بعد شهرين من الآن تجرى انتخابات مجلس الشعب الأولى بعد وضع الدستور، لكن مشكلة المراقبة تستمر دون اهتمام من قبل القائمين على التشريع في مصر، فتظل القيود على منظمات المجتمع المدني، والقرارات الفجائية تمثل عائقا أمام تحقيق الهدف الرئيسي من عملهم، حتى أن المنظمات الدولية منها قررت أن ترفض المراقبة بالشروط المقيدة التي تضعها اللجنة العليا للانتخابات. "المشكلة ليست في طريقة المراقبة لكن في التسهيلات أو القيود التي تفرض على المراقبة سواء محلية أو دولية في مصر"، هكذا لخص مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهي الدين حسن، مشكلة المراقبة في مصر، مشيرا إلى أن المسئولين عن العملية الانتخابية "من الناحية الرسمية يرفضون تعبير المراقبة، ويستخدمون المشاهدة أو المتابعة لدرجة أني سميتها عندما وجهوا دعوة لمنظمات دولية أن تراقب باسم"سياحة انتخابية"، حيث يدعو المنظمات الدولية لتقوم بجولة سياحية وفي نفس الوقت تزور مراكز التصويت".
وأضاف حسن "لو راجعنا التعليمات التي لم تعلن في الاستفتاء الأخير، والتي قيل إنها نفس التعليمات السابقة في انتخابات الرئاسة، نجدها لم تتغير تغير جوهري منذ عهد مبارك، متابعة ومشاهدة ولا أحد يراقب عملنا"، موضحا أنه غير مسموح للمراقب أن يتدخل ليلفت نظر رئيس اللجنة الذي من حقه أن يخرجه ويعتبر هذا تدخل في عمله.
وتابع أن هذه القيود تشمل أيضا أمورا غير مكتوبة مثل أن تتم الدعوة للاستفتاء بشكل مفاجئ مما يجعل المنظمات غير قادرة على المشاركة، لتكون هناك فترة كافية للمنظمات لتعد نفسها، والإعلان عن الشروط والتسهيلات قبلها بفترة كافية، لتقوم المنظمات بتدريب المراقبين وفقا لطبيعة التسهيلات الممنوحة.
وذكر حسن بموقف مركز كارتر الذي أعلن بعد الاستفتاء الأخير أنه لن يأتي إلى مصر للمراقبة إلا إذا تغيرت الشروط والمعطيات والتسهيلات التي تمنح للمراقبين.
وأوضح أنه وفقا للمعايير الدولية، من حق المراقب أن يتدخل بلفت نظر رئيس اللجنة إذا كان الخلل الحادث بحسن نية يسارع لتصحيحه، أما لو بسوء نية لن يقوم بشيء؛ وفي كل الأحوال على المراقب أن يثبت هذا في تقريره، "هذا هو الطبيعي الذي يحدث في كل الدنيا حيث تكون هناك شروط مراقبة فعلية".
وطالب حسن برفع مطلب للأمم المتحدة لتشرف على الانتخابات القادمة وتنظم العملية الانتخابية، "بعد ما حدث في الاستفتاء ومع الأخذ في الاعتبار الفشل المتوالي في إتاحة مراقبة حقيقية في الانتخابات السابقة"، على حد قوله.
وبرر حسن مطلبه هذا بأن "المجتمع أصبح منقسم بالفعل، وهناك الشكوك قوية جدا لدى مختلف الأطراف وبالتالي من السهل نقل أي عملية انتخابات لمعارك دموية وعنيفة، وإشراف الأممالمتحدة سيقلل الشك لأنها مؤسسة لها جهاز مدرب على إدارة هذا النوع من الانتخابات في مجتمعات مختلفة الثقافات والأديان والتعليم، والأهم أن لا أحد سيقول أن الأممالمتحدة متحيزة مع الإخوان المسلمين أو ضدهم وبالتالي لو حدث خلل أو قصور لن يفسر كما يمكن أن يفسر في أي انتخابات تشرف عليها الجماعة"
من جانبه اتفق رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حافظ أبو سعده، على أن المشكلة تكمن في قانون الانتخابات، ولا توجد مشكلة لدى منظمات المجتمع المدني، التي أكد أنها لديها خبرات جيدة جدا في هذا المجال.
وشدد أبو سعده على أن "القانون لابد أن يكون هناك إلزام على إدارة الانتخابات لتقبل تواجد المنظمات في فرز الأصوات وإعلان النتائج، موضحا أن ما يحدث هنا هو أنه "أول ما يبدأ المندوب أن يسأل ويستفسر أو يسجل أي اعتراض أو انتهاك يتم طرده للتغطية على الانتهاكات".
وأشار أبو سعده إلى أن المنظمات لديها مقترح قديم لينص في قانون الانتخابات على تواجد مسئول منظمة مجتمع مدني داخل لجنة الانتخابات، وأن يكون ملزم لرئيس اللجنة وإلا يتوقف العمل في اللجنة، وهذا يكون أفضل للانتخابات، مضيفا أنهم تقدموا بهذا المقترح لجبهة الإنقاذ والأحزاب السياسية لتبني هذا المقترح.