هرب آلاف السوريين من عنف قوات بشار الأسد في مختلف المحافظات السورية، ليصطدموا في البلدان الهاربين إليها بمعاناة جديدة، تتمثل في تردي الأوضاع الاقتصادية، وصعوبة المعيشة في البلدان الفارين إليها. وقد قدر عدد اللاجئين السوريين في مصر بأكثر من 150 ألف شخص في أكتوبر الماضي، حسب محمد الديري، المتحدث باسم المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تصريحات صحفية صدرت عنه في وقت سابق، معظمهم يعانون من مشاكل؛ كالبطالة، ومن فئات غير ميسورة الحال.
قال الدكتور حمدي عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات: "إن مصر تعيش أزمة اقتصادية كبيرة، وبها أزمة بطالة حادة بالنسبة لأبنائها من المصريين، فلا توجد فرص لغيرهم من أبناء الجنسيات الأخرى، وخاصة من السوريين، الذين يفرون من بطش نظام الأسد للقاهرة، بحثًا عن مكان آمن وعن فرصة عمل."
وأضاف، أن مصر من الدول المصدرة للعمالة، وعندنا فائض عمالة؛ لذلك لا توجد تأشيرات عمل بالنسبة للسوريين ولغيرهم، أما من لهم حق اللجوء السياسي، فلا نستطيع أن نمنعهم، لأنهم تابعون للأمم المتحدة ولهيئة شؤون الإغاثة، فبالتالي لهم أموال كإعانة من الأممالمتحدة.
وأشار إلى أن هؤلاء السوريين، يمثلون ضغطًا على الاقتصاد المصري، وعلى المرافق والشقق، ويرفعون أسعار السلع الموجودة بالأسواق، ويمثلون حجر عثرة بالنسبة للاقتصاد المصري ولسوق العمل.
أما السوريون فيلجؤون للزواج من المصريات؛ كسبيل للإقامة الشرعية في البلاد، والعكس من السوريات؛ حيث الزواج رخيص التكاليف، كطريق لمحاولة تفادي ارتفاع تكاليف الزواج من المصريات، وتشدد أهلهن في شروط الزواج من شقة وشبكة وغيرها من المتطلبات المجحفة، التي لا يقوى عليها إلا ميسور الحال.
وحول أثر ذلك على المصريين؛ فله آثار وخيمة على المصريين؛ منها: "ارتفاع أزمة البطالة لدى الشباب، وانتشار ظاهرة العنوسة لدى المصريات، لوجود من يزاحمهن، من جنسيات مختلفة، وتفشي ظاهرة الشحاذة من المصريين وغيرهم من السوريين، الذين لا يجدون قوت يومهم، فبالتالي يلجؤون للشحاذة؛ كسبيل للحصول على لقمة العيش."
وأضاف، أن على الدولة واجبات، للحد من هذه الظواهر، وهي إعمال قانون العمل، الذي لا يسمح بعمل غير المصريين في الدولة إلا بنسبة 10% فقط، من نسبة العمالة، وإحكام الرقابة، والتفتيش على الشركات وأصحاب المحال التجارية، والتحقق من سجلات العاملين، وتوفير فرص عمل للشباب المصريين، والتوسع في الاستثمار للشركات، وتزويد الطاقة الإنتاجية.
وفي سياق متصل، يقول الدكتور أحمد، طبيب بيطري، وأحد الفارين من سوريا للقاهرة: "أقطن في أرض اللواء أنا ووالدتي؛ البالغة من العمر ثمانين عامًا، وأبحث عن فرصة عمل مناسبة، حتى أستطيع أن أنفق على أمي، وأقيها شر السؤال."
وأضاف، أننا مررنا على عدة محافظات مصرية، ووجدنا ترحيبا حارًا ومعاملة مثلى من إخواننا المصريين، ويحاول البعض مساعدتنا بالمال تارة، وبإيجاد مأوى تارة أخرى.
وحينما سُئل عن المعوقات التي أقابله في مصر، قال: "تقابلنا في مصر مشكلات معضلة؛ أهمها المعيشة حيث إننا خارجون من بلادنا لا مال معنا، وبعنا ما لدينا في سبيل الحصول على تذكرة أو تأشيرة سياحية للدخول لمصر، مدتها ثلاثة شهور، وحتى نستطيع الحصول على إقامة لا بد أن يكون هناك عقد إيجار بين المستأجر والمؤجر، ونقطن في أماكن عشوائية لا إيجار فيها، ولا توجد طرق قانونية للإيجار، ولا نتمكن من الحصول على شقة في أماكن غيرها، لارتفاع الأسعار، وقلة المتاح لدينا من الإمكانيات".
وأضاف، أن المشكلة الثانية هي صعوبة الحصول على فرصة عمل؛ فنحن نعلم أن بمصر أزمة بطالة، وإذا وجدنا فرصة عمل تكون براتب أقل من راتب المصري؛ فمثلا عملت في معمل للتحاليل الطبية فترة الصباح والمساء، براتب 300 جنيه في الشهر؛ فاضطررت لتركها لعدم تناسب الراتب ولرعاية والدتي المريضة.
أما عن الزواج من السوريات، فأوضح أنه ومعظم السوريين يرفضون الموضوع؛ لكون الظرف خاطئًا، ولأنه توجد محاولات استغلال من قبل البعض للظروف، التي نحن بها، لكنه لا شائبة تشوبه، فقد أحله الشرع.
وأشار إلى تجربة له مع أحد الأشخاص، اتصل به يخبره بأن لديه فرصة عمل له، لكن في مقابل الحصول على إحدى السوريات لتكون زوجة له، وحينما أخبره أنه لا يعرف وليس في مقدوره، علّق فرصة العمل على هذا الموضوع.