إن بعض التغييرات المتوقع حدوثها سنة 2013 هى تغييرات حتمية، جزء منها يمكن أن يأتى نتيجة المسارات التى بدأت فى المدة الأخيرة، فى حين أن القسم الأكبر منها سيشكل مفاجأة بالنسبة لمتخذى القرارات وللمحللين فى آن معا. بالنسبة إلينا، فإن التطورات الأكثر أهمية هى تلك التى تجرى فى الولاياتالمتحدة. إذ تعتبر السنة الأولى من الولاية الثانية والأخيرة لباراك أوباما هى فرصته الأخيرة من أجل التأثير فى العالم وفى الشرق الأوسط. إذ بعد مضى العام الأول ستبدأ المعركة لانتخاب كونغرس جديد، وبعد مرور عامين ستتقلص حظوظ أوباما كثيرا فى تغير العالم.
إن مواجهة أوباما للتحدى الاقتصادى الهائل من شأنها التأثير على اقتصاد أوروبا وعلى الاقتصاد الإسرائيلى واقتصادات أخرى. وسيضطر أوباما من أجل مواجهة الأغلبية الضئيلة التى لديه فى مجلس الشيوخ، ومواجهة مجلس نواب معاد سياسيا له، إلى توظيف كل مواهبه السياسية من أجل انقاذ معظمنا من هاوية اقتصادية جديدة.
فى إيران ستجرى الانتخابات فى حزيران/يونيو القادم، وحينها سنتخلص ولو موقتا من أحمدى نجاد. والسؤال الذى يطرح نفسه: هل انتخاب رئيس جديد سيؤدى إلى انفتاح أكبر من جانب إيران وإلى استعدادها للتوصل إلى تسوية مع الغرب، وإنقاذها من العقوبات القاسية؟ أم أن الرئيس الجديد سيواصل تمسكه بالمشروع النووى الإيراني؟
خلال سنة 2013 سيتحدد مستقبل سورية. وفى حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والمعارضة المنقسمة، وحتى الآن من الصعب رؤية مثل هذا الاتفاق، وفى حال تلكأت الولاياتالمتحدة فى التدخل، فمن المحتمل أن ينشأ وضع يُهزم فيه الأسد، ولكن تتواصل المعركة على السلطة فى سورية بين الأطراف العلمانية وبين الأطراف الدينية والدينية المتشددة. ويمكن أن تستمر هذه المعركة لفترة طويلة من الزمن، وأن تؤدى إلى عدم الاستقرار ما وراء حدودنا الشمالية الشرقية، وأن تشغل المسئولين الأمنيين عندنا.
أما الرئيس المصرى محمد مرسى فسيواجه هذه السنة إعادة للانتخابات البرلمانية، وذلك بالاستناد إلى الدستور الذى أُقر فى الأسابيع الماضية. وسوف يكون عليه أن يحسم ما إذا كان يمثل المصلحة المصرية ويعمل على إنقاذ اقتصاد بلاده من الضائقة الحادة التى يمر بها، أم أنه ممثل للإخوان المسلمين.
إن العام الأول من ولاية نتنياهو الثالثة سيكون مهما. وسيكون فى إمكانه اتخاذ خطوات سياسية واقتصادية بالغة الأهمية، وذلك قبل أن تبدأ التصدعات فى الظهور داخل الائتلاف الذى سيشكله.
ويمكن القول بأن الامتناع عن القيام بمبادرة سياسية، وتحميل الجانب الفلسطينى مسئولية الجمود السياسى، من شأنه أن يؤدى إلى سقوط السلطة الفلسطينية، وتحمل إسرائيل العبء المالى والأمنى.
ومنذ الآن يتحدث محمود عباس عن ذلك بصورة علنية. ومما لا شك فيه أن المصاعب المالية التى تواجهها السلطة تقرّب ساعة الحسم السياسى. كما أن المشكلة الديمغرافية تفرض هى أيضا على نتنياهو المبادرة إلى تحرك سياسى.