"فرحة بالمنزل الجديد الذي اشترته الأسرة المكون من حجرتين، لكل من في الأسرة حجرته الخاصة، الآباء والبنتين، ثم فاجعة بانهيار العمارة التي يوجد فيها البيت، في أواخر التسعينات، وقرار من الحكومة بنقل السكان إلى مساكن "مأوى الجنينة". ذلك هو حال أسرة عمي محمد التي انتقلت من بيت خاص بها مكون من غرفتين بعد انهياره، إلى إحدى غرف "مأوى الجنينة" بمنطقة اللبان في الإسكندرية، التي بالكاد تكفي زوجته وابنتيه، ويضطر هو للنوم على "كنبة" خارج الغرفة، ليس فقط لأن المكان لا يتسع له بل لحماية الزوجة والبنتين من المخاطر التي تحيط بتلك الغرفة.
يقول عمي محمد: "لم أعد أذكر الأعوام، كل ما أذكره أن العمارة التي كنا نسكن فيها انهارت في نهاية التسعينات، ونقلتنا المحافظة إلى ذلك المأوى على وعد بأن، نحصل على شقق بديلة، لبيوتنا المنهارة، وإلى الآن نعيش في تلك الغرفة المتهالكة."
عمي محمد الذي يعمل على "باب الله"؛ فيوما يعمل في المحارة، وآخر شيال، وآخر يمسح السيارات، فقد ثقته في المسؤولين، لكنه لم يفقد أمله في أن ينتقل هو وزوجته وابنتيه البالغتين من العمر 12عامًا، و15 عامًا، إلى منزل جديد يسعهم كلهم، ويوفر لهم الحماية من أمطار الشتاء وبرودة الجو في الإسكندرية، والمخاطر التي تملأ «مأوى الجنينة» أيضًا.
وشكا عمي محمد من الإهمال الذي يعانيه والوعود التي يعطيها لهم المسؤولون ولا تنفذ، قائلاً: "كل كام شهر ييجي لنا مسؤول يقول لنا هتتنقلوا في مساكن جديدة المحافظة بتبنيها، والسنين بتمر، ولا المساكن بتتبني، ولا بنتنقل من "الخرابة" اللي عايشين فيها دي".
وكان تقرير سابق للمجلس المحلي في الإسكندرية، قد ذكر أن المأوى غير صالح للسكن الآدمي، ووصف الوضع فيه بال"كارثي"، إضافة إلى شكوى العديد من أهالي المأوى من تحوله إلى وكر لتجارة المخدرات وتخزينها.
"بمعجزة إلهية، لم نمرض أنا أو بناتي إلى الآن، الله أعلم بالحال، لا ينقصنا المرض!!" قالها عم محمد بمزيج من الأسى والرضا، لأن العناية الإلهية أنقذته وهو بناته من الأمراض التي كان يمكن أن تصيبهم وهم يعيشون في مأوى مهدد بالانهيار، أهلكته مياه الصرف الصحي، وأتلال القمامة التي تواجهه.
لا يتمنى عمي محمد من الدنيا شيئًا سوى أن يطمئن على بناته في بيت آمن لهم، ووجه حديثه للرئيس مرسي الذي أعطاه صوته في الانتخابات الرئاسية بتحقيق تلك الأمنية والنظر إلى أوضاعهم غير الآدمية، والتي يتحملوها منذ سنين على أمل أن يأتي مسؤول "بيراعي ربنا" وينقلهم من تلك المأساة التي يعيشون فيها.