بعد شهور من التفكير اتخذت «منى» القرار الصعب، فهى تريد أن تشترى سيارة منذ سنوات، أخيرا استقرت على اختيار سيارة مناسبة لإمكاناتها وتدخل فى شريحة دعم البنزين. ذهبت منى إلى معرض السيارات القريب من بيتها لتسأل عن الأسعار، وكان رد صاحب المعرض غريبا، قال لها «نقدر نقولك سعر اليوم لكن بكره ما نعرفش، يعنى لو هتدفعى كاش النهارده تاخذى بسعر النهارده لو استنيتى لبكره أو الأسبوع الجاى أكيد هيبقى فيه سعر تانى».
هكذا أصبحت سوق السيارات مثل سوق «الطماطم» وربما كانت الأخيرة أكثر استقرارا فى اسعارها والسبب عدم استقرار سوق الصرف والزيادات اليومية التى يشهدها الدولار أمام الجنيه، وهو ما أدى إلى زيادة اسعار السيارات بنسب تراوحت بين 10% و15% بحسب معارض بيع السيارات وهو ما أكدته أيضا شعبة السيارات بالغرفة التجارية. زيادة يومية تامر فتحى مدير المبيعات فى معرض كاروان موتورز يؤكد أن السوق شبه متوقف وأن هناك حالة من التردد والترقب تسيطر على العملاء الذين فوجئوا بهذه الزيادات شبه اليومية بسبب ارتفاع الدولار، وبحسب فتحى فإن مشكلة سوق السيارات لم تعد منظومة ترشيد دعم البنزين والكارت الذكى، فالناس تعلم أن هناك قرارات تصدر ثم تلغى أو تتغير خاصة إذا ما كانت تصدر بدون دراسة، مشيرا إلى أن الحكومة كان يجب عليها أن توفر وسائل نقل آدمية ومحترمة قبل تطبيق منظومة ترشيد دعم الطاقة حتى يترك الناس سياراتهم ويستخدمون هذه الوسائل. مشكلة الدولار الأكثر تأثيرا على السوق وفقا ل«فتحى» الذى يؤكد أن غالبية السيارات ارتفعت بنسب تتراوح بين10% و15% وحتى السيارات التى تصنع محليا وتستخدم ما يزيد على 40% مكون محلى ارتفعت أسعارها فمثلا السيارة فيرنا زاد سعرها بنحو 10 آلاف جنيه. «المستعمل الآن أصبح البديل أمام جانب كبير من عملاء السوق»، كما يقول تامر فتحى مشيرا إلى أن سوق المستعمل هو الآخر شهد زيادة بنسبة تتراوح بين 5% و10% بعد زيادة الإقبال عليه. كل وقت وله سعر «مثلما يتغير سعر الدولار بين ساعات النهار، يحدث ذلك فى سوق السيارات فالسعر فى الصباح قد يختلف عن المساء»، هذا ما تؤكده ياسمين عبدالله التى تعمل فى معرض جراند اتوموتيف للسيارات فرع مصر الجديدة، وتقول ياسمين إنها أصبحت تنبه الزبائن الذين يسألون على أسعار السيارات أن السعر يتغير كل يوم وان سعر اليوم سواء «كاش» أو قسطا قد لا يكون سعر الغد، فالمعرض مرتبط بأسعار الوكلاء أو الموردين الذين يغيرون الأسعار وفقا لتغير الدولار ومدى توافره، «حتى السيارات الصينى نازلة غالية». مشكلة الدولار طغت على موضوع ترشيد دعم البنزين وفقا لياسمين عبدالله وإن كان الناس الآن تتجه نحو السيارات الأقل من 1600 سى سى والسيارات التى تعمل بالغاز. «فيه ناس كتير كانت حاجزة سيارات سحبت المقدمات التى دفعتها عندما علمت بارتفاع الأسعار»، وفقا لما يقول محمد هشام مدير معرض الأحمدى موترز الذى يؤكد بدوره أن الأسعار تتغير ما بين النهار والليل، مشيرا إلى أن ما زاد من تباطؤ السوق حالة الخوف والقلق التى تسيطر على الناس منذ بداية العام فى ظل حالة من التوتر وعدم الأمان وعودة ظاهرة سرقة السيارات وبحسب هشام فإن المعرض لا يحقق المستهدف نهائيا، وأحيانا لا يتم بيع أى سيارة جديدة، لافتا إلى زيادة شريحة من يقومون بتبديل سياراتهم القديمة بأخرى، أو تتجه نحو شراء السيارات المستعملة رغم زيادة أسعارها هى الأخرى. تراجع حركة البيع يبرر عفت عبدالعاطى رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة زيادة أسعار السيارات بنسب تصل إلى 15% بأن الاستيراد وقيمة الشحن والتأمين البحرى يتم بالعملة الأجنبية، كما أن الجمارك بسعر الدولار يوم وصول الرسالة حتى لو كان الاعتماد المستندى بسعر أقل، وهو ما أدى إلى تراجع حركة البيع والشراء فى سوق السيارات بصفة عامة وفى حركة البيع بالتقسيط بصفة خاصة لزيادة مخاطرها بسبب توقعات انخفاض قيمة الجنيه.
ويشير عبدالعاطى إلى أن الشريحة الأكبر الآن تتجه إلى شراء السيارات ذات السعة اللترية الأقل من 1600 سى سى ليس فقط من أجل دعم البنزين فقط، لكن لأن مصاريف السيارة تكون أقل وإن كان يرى أن حصة السيارة من البنزين المدعوم بواقع 5 لترات يومية لا تكفى من يقطن فى مكان بعيد عن عمله، وقال عبدالعاطى إن الدعم النقدى أفضل كثيرا من الدعم العينى.