اتهمت أسرة تاجر ملابس بالوراق، ضباط وأفراد قسم شرطة الوراق، بتعذيبه حتي الموت والادعاء بأنه مات بعد مشاجرة مع بعض السائقين أمام القسم. وبدأت النيابة أمس بالتحقيق فى الواقعة، حيث انتقل رئيس نيابة الوراق المستشار ياسر عبد اللطيف، بمعاونة أحمد القصبجي وكيل النيابة، لمعاينة جثة المتوفي سامح أحمد فرج 48 عاما، وتبين وجود آثار "كلابشات" بمعصم اليد، وكدمات بأماكن متفرقة بالجسم، وكذلك وجود جرح قطعي بالقدم.
وأمرت النيابة بتشريح الجثة واستعجال تقرير الطب الشرعي بشأنها، كما أمرت باستدعاء مأمور قسم الوراق، ومدير مباحث القسم والضابط الذي حرر محضر وقوع مشاجرة بين التاجر وسائقي الميكروباص، لسماع أقوالهم بشأن الواقعة والاتهامات الموجهة إليهم من أهالي الضحية، ومن المقرر أن يمثلوا جميعهم أمام النيابة.
بدأت الواقعة عندما فوجئت زوجة المجني عليه، وابنتاها بحضور قوة شرطة إلى منزلهم طالبين منهن الحضور لاستلام جثمان المتوفي باعتباره تعرض لحادث وتم نقله إلى مستشفى الموظفين بإمبابة.
انتقل الأهالي إلى المستشفى، وعقب دخولهم إلى ثلاجة الموتى لمناظرة الجثة، لاحظوا أثار قيود في معصم اليد، بدت أنها ناتجة عن "كلابشات"، وكذلك آثار دماء على القدمين العاريتين من الحذاء، وتورم في الوجه والرأس.
واستفسر الأهل من العاملين بالمستشفى عن طبيعة الحادث، فقالوا إن "قسم الوراق سلمهم الجثة وطلب منهم حفظها، حتى حضور ذويه للتعرف عليه، ولا يعرفون تفاصيل أكثر من ذلك".
وأكدت الزوجة لأقاربها، أن زوجها خرج صباح أمس الثلاثاء مبكراً عن موعد عمله، قاصداً شرطة الوراق للتوسط لصديق محبوس بسبب مشاجرة للإفراج عنه، مشيرة إلى أنها اعتقدت أنه سينتهى من مهمته سريعاً ويتوجه إلى "أكل عيشه" في محله الكائن بشارع الجامع بإمبابة.
دارت الشكوك في رأس الأهل بعد ما قالته الزوجة، وعندما فحصوا الجثة مرة أخرى تبينوا شدة الاعتداءات على جسده، ولاحظ ابن شقيقه أن عمه لا يرتدي حذاء أو حزاما، واستكملت الزوجة الفحص فتبين اختفاء ال "بلوفر"، الذى كان يرتديه فى الصباح.
انتقل رجال العائلة إلى القسم، في نحو السادسة من مساء أمس الثلاثاء، واستمعوا إلى عدد من الروايات حول مقتله، فبينما يقول البعض إنه كان يتشاجر مع سائقي الميكروباص أمام القسم، يشير الآخرون إلى أنه اعتدي بالضرب على أحد المسنين، وأن المارة أوسعوه ضرباً دفاعا عن الرجل المسن، وتؤكد رواية ثالثة أنه حطم 3 سيارات أمام القسم وكذلك مكتب رئيس المباحث، لكن الأقارب لم يقتنعوا بأي من هذه الروايات.
وفي داخل القسم، فوجئ الأقارب بوجود نائب مدير أمن الجيزة، وعدد غير طبيعي من كبار قيادات مديرية أمن الجيزة، الذين قدموا التعازي لأهل المتوفي، وسلموهم متعلقاته (الحذاء والبلوفر والحزام)، وأوضح القيادات للأهالي أن الوفاة كانت بسبب حالة العصبية الشديدة والهياج الذي تعرض له سامح إثر المشاجرة مع سائقي الميكروباص أمام القسم.
وسجل ضباط قسم شرطة الوراق فى محضر رسمي، وقوع مشاجرة أمام الشارع الذي يقع به القسم، بين الضحية وبين عدد من السائقين وحدد المحضر أسماء ثلاثة منهم، وأنه بعد تدخل قوة من القسم لفض المشاجرة اصطحبوا المجنى عليه إلى داخل القسم فأخذ يسبهم ويشتمهم، ثم ثار وهاج وحطم مكتب رئيس مباحث القسم واستراحته، وسقط على الأرض جثة هامدة.
ونقلت قوة من القسم الجثة إلى مستشفى الموظفين بإمبابة، ولم يقتنع الأهالي برواية محضر الشرطة، وتوجهوا إلي نيابة الوراق لتقديم بلاغ رسمي يتهم ضباط القسم بتعذيب سامح.
وأمام النيابة طالب أهل المتوفي بالتحقيق في واقعة وفاة قريبهم، مؤكدين تشككهم بشأن تعذيبه في داخل قسم الوراق، خاصة وأنه كان ذاهباً إلى القسم للوساطة للإفراج عن صديقه.
وأضافوا أن هناك شهود عيان أبلغوهم بأن رئيس المباحث رفض وساطة قريبهم للإفراج عن صديقه المحبوس بالقسم.
من جانبه قال الدكتور، ماجد همام، مدير عام دار التشريح، في تصريحات ل"الشروق" إن الإصابة التي حضر بها المتوفى ليست بالجثامة التي تؤدي إلى الوفاة، لكنها في الوقت نفسه لا تمنع حدوثها، مؤكداً أن الإصابات عبارة عن كدمات وسحجات بالرقبة والكتف والرأس ولم يستدل على وجود آثار لجروح قطعية بالجثة.
وأصاف همام أن الكدمات بالرأس لم تبين من الكشف الظاهري حدوث نزيف داخلي بالمخ أو ارتجاج، وهو ما يتطلب إجراء أشعة مقطعية على المخ لبيان وجود نزيف من عدمه، قد يكون سبباً في الوفاة.
وأوضح أنه لا توجد أية إصابات مباشرة حول منطقة العين، وأن الاصابات جميعها نتيجة ضرب باليد، ولم تستخدم آلة حادة فيها أو عصي، وأكد على وجود آثار كلابشات حديدية حول رسغ اليد.
ولإمكانية التوصل إلى سبب الوفاة أشار همام إلى أنه تم أخذ عينات من الأحشاء والمعدة لتحليلها لبيان الحالة التي دخل عليها المتوفي القسم قبل الوفاة، ومعرفة نوعية الطعام الذي دخل المعدة، والتحقق من وجود أية أجسام غريبة أو مواد مخدرة بها، وإجراء تحاليل وأشعة على القلب والرئتين لمعرفة حالته المرضية في وقت سابق للوفاة.
وأكد أن الحالة تستلزم بحثاُ معملياً لمعرفة سبب الوفاة، في الوقت الذي لم ينفي فيه أن تكون الإصابات التي دخل عليها إلى المشرحة هي السبب في الوفاة.