أكد مصدر حكومي أردني مسئول أن مصر تقوم حاليا بتعويض المملكة عن كميات الغاز الطبيعي التي انقطع توريده في وقت سابق فيما أكد السفير العراقي في عمان الدكتور جواد عباس أن بلاده ستضاعف إمداداتها النفطية للأردن بأسعار تفضيلية لتصل إلى 35 ألف برميل يوميا بدلا من 10 آلاف برميل حاليا. وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته في تصريح لصحيفة "الغد" الأردنية الصادرة اليوم"الأربعاء" إن الاتفاق الأخير الذي وقع مع مصر خلال زيارة وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني علاء البطاينة الأخيرة إلى القاهرة يقضي بأن يصل معدل التزويد اليومي من الغاز للعام الحالي إلى 60 مليون قدم مكعب يوميا، مع التعويض عن الكميات التي لم تكن تصل خلال فترات الانقطاع بعد كل تفجير فى الخطوط، وهو ما تقوم به مصر حاليا، التي تضخ ما يراوح 100 مليون قدم مكعب يوميا.
وأوضح المصدر أن هذه الكميات تتضمن معدل 60 مليون قدم مكعبة المتفق عليها والفارق هو كميات التعويض. ووفق مسئولين أردنيين بلغ معدل كميات الغاز الطبيعي الواردة من مصر إلى الأردن يوميا العام الماضي نحو 87 مليون قدم مكعب مقارنة مع 220 مليون قدم مكعب عام 2010 و300 مليون قدم مكعب العام الذي سبقه.
وتشهد إمدادات الغاز الطبيعي المصري للأردن تذبذبا بفعل اعتداءات تقع على الخط الناقل للغاز إلى المملكة والتي بلغت 15 مرة منذ 5 فبراير 2011 مما يدفع الأردن إلى التحول إلى الديزل والوقود الثقيل وشراء الطاقة الكهربائية من خلال مشروع الربط العربي مما رفع تكلفة التوليد إلى مستويات عالية وحمل الحكومة الأردنية خسائر تراكمية تقدر بحوالي 5 ملايين دولار يوميا.
وبحسب بيانات رسمية فقد استورد الأردن عام 2011 حوالي 97 % من احتياجاته من الطاقة بكلفة بلغت حوالي 5 مليارات دولار تشكل حوالي 20 % من مجمل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.
تجدر الإشارة إلى أن اتفاقية تزويد الأردن بالغاز الطبيعي الموقعة بين مصر والمملكة في 2004 ولمدة 15 عاما تقضي بتوريد 240 مليون قدم مكعب يوميا للمملكة (2.4مليار متر مكعب سنويا)، وأن هذه الكمية تكفي لإنتاج 80% من احتياجات المملكة من الكهرباء والنسبة المتبقية يتم إنتاجها بواسطة الوقود الثقيل.
وعدلت مصر الاتفاقية مع الأردن لرفع سعر تصدير الغاز من 15ر2 دولار إلى أكثر من 5 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية وذلك للكميات المتفق عليها حتى عام 2019 وبأثر رجعي منذ شهر يناير الماضي على أن يتم تعديل سعر الغاز المصدر بعد ذلك كل سنتين وفقًا للقواعد المعمول بها في السوق العالمية.
من ناحية أخرى ، أكد السفير العراقي في عمان الدكتور جواد عباس في تصريح صحفي اليوم "الأربعاء" أن بلاده ستضاعف إمداداتها النفطية للأردن بأسعار تفضيلية لتصل إلى 35 ألف برميل يوميا بدلا من 10 آلاف برميل حاليا.
ولفت إلى أن تشييد خط "التابلاين" إلى ميناء العقبة هو مصلحة للبلدين الشقيقين حيث سيتمكن العراق من تصدير نفطه إلى الأسواق الخارجية وتزويد الأردن بكميات إضافية تصل إلى 125 ألف برميل يوميا. وأشار إلى أن العراق منذ سنوات وهو يمد الأردن بالنفط بأسعار تفضيلية وسيستمر في ذلك لأن العلاقة الطيبة بين الشعبين الشقيقين تسمو فوق كل اعتبارات.
وقال عباس " إن الأردن كان وما يزال له مواقف مشرفة مع العراق وشعبه وخاصة أبنائه المتواجدين على الأراضي الأردنية وتزويده بالنفط هو شيء قليل مقارنة بما يقدمه الأردن والعلاقات بين البلدين". ويعتمد الأردن على 97 % من مصادر الطاقة على الخارج وذلك بمعدل 51 % للنفط و46 % على الغاز المصري.
وكانت الاحتجاجات الشعبية الواسعة قد اندلعت في كافة أرجاء الأردن منذ إعلان قرار الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية بنسب تتراوح بين 10 % و53 % في الثالث عشر من شهر نوفمبر الجاري رفضا للقرار وسط إصرار حكومي على عدم العودة عنه والمضي في تطبيقه.
وخلفت تلك الاحتجاجات على رفع الحكومة أسعار المشتقات النفطية قتيلا واحدا و71 مصابا من بينهم 54 من قوات الأمن العام والدرك الأردنية فيما جرى اعتقال 158 شخصا تم إطلاق سراح العديد منهم ممن لم يثبت ضلوعهم في أعمال الشغب وإحراق العديد من المباني الحكومية والخاصة.
ودافع رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبد الله النسور عن قرار حكومته برفع الدعم عن المشتقات النفطية، بالقول " إن الحكومة لو لم تتخذ القرار في الوقت المناسب لكان البديل أسوأ على الاقتصاد الأردني /.. مؤكدا أن القرار لا بديل عنه للدولة الأردنية وأن أي قرارات أخرى لا يمكن أن تحل الأزمة المالية التي تواجه الاقتصاد الأردني على المدى القصير.
وتشير الحكومة الأردنية إلى أن قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية يأتي بسبب الوضع الاقتصادي بالغ الصعوبة حيث أن الوضع المالي للدولة قد تأثر بشكل كبير نتيجة الربيع العربي وفي هذه الفترة خسر الأردن على الأقل ما بين 5 - 4 مليارات دولار نتيجة انقطاع الغاز المصري والركود الاقتصادي والحراكات الشعبية المطالبة بالإصلاح الشامل الأمر الذي كان له ثمن باهظ نتج عنه الوضع المالي الصعب على الاقتصاد الأردني ولا يمكن تأجيل القرارات الخاصة بإيجاد الحلول الجذرية له.
وتشير تقديرات رسمية إلى أن قيمة خسائر الأردن من انقطاع الغاز المصري خلال العامين الأخيرين وصلت إلى 700ر1 مليار دينار فيما سيبلغ عجز الميزانية مع نهاية العام الجاري 5 مليارات دينار وسط تحذيرات بتآكل احتياطيات الأردن من العملات الأجنبية والذي انخفض حاليا إلى حوالي 7 مليارات دولار مقابل 17 مليارا في العام الماضي. (الدولار الأمريكي يساوي 0.708 دينار أردني).
ويرى خبراء ومراقبون أن إعادة النظر في دعم المحروقات بالأردن كان يجب أن يؤخذ منذ عامين من قبل حكومات سابقة إلا أن تداعيات الربيع العربي أجلت القرار الذي لم يعد يحتمل التأجيل أبعد من ذلك مع ضرورة توجيه الدعم بشكل حقيقي للأردنيين خاصة مع وجود 5ر1 مليون نسمة من غير الأردنيين يقيمون بالمملكة ويستفيدون من دعم الحكومة.
وتطالب الحركة الإسلامية في الأردن ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي وقوى سياسية معارضة وحراكات شعبية وعشائرية بالعدول عن قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية وترى أن محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين وإرجاع مقدرات الوطن المنهوبة إلى خزينة الدولة هو القرار الصائب بدلا من رفع الدعم والتخلي عن حلول الأزمة الاقتصادية التي يعانيها الوطن على حساب جيوب المواطنين الذين يعانون من أوضاع معيشية صعبة تجنبا لزيادة الاحتقان وحفاظا على استقرار الأردن.
يشار إلى أن الأردن يشهد مسيرات واعتصامات ووقفات احتجاجية وتظاهرات منذ شهر يناير 2011 للمطالبة بالإصلاح الشامل ومكافحة الفساد ومحاكمة المفسدين.