايا العربية وتاريخ العرب، فيما يعمد الجهد الفكري الغربي للإضافة والتراكم لمزيد من سلامة الفهم ودقة النتائج.
وها هو كتاب "تاريخ الشعوب العربية" لألبرت حوراني، المؤرخ البريطاني المنحدر من أصل لبناني، يظهر في طبعة جديدة بإضافات للباحث ماليس روثفين تعيد التوازن للكتاب الذي صدر لأول مرة عام 1991 وبات من أهم المراجع الغربية التي تناولت العالم العربي وأنظمة الحكم العربية المزعزعة.
واللافت أن هذا الكتاب بمجرد صدوره في طبعته الأولى احتل مركزا متقدما في قوائم أكثر الكتب مبيعا في الغرب، فيما جاءت الإضافات مبررة، لأن الكثير قد تغير في العالم العربي منذ عام 1991 فيما جرت وتجري مياه كثيرة وجديدة تحت الجسور.
وهكذا أنجز ماليس روثفين الصحفي والباحث المتخصص في شؤون العالم الإسلامي الإضافات في توطئة الطبعة الجديدة للكتاب وهوامشه بذكاء مزج ما بين ثراء سيرة حياة المؤلف ألبرت حوراني الذي قضى عام 1993، وما بين تكثيف عرضه البارع للمتغيرات الخطيرة في العالم العربي منذ أن ظهر الكتاب لأول مرة ليحظى بإقبال لافت من القارئ الغربي.
فالإضافات لم تشوه العمل الأصلي أو تعتدي على فكرة المؤلف الذي ولد عام 1915 وتخصص فى تاريخ العرب، وإنما زادت الكتاب ثراء ليكون عرضا بديعا لتاريخ العالم العربى منذ البعثة المحمدية الجليلة المباركة من السماء، حتى نشطاء الفيسبوك من الشباب المصرى عندما تنادوا للنزول لميدان التحرير من أجل التغيير والثورة على في ذكرى الوحدة .