أكد خبراء سياسيون أن حالة الانقسام الحادة التى خيمت على البلاد منذ أن أصدر محمد مرسى، رئيس الجمهورية الإعلان الدستورى المثير للجدل الخميس الماضى، شديدة الشبه بالأزمة السياسية الطاحنة التى شهدها لبنان فى ديسمبر 2006، بعدما هبت المعارضة بزعامة «حزب الله» و«حركة أمل» و«التيار الوطنى الحر» لإسقاط حكومة فؤاد السنيورة، بعد اتهامها بزيادة الدين العام، والتوسع فى برنامج الخصخصة، ودخلوا فى اعتصام مفتوح استمر عدة أشهر فى ساحات «رياض الصلح» و«الشهداء» فى قلب العاصمة بيروت، فيما رفضت قوى الموالاة أو الأكثرية النيابية بزعامة تيار المستقبل وحزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب» إقالة الحكومة وواجهت تظاهرات المعارضة بتظاهرات مماثلة مؤيدة للسنيورة فى «الطريق الجديدة»، ومناطق لبنانية أخرى. المشهد فى مصر بحسب الخبراء هو نفسه ما حدث فى لبنان فى 2006، ففيما احتشدت المعارضة التى يقودها رموز وأحزاب سياسية مدنية، على رأسها محمد البرادعى زعيم حزب الدستور، وحمدين صباحى زعيم التيار الشعبى، عمرو موسى المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، وبدرجة أقل عبدالمنعم أبوالفتوح، زعيم حزب مصر القوية، وبقية فصائل التيار المدنى، لرفض الإعلان الدستورى المكمل عبر اعتصام فى ميدان التحرير بالتوازى مع فاعليات احتجاجية فى المحافظات المختلفة، نجد القوى الموالية للرئيس وكلها إسلامية تعلن احتشادها الثلاثاء المقبل فى ميدان عابدين القريب من ميدان التحرير تأييدا لهذا الإعلان المثير للجدل.
مصطفى حجازى، خبير التخطيط الاستراتيجى والحوكمة، جميع المقدمات حاليا تنذر بتكرار التجربة اللبنانية فى مصر، وذلك لأن التنظيمات بما فيها حزب الله فى لبنان والإخوان المسلمين فى مصر، تعانى من إشكالية رئيسية وهى أنها عندما تشعر بالخوف تصبح فى حالة عداء مع شعبها ومؤسسات الدولة، موضحا أن التنظيم عندما يحكم يكون فى حالة دفاع عن نفسه تجبره على استعداء مؤسسات دولته وشعبه، كما أنه يرفض التصالح مع المجتمع.. فتصالحه يعنى ذوبانه فى المجتمع، وذلك يتعارض مع كيان التنظيم ووجوده، وفكره الذى يقوم عل العنصرية والتفوق النوعى، وكما يؤمن التنظيم أنه بعث من أجل هداية المجتمع»، على حد قوله.
وحذر حجازى من إصرار مرسى وجماعة الإخوان على اتباع مثل هذه السياسات الهدامة التى تؤجج لنشوب حرب أهلية بين أبناء الشعب، ورأى حجازى أن استمرار الصراع بين الإخوان والقوى الوطنية إما أن ينتهى بعودة الإخوان لرشدهم وتفاوضهم مع القوى الوطنية حول تحقيق مطالبهم، أو ينتهى بانفجار مجتمعى ينتج عنه إقصاء وإزاحة تنظيم الإخوان من المشهد السياسى نهائيا مثلما حدث مع الحركات الجهادية.
وأكد حجازى أن مرسى والإخوان يسعون إلى إدخال المجتمع المصرى بيت الطاعة التنظيمى، إلا أنهم لن سيفشلون فى ذلك، فهم بإمكانهم إقناع مجموعة بأفكارهم ولكنهم لن يتمكنوا من إدخال لا مجتمع المصرى بطوائفه المتنوعة بوابة الطاعة.
فى سياق متصل، قال الدكتور أشرف الشريف، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية، التجربة اللبنانية قابلة للتكرار فى مصر والمتسبب الأول فى ذلك هو سياسات الرئيس مرسى التى ترسخ الانقسام وتعمق الاستقطاب بين أفراد المجتمع، مما يؤدى إلى «اشتباكات أهلية تهدد الاستقرار الاجتماعى»، موضحا ان انهيار النظام الانتقالى يعنى افتقاد والقواعد الحاكمة للدولة، الاهداف المشتركة التى يتفق عليها الجميع، وهذا يفتح الباب وقتها إلى الفوضى.
wواعتبر الشريف أن ما الصراع بين المعسكرين يعكس مشهدا ديمقراطيا وليدا واستمرار الصراع نتائجه صحية على المدى الطويل، ولكنه فى حاجة إلى الوقت والجهد لتحقيق نتائج مرضية، ورأى الشريف أن كلا المعسكرين أضعف من الانتصار على الآخر، إلا أنه فى الإمكان أن يتخلى المعسكر السلطوى عن رؤيته ونظامه السلطوى حين يتأكد من استحالة تنفيذه عمليا نتيجة لعدم تناسبه مع طبيعة المجتمع المصرى.
وتابع الشريف: «وفى هذه الحالة سيلجأ الإسلامون إلى الاستناد إلى تأسيس نظام جديد يحمل بداخله جزءا من المبادئ الديمقراطية».