تراجع معدل التغير السنوى لأسعار المستهلكين ب40% فى شهر واحد، مسجلا 4.1% فى شهر نوفمبر 2012، وهو أقل معدل له منذ سبع سنوات، فى مفاجأة كبيرة لخبراء السوق، الذين عجزوا عن وجود تفسير منطقى لهذا التراجع الكبير. فى الوقت نفسه، سجل المعدل الشهرى للتضخم انخفاضا «كبيرا» قدره 1.5% مقابل زيادة قدرها 0.8% الشهر الماضى. «توقعنا تراجع معدل التضخم السنوى إلى 6.1% خلال نوفمبر، ولكن أن يصل مقدار التراجع إلى 3% مرة واحدة، هذا كثير»، يقول محمد أبو باشا، محلل الاقتصاد فى المجموعة المالية إى إف جى هيرمس.
شهدت مجموعة الخضراوات انخفاضا شهريا بنسبة 12.2%، وذلك لزيادة المعروض من المحاصيل الخريفية، ومجموعة الأسماك الطازجة بنسبة 2.2%، والدواجن 1.5، دافعين مؤشر الطعام والشراب إلى تسجيل تراجع فى معدل الزيادة بنسبة تصل إلى 3% على المستوى الشهرى، بحسب بيان الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء الصادر أمس. وكذلك مجموعة الغاز الطبيعى والبوتاجاز سجلت تراجعا بنسبة 14.1%، نتيجة زيادة المعروض من أسطوانات البوتاجاز، وانخفاض سعرها ب15%.
سجلت بعض الأسعار تراجعا كبيرة بالفعل، بحسب أبو باشا، خصوصا الخضراوات وهى تمثل 5% من وزن السلة التى يقوم عليها قياس معدل التضخم، بالإضافة إلى انتهاء أثر الزيادة لقرار رفع أسعار السجائر الذى طبقته الحكومة أكتوبر 2011، وهذا من الطبيعى أن ينعكس على المؤشر، و«لكن ليس بهذا الشكل، فجميع هذه العوامل غير كافية لتحقيق هذا الانخفاض الشديد»، بحسب قوله.
ولا تجد عالية ممدوح، محللة الاقتصاد فى بنك الاستثمار سى آى كابيتال، مبررا لهذا التراجع «الحاد والمفاجئ» إلا انخفاض حجم الإنفاق من قبل الأسر المصرية نتيجة الاضطرابات التى تشهدها الساحة المصرية، ولكنها أيضا لا تراها كافية لتحقيق كل هذا التراجع. «العملة المصرية فى أضعف أوقاتها الآن وهذا ما يخلق نوعا من التضخم ناتج عن ارتفاع فاتورة الاستيراد، فكيف إذن كل هذا الانخفاض؟»، تتساءل ممدوح، والتى كانت تتوقع معدلا للتضخم 6.9% خلال شهر نوفمبر.
وكان الرئيس محمد مرسى قد أصدر قرارا أمس الأول بزيادة الضرائب على الدخل، وعلى ما يقرب من 150 سلعة استهلاكية، والمحمول، والخدمات، إلا أنه سرعان ما أوقف تطبيق هذه القرارات، دون إبداء سبب لتطبيقها أو إلغائها.
«هذه الزيادات ستطبق آجلا أو عاجلا، فهى حزمة من الإجراءات المشروطة من قبل صندوق النقد الدولى، ولن تستطيع الحكومة الامتناع عن تنفيذها، ولكنها قد تكون أجلتها لحين الانتهاء من الاستفتاء وهدوء الشارع. هذه البلبلة الموجودة على الساحة الاقتصادية حاليا قد تدفع الحكومة إلى التلاعب فى أرقام التضخم لتهدئة الرأى العام وطمأنته من أن الوضع يستوعب زيادة الأسعار المرتقبة»، بحسب محلل اقتصادى فى أحد البنوك الاستثمارية، فضل عدم نشر اسمه.
ويتوقع أبو باشا زيادة تصل كحد أدنى إلى 1.5% فى معدل التضخم، فى حالة تطبيق هذه القرارات، مشيرا إلى أن الجميع على يقين باقتراب تطبيق الحكومة لزيادة فى الأسعار، سواء من خلال تخفيض الدعم، أو زيادة الضرائب، و«لكن توقيت هذه الزيادة المتوقعة، وقيمتها، هما اللذان سيحددان قيمة هذه الزيادة»، بحسب قوله، متوقعا أن يتعدى متوسط معدل التضخم فى 2013 ال8%.
اتفقت عالية ممدوح، مع التوقعات بزيادة التضخم فى حالة تطبيق هذه القرارات، وإن كانت أكثر حدة فى توقعاتها لارتفاع التضخم، قائلة: «الحكومة تحاصر المستثمر بأنواع عديدة من الضغوط المالية، الطاقة، والضرائب، ومما لا شك فيه ان المستثمر لن يتحمل هذه الزيادة بمفرده، بل سيلقى بجزء منها على كاهل المستهلك»، بحسب قولها، متوقعة أن يصل معدل التضخم فى نهاية العام المالى القادم إلى 10.3%.