"الله يرحمهم لا أول اتنين هيموتوا ولا آخر اتنين".. جملة قالها وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، وفجرت غضب الضباط من حوله، فطردوه ومنعوه من أداء صلاة الجنازة على الشهيدين، النقيب أحمد البلكى، والأمين أيمن عبدالعظيم اللذين قتلا فى أحداث الشغب بعد إحالة متهمى بورسعيد إلى المفتى بمسجد الشرطة بالدراسة أمس الأحد. وروى أحد الضباط الذين شاركوا فى طرد الوزير تفاصيل الواقعة ل«الشروق»، قائلا "حالة الغضب بداخلنا موجودة منذ تولى محمد إبراهيم الحقيبة الوزارية لاعتراضنا على قراره بعدم تسليح الضباط فى أماكن التظاهرات والتجمعات والمناوشات، وذلك لاندساس البلطجية بين المتظاهرين".
وأضاف الضابط الذى طلب عدم ذكر اسمه «عاتبنا الوزير أثناء الجنازة على إرساله الضباط وعساكر الأمن المركزى لتأمين سجن بورسعيد دون تسليح، والاكتفاء بالعصيان وقنابل الغاز المسيل للدموع، فى مواجهة بلطجية يريدون اقتحام السجن لتهريب المسجونين»، لافتا إلى أن الوزير برر ذلك بأنه "حماية لهم فى حالة وقوع وفيات فى الاشتباكات، وليكون قرار عدم التسليح دليل براءتهم من قتل أى شخص وعدم اتهام الوزارة بأنها تقتل شعب مصر".
وتابع «رددنا على الوزير وقلنا له يا فندم بس إنت كده بترمينا فى وسط البلطجية، وبتطلب مننا نأمن سجن بيتهاجم باللوادر والأسلحة النارية، وإحنا مطلوب مننا نواجه الاعتداءات دى بالعصيان وقنابل الغاز ومش مهم ضباطنا يموتوا لكن المهم إن الوزارة يطلع شكلها حلو وبريئة»، مضيفا وهو فى حالة غضب "وجدنا الوزير يقول لنا معلش، الله يرحمهم دول لا أول اتنين هيموتوا ولا آخر اتنين، فلم نتمالك أنفسنا، وقام بعضنا بالتعبير بشكل غاضب ورفضنا حضوره مراسم تشييع الجنازة وهتفنا ضده بره بره".
وأوضح الضابط أن الشهيد أحمد البلكى توفى فور إصابته بطلق نارى فى الرأس، من أحد القناصة المتواجدين أعلى أسطح المبانى التى تطل على سجن بورسعيد، حيث فوجئ الضباط والعساكر الذين كانوا يقفون مع البلكى فى ساحة السجن بسقوطه، كما أن شهيد الأمن المركزى لا يعمل فى الأساس بمحافظة بورسعيد، وإنما يتبع قطاع الأمن المركزى بمنطقة طرة فى محافظة حلوان.
واستدرك أن أحد الضباط المتواجدين حاليا فى سجن بورسعيد ضمن كتيبة تأمينه، يستنجد طوال الوقت بالضباط المتواجدين بالقاهرة للتدخل وإقناع الوزير بتسليحهم وإمدادهم بالطعام والشراب، "الضباط فى بورسعيد مش فارق معاهم ال21 متهم بتوع قضية بورسعيد، لكن المصيبة فى المسجلين خطر وتجار المخدرات والقتلة إللى ليهم سجل سوابق خطيرة ولو نجحوا فى الهروب هتحصل كارثة".
وأكد الضابط أنهم نقلوا لقائد قطاع الأمن المركزى خلال لقائهم به مساء أمس، استياءهم الشديد من الضغوط التى تمارس عليهم، «وحالة القرف اللى بنعيشها وقلنا له لما بيحصل أى هجوم علينا بيبقى قدامنا 3 حلول فقط، يا إما أموته وهبقى قاتل وأتحول للتحقيق، يا إما أهرب وساعتها سمعتى تقع ومش هيبقى ليا أى لازمة، ويا إما أموت وأدفع ثمن تخاذل الوزارة فى تسليحنا لمبررات غير مقنعة".
وكشف عن سبب رحيل وزير الداخلية السابق، أحمد جمال الدين، "كان التأمين عند الاتحادية محكما للغاية، وقافلين كل الطرق ومانعين أى محاولات للاعتداء على المتظاهرين المعتصمين حتى صدرت أوامر من الرئاسة بفض الاعتصام والتعامل معهم، وهو ما رفضه جمال الدين، وقال لهم: أنا مش هنفذ الأوامر وفى الآخر أشيل الليلة وأتحبس لو حد مات، أنا عايز أمر كتابى من الحكومة أو الرئاسة بالتعامل وضرب الغاز وهنفذه غير كده مش هنفذ، وهو السبب فى غضب الرئاسة عليه واستبعاده".
وحذر "الثورة القادمة هتكون ثورة غضب من الضباط على الوزارة، ولن نسكت كتيرا على تقديمنا ككبش فداء للنظام، لدينا إحساس بقلة تقدير وكرامة بين الناس، لأننا دائما متهمين فى كل الأحداث".
وأشار إلى أن الضباط يعانون من حالة نفسية سيئة، وسيتخذون إجراءات تصعيدية ضد الوزير إذا لم يستجب لمطالبهم الخاصة بالتسليح، وإعطاء الأوامر لهم بالتعامل بالقوة مع كل الخارجين عن القانون بشكل حازم، فى ظل التحديات التى تشهدها البلاد وعدم السماح لهم باستخدام أى أسلحة سوى القنابل المسيلة للدموع.