ماكرون: بوتين لا يريد السلام بل يريد الاستسلام مع أوكرانيا    اهتمام أمريكى مفاجئ بالسودان.. لماذا الآن؟    في غياب الأهلي.. فتح باب حجز تذاكر الجولة الثالثة للدوري    الرمادى: محمد السيد من مصلحته التجديد للزمالك.. وفتوح لا يستحق البيع    أشرف صبحي يجتمع باللجنة الأولمبية لبحث الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    في الظهور الأول لمودريتش.. ميلان يهزم باري ويتأهل للدور الثاني لكأس إيطاليا    عامل يدعى سرقة ابنه مبلغا ماليا للتوصل لمكان اختفائه بالحوامدية    السكة الحديد: تشغيل القطار الخامس لتيسير العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    أمسية دينية بلمسة ياسين التهامى فى حفل مهرجان القلعة    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يفتتحان الملتقى القومي الثالث للسمسمية    بداية متواضعة.. ماذا قدم مصطفى محمد في مباراة نانت ضد باريس سان جيرمان؟    رضا عبد العال: فيريرا لا يصلح للزمالك.. وعلامة استفهام حول استبعاد شيكو بانزا    «الأداء والعقود والصفقات».. اجتماع هام بين الخطيب وريبيرو في الأهلي (تفاصيل)    مصطفى محمد يشارك في خسارة نانت أمام باريس سان جيرمان بانطلاق الدوري الفرنسي    انطلاق دورة تدريبية لمديري المدارس بالإسماعيلية    زلزال قوي يضرب ولاية تبسة شرقي الجزائر    ننشر أقوال السائق في واقعة مطاردة فتيات طريق الواحات    قرار هام بشأن البلوجر «شاكر محظور دلوقتي» في اتهامه بقضية غسل الأموال    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في واقعة مطاردة طريق الواحات    لاريجاني: إسرائيل كانت تراهن على عزلة إيران    جوزيف عون: عدم الموافقة على «الورقة الأمريكية» تعني عزلة لبنان    4 أبراج «مرهقون في التعامل»: صارمون ينتظرون من الآخرين مقابل ويبحثون عن الكمال    منى عبد الغني تنعي تيمور تيمور: «عاش بطلًا ومات شهيدًا في سبيل إنقاذ ابنه»    الاحتجاجات في إسرائيل محدودة التأثير وحكومة نتنياهو لا تصغي للشارع|خاص    حماية المستهلك: نلمس استجابة سريعة من معظم التجار تجاه مبادرة خفض الأسعار    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 18 أغسطس بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الاثنين 18 أغسطس 2025    رغم وفاته منذ 3 سنوات.. أحمد موسى يكشف سبب إدراج القرضاوي بقوائم الإرهاب    فاجعة وفاة تيمور تيمور.. 10 إجراءات بسيطة قد تنقذ حياتك من الغرق    وزارة الأوقاف تنفي شائعات بدء التقدم لمسابقة العمال والمؤذنين    حماية المستهلك عن البيع الإلكتروني: تعديل قانوني مرتقب يُشارك شركة الشحن مسئولية الغش التجاري    هزة أرضية بشدة 5.8 درجات تضرب شمال شرق الجزائر    القيادة السعودية تعزي باكستان في ضحايا الفيضانات    قلق بشأن الأوضاع المادية.. توقعات برج الجدي اليوم 18 أغسطس    وائل القباني عن انتقاده ل الزمالك: «ماليش أغراض شخصية»    وزير قطاع الأعمال يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من كلية الدراسات العليا في الإدارة بالأكاديمية العربية    تحقيقات موسعة في واقعة مقتل لاعبة الجودو على يد زوجها ب الإسكندرية    هل يجوز ارتداء الملابس على الموضة؟.. أمين الفتوى يوضح    أمينة الفتوى توضح علامات طهر المرأة وأحكام الإفرازات بعد الحيض    جراحة دقيقة تنقذ أنف طفلة من تشوه دائم ب"قها التخصصي"    الهباش: قرار وقف الحرب بيد الإدارة الأمريكية وإسرائيل تهدد استقرار المنطقة    4 ملايين خدمة صحية مجانية لأهالي الإسكندرية حملة 100 يوم صحة    4 ملايين خدمة صحية مجانية لأهالى الإسكندرية ضمن حملة 100 يوم صحة    الرئيس.. من «جمهورية الخوف» إلى «وطن الاستقرار»    صور | «العمل» تجري اختبارات للمرشحين لوظائف بالأردن في مجالات الزراعة    إطلاق حملة «إحنا مصر» لترويج وتعزيز الوعى السياحى لدى المواطنين    جامعة بورسعيد تطلق مبادرة كن مستعدا لإعداد الشباب لسوق العمل    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    حلاوة المولد، طريقة عمل السمسمية في البيت بمكونات بسيطة    المفتي السابق يحسم جدل شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    رجيم صحي سريع لإنقاص الوزن 10 كيلو في شهر بدون حرمان    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فهمى هويدى يحاور أردوغان فى أنقرة
ثورة مصر يجب أن تنجح وتعاون مصر وتركيا ضرورى للنهوض بالمنطقة
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 11 - 2012

•أتشاور مع القاهرة لاتخاذ موقف حازم من العدوان الإسرائيلى على غزة

•تحالفنا الاستراتيجى مع مصر الديمقراطية وليس مع فصيل دون آخر

•أرفض العثمانية الجديدة ونتعامل مع العرب من منطلق الأخوة والندية والمصلحة

•جيش تركيا خرج من السياسة ونعيش فى ظل الدولة الديمقراطية لا الدولة العميقة

•أدافع فقط عن العلمانية التركية التى تحترم الديمقراطية والحياد بين أصحاب الديانات

•سنحافظ على وحدة التراب السورى.. وحدودنا مع سوريا حدود حلف الأطلنطى

قال السيد رجب طيب أردوغان إن العدوان الإسرائيلى على غزة فرض نفسه على جدول أعمال زيارته للقاهرة (اليوم وغدا) لاسيما أن هدف الزيارة هو فتح صفحة جديدة من التعاون الاستراتيجى واسع النطاق مع البلدين الكبيرين فى المنطقة.. وشدد فى هذا الصدد على أمرين أولهما أن تركيا تريد للثورة المصرية أن تنجح ولمصر أن تنهض لكى تستعيد عافيتها ودورها، لأن تعاون البلدين هو مفتاح النهوض والاستقرار فى الشرق الأوسط. الأمر الثانى أن تركيا تتطلع إلى تعاون وثيق ليس مع السلطة السياسية فى مصر فقط، ولكن أيضا مع مختلف القوى والفاعليات السياسية، وليس صحيحا ما يشاع عن أنها معنية بالتفاعل مع فصيل دون آخر.

كان اللقاء فى مكتبه بمقر حزب العدالة والتنمية فى أنقرة، فى ختام يوم حافل بالاجتماعات واللقاءات، ترك أثره على حالة الإنهاك التى بدا عليها، من لقاءات النهار السابقة. كنت أعرف مساعديه الذين التفوا حوله، لكنه قدم لى فتاة نحيفة محجبة قائلا إنها سمية أردوغان، نظرت إليه فقال إنها ابنته التى انضمت إلى مستشاريه (علمت لاحقا أن عمرها 29 سنة وأنها درست العلوم السياسية فى الولايات المتحدة والاقتصاد فى إنجلترا وتعلمت العربية فى الأردن). كان الجو غائما وباردا فى أنقرة، إلا أن أصوات المتظاهرين الغاضبين الذين خرجوا إلى شوارع اسطنبول احتجاجا على العدوان الإسرائيلى على غزة كانت مسموعة بقوة فى مقر الحكومة والحزب. أثناء اللقاء كان مستشار أردوغان للشئون العربية قد انتحى مقعدا جانبيا ووضع جهاز (الآى باد) على ساقيه. ومن خلاله كان ينقل إلى مسامع الرئيس أخبار غزة أولا بأول. لاحظت أن أردوغان كانت أذنه فى غزة والأذن الثانية تستمع إلىّ. كنت قد أرسلت مسبقا إلى سكرتيره الصحفى قائمة بعناوين خمسة موضوعات أردت أن أحدثه فيها. الآن أستحى أن أقول إن العنوان الفلسطينى لم يكن أولها وإن كان واحدا منها. أغلب الظن لأن أحداث المنطقة العربية وضعت الربيع العربى فى المقدمة، وصار العنوان الفلسطينى تلقائيا عنوانا ثانيا أو ثالثا (البعض انتهز الفرصة وشطب عليه). شكرا لنتنياهو الذى ذكرنا بأن فلسطين يجب أن تظل عنوانا أول.

رفضنا إعادة العلاقات

● قلت للسيد أردوغان: ما رأيك فيما يحدث فى غزة؟
قال: نحن نتابع ما يجرى ولا نستطيع أن نسكت عليه. فإسرائيل مصرة على ممارسة إرهابها بحق الفلسطينيين، غير مبالية بما يجرى فى العالم وما تقضى به القوانين والأعراف الدولية. وقد اعتادت أن تتلقى الانتقادات والإدانات وقرارات المنظمات الدولية، ثم تدير ظهرها لها وتمضى فى مخططاتها. رافضة أى حل سلمى وعادل. ما نملكه الآن هو أن نجرى الاتصالات والمشاورات لمحاولة إيقاف ذلك العبث. فالخارجية التركية تتابع وتحلل المعلومات، ومن جانبى سأقوم بالاتصال مع الأمين العام للأمم المتحدة وسكرتير حلف الناتو وأمين الجامعة العربية. وسأحاول الاتصال مع الرئيس باراك أوباما. ومن الطبيعى أن أجرى اتصالا مع بعض القادة العرب فى مقدمتهم الرئيس محمد مرسى (تم الاتصال مساء يوم الخميس). وسيكون الموضوع محل تشاور فى القاهرة بطبيعة الحال.

حين سألته عما إذا كان لديه أفكار محددة، كأن يطرح فكرة الذهاب إلى غزة للتضامن معها أثناء زيارة القاهرة.

قال إن الموضوع لم يكن مدرجا ضمن جدول أعمال هذه الزيارة، نظرا لضيق الوقت، فضلا عن أنه يحتاج إلى تشاور وتنسيق مع القيادة المصرية، وفى اللحظة الراهنة فإنه من المبكر اتخاذ قرار فيما يتعين عمله بعد الذى جرى (كان اللقاء مساء يوم الأربعاء، بعد ساعات من العدوان على غزة).

قلت إذا ظل رد الفعل مقصورا على الشجب والإدانة فإن إسرائيل لن تكترث به.

قال: هذا صحيح. لذلك يتعين التفكير فى إجراء أكثر فاعلية. ومن جانبنا فقد قطعنا العلاقات مع إسرائيل احتجاجا على سياستها وعلى عدوانها على السفينة التركية مرمرة فى المياه الدولية، وقتلها تسعة من ركاب السفينة الإغاثية التى كانت متجهة إلى غزة، ومازلنا نرفض الوساطات التى تدعونا إلى استئناف العلاقات، مادامت إسرائيل لم تستجب لمطالبنا بخصوص الاعتداء على السفينة التركية.

أضاف أن إسرائيل تخسر الكثير بسبب سياسة العدوان والتعالى التى تتبعها. فقد خسرت بلدا صديقا مثل تركيا. والتأييد الدولى لها يتراجع. ثم إنها غير منتبهة إلى إمكانية تعرض اليهود خارجها إلى ردود أفعال سلبية، من جراء استمرارها فى سياساتها الوحشية بحق الفلسطينيين، وهى غير مدركة لحقيقة أن التأييد الأمريكى لها لن يستمر إلى الأبد. وتبريراتها الساذجة والمضحكة لما تمارسه من عدوان وإرهاب لن تنطلى على الضمير الإنسانى طول الوقت. ذلك أن الإنسانية ستضع حدا لذلك يوما ما، كما أن الظلم لا يمكن أن يستمر.

نظر أردوغان إلى مستشاره للشئون العربية سفر توران الذى زوده بآخر أرقام القتلى والجرحى. وعدد الطائرات المغيرة على القطاع (علمت لاحقا أنه ظل يتابع الموقف أثناء عودته بالسيارة إلى بيته بإحدى بنايات أنقرة، وكانت ابنته سمية تتلقى الأخبار وتنقلها إليه أولا بأول). وحين التفت إلىّ قلت إن ثمة قائمة طويلة من الأسئلة الأخرى تتعلق بزيارته لمصر، والملف السورى، والربيع العربى، والأوضاع فى تركيا.

نظر إلىّ بعينيه المجهدتين وهز رأسه موافقا، فعرضت عليه أسئلتى عن مصر.

زيارة للتحالف الاستراتيجى

قلت إنه زار مصر فى شهر سبتمبر من العام الماضى. فما الهدف من الزيارة الثانية؟ وما المتوقع من التعاون بين البلدين؟ وهل يفهم من التقارب التركى المصرى أن هناك اتجاها لإقامة محور سنى فى مواجهة إيران التى تقود ما تصفه الصحف الأمريكية بالمحور الشيعى؟ (الذى يضم إلى جانبها سوريا وحزب الله والعراق). وسألته أيضا عن دعوته إلى العلمانية التى تحدث عنها فى زيارته السابقة لمصر، وأثارت لغطا كبيرا آنذاك؟

فى إجابته قال ما يلى:

● إنه من الناحية الاستراتيجية فإن التعاون بين البلدين الكبيرين (مصر وتركيا) لا غنى عنه للنهوض بالشرق الأوسط واستقراره، وهذا تقدير مستقر لدينا منذ زمن ليس قصيرا. وحين قامت ثورة 25 يناير فإننا وجدنا أن الطريق بات مفتوحا. وأن مصر أصبحت جاهزة للقيام بذلك الدور، وعلينا أن نمد إليها يد العون لكى تتعافى وتستعيد ما فقدته خلال الفترة الماضية، ليس لأجل مصر ولا العالم العربى، ولكن من أجل مستقبل الشرق الأوسط كله. وكان ولايزال قرارنا الاستراتيجى هو ضرورة أن تنجح مصر الثورة. وهو ما سعينا إليه طوال العشرين شهرا الماضية، حيث كنا حاضرين فى ساحتها قدر الإمكان. وعبرنا عن رغبتنا فى توسيع نطاق التعاون معها بغير حدود.


هويدى خلال لقائه رئيس الوزراء التركى


● إن الكلام عن محور سنى ضد الشيعى ليس واردا ولا محل له، علما بأن تركيا ضد أى تحالفات على أسس دينية أو مذهبية أو عرقية. وهى دائما مع التعاون من منظور نهضوى وإنسانى.

● إن هناك من يتصور أو يسعى للربط بين المساعى التركية وبين تركيبة الوضع الداخلى فى مصر، بحيث يحصر تلك الجهود فى قوى بذاتها دون أخرى. وذلك انطباع مغلوط يتعارض مع رؤيتنا الاستراتيجية. فنحن مع مصر الدولة والمجتمع بالدرجة الأولى. ونريد للنجاح الذى نبتغيه أن يكون لصالح البلد كله كما هو لصالح المنطقة بأسرها. ولأننا مع الثورة التى سعت لإقامة النظام الديمقراطى فى مصر، فأيدينا ممددوة لكل من تأتى به الديمقراطية إلى السلطة.

● قال إن الزيارة الأولى لمصر كانت للتهنئة باختيار الرئيس الجديد وإجراء الانتخابات الديمقراطية. أما هذه الزيارة الثانية فالهدف منها هو الانطلاق فى العمل مع النظام الجديد من خلال تفاهم حول شراكة استراتيجية بين البلدين يديرها مجلس وزارى يضم 12 وزيرا من كل بلد تحت قيادة رئيس الوزراء. وهذا المجلس الوزارى يضم الوزراء الذين يمثلون أهم القطاعات التى سيتم التعاون بين البلدين فيها. وهى بالدرجة الأولى قطاعات الاقتصاد والصناعة والسياحة والدفاع. وهذا الموضوع ظل محل تشاور بين البلدين طوال الأشهر الماضية. لذلك فإن المجلس سوف يشكل أثناء الزيارة، وسيعقد أول اجتماع له على الفور، والدراسات والمشاورات السابقة أعدت الاتفاقات التى سيتم توقيعها بين البلدين. وستتحدد فى ضوئها مسئولية كل وزارة، وسيتابع المجلس الوزارى خطوات التنفيذ أولا بأول.

التعاون فى المجالات الاقتصادية والإنتاجية مفهوم. وثمة علاقات إيجابية بين رجال الأعمال المصريين والأتراك. وفيما يتعلق بالسياحة فإن تنشيطا حقق تقدما خلال الأشهر الأخيرة، خصوصا بعدما نظمت الخطوط الجوية التركية رحلات مباشرة مع المدن الساحلية على البحر الأحمر. أما فى مجال الدفاع، فالمفهوم أن ثمة تعاونا عسكريا بين البلدين. لكننا بصدد تنشيط الصناعات العسكرية الدفاعية. إضافة إلى ما هو متوافر فى مصر من تلك الصناعات، فإن لدى تركيا صناعات مماثلة متقدمة، بمقتضاها استطعنا إنتاج وتصنيع العربات المدرعة والطائرات بلا طيار إضافة إلى المروحيات والسفن الحربية. وإذا ما تحقق ذلك التعاون فبوسع البلدين أن يدخلا إلى مجال تصدير السلاح.

سفر توران


● حين ألقيت عليه سؤالى عن العلمانية التى أثارها فى حديثه أثناء زيارته السابقة، قلت إن الرئيس بشار الأسد قال فى حديث أخير له إن سوريا أصبحت الدولة العلمانية الوحيدة فى العالم العربى، الأمر الذى يضعنا أمام نموذجين للعلمانية: واحد استبدادى وقمعى فى سوريا، والثانى ديمقراطى ومتسامح فى تركيا، وهو ما يستدعى التساؤل عن أيهما العلمانية الحقيقية. قلت أيضا إن تركيا ذاتها كانت فى السابق تحكم بنظام علمانى مستبد ونافر من الدين لكن حزب العدالة والتنمية نقله إلى نظام علمانى ديمقراطى متصالح مع الدين، الأمر الذى يستدعى نفس السؤال؟

فى رده قال أردوغان إن العلمانية كما يفهمها حزبنا ترتكز على قاعدتين هما الدميقراطية والحياد إزاء كل الأديان. وأضاف أن هناك تطبيقات مختلفة للعلمانية حتى فى العالم الغربى فهى فى إنجلترا وأمريكا غيرها فى فرنسا وألمانيا خصوصا فى موقفها من الأديان.

استغرقت مناقشة هذه النقطة بعض الوقت وقد وافقنى أردوغان فى نهايته على أن العلمانية ليست شيئا واحدا ولكنها فى النموذج التركى الراهن تنحاز إلى القاعدتين السابقتين، ولا بأس من تسميتها علمانية تركية تمييزا لها عن غيرها.

حدود حلف الناتو مع سوريا

فى إجابته عن أسئلتى حول سوريا ذكر ما يلى:

● إن نظام دمشق لم يستجب إلى النصائح التركية بخصوص الاستجابة لمطالب الشعب، حتى وصل الأمر إلى ما وصل إليه الآن. وبعد تدهور الموقف فإن دمشق ما برحت تتحرش بتركيا عن طريق قصف بعض المناطق القريبة من الحدود، الأمر الذى أوقع قتلى وجرحى بين المواطنين الأكراد. وتحاول تركيا فى الوقت الراهن أن تتعامل مع هذه التحرشات بأقصى درجات ضبط النفس، لكن صبرها له حدود.

● إنه يتمنى ويسعى جاهدا لئلا يصل الأمر إلى حد المواجهة العسكرية مع النظام السورى، ويرجو ألا يحاول النظام هناك أن يختبر القدرة العسكرية التركية. ويذكر قيادته بأن الأمر من هذه الزاوية أخطر وأعقد مما يظنون، لأن حدود تركيا التى يتحرشون بها هى حدود حلف الأطلنطى أيضا.

● إن ما بين الأتراك والسوريين ليس علاقة جوار فقط، لكنه علاقات قرابة ونسب ومصاهرات أيضا. فالأكراد والعلويون والتركمان يعيشون على الجانبين. وللأسف فإن النظام السورى يحاول أن يعبث بهذه العلاقات ويوظفها لصالحه. وقد رصدت الأجهزة الأمنية التركية اتصالات سورية مع عناصر من حزب العمال الكردستانى لمحاولة تصدير التوتر إلى تركيا، ولكن هذه الاتصالات تمت مع عناصر محدودة للغاية وغير مؤثرة، فضلا عن أنها لاتزال تحت السيطرة من قبل تلك الأجهزة.

والجهد الذى بذل مع بعض العناصر الكردية تم أيضا مع عدد من العلويين فى المنطقة الحدودية، لكن ذلك كله ليس له علاقة بالمحيط العام للطائفتين. من ثم فالكلام عن نقل التوتر الطائفى إلى داخل تركيا أبعد ما يكون عن الصحة، وهو من خيالات المروجين له وليس له صلة بالواقع.

● هناك مبالغات كثيرة فى تصوير خرائط المنطقة فى حالة سقوط النظام السورى. ولذلك فمثل تلك الأقاويل ينبغى أن يتم التعامل معها بحذر. ومن وجهة النظر التركية فإنه حتى الحديث عن الانفصال (العلوى أو الكردى) ومن ثم تمزق الدولة السورية مستبعد إلى حد كبير. وفى كل الأحوال فإننا سنترك المستقبل لقرار الشعب السورى، علما بأن تركيا ستحافظ على وحدة التراب السورى. لأن استقرار جيرانها جزء من الدفع عن أمنها القومى.

● صحيح أن الموضوع السورى حمل تركيا بعض الأعباء الاقتصادية فضلا عن الإنسانية إلا أننا فى مساندة انتفاضة الشعب السورى انطلقنا من موقف مبدئى شديد الحرص على احترام إرادة السوريين، وفى هذه الحالة لا بد أن يكون هناك ثمن للالتزام المبدئى والأخلاقى. وكان علينا بدورنا أن ندفع ذلك الثمن الذى تحملناه من جراء نزوح 115 آلاف لاجئ سورى إلى بلادنا. غير أن أكثر من 60 ألفا آخرين انتقلوا للإقامة فى أنحاء تركيا.

●إن الأزمة السورية ألقت بظلالها بدرجات متفاوتة على علاقات تركيا بكل من العراق وإيران وروسيا. لكن التأثير يظل محدودا الأمر الذى سمح لأنقرة بأن تحتفظ بحد من العلاقات الطبية مع موسكو وطهران، وإن ظلت علاقاتها مع حكومة شمال العراق أفضل من علاقاتها بحكومة بغداد.


محمد مرسى


ضد العثمانية الجديدة

فى الرد على أسئلة العالم العربى وربيعه؟ أجاب رئيس الوزراء التركى بما يلى:

● العالم العربى جزء من المحيط الاستراتيجى لتركيا، وسكانه أهلنا الذين تربطنا بهم وشائج قوية وعميقة، لا يمكن أن تنقطع ولا يمكن أن تضعف.

● الربيع العربى يشكل منعطفا مهما فى تاريخ المنطقة، يعيد إليها الحيوية ويفتح أبواب الأمل للنهوض بدولها. ذلك أن إقامة الديمقراطية فى الدول العربية هى بداية الطريق لانطلاقها نحو المستقبل الأفضل.

● أيا كانت العثرات التى تواجه بعض دول الربيع العربى فإنها تظل من قبيل الهزات والتوترات التى تمر بها الأوطان فى فترات الانتقال. ولأن تركيا عاشت زمنا طويلا فى ظل أوضاع قلقة وغير مستقرة، فإننا نعتبر ما يحدث فى العالم العربى أفضل بكثير مما مررنا به فى تركيا. التى انتقلت إلى الحكم الديمقراطى بعد أن دفعت أثمانا باهظة لقاء ذلك. لذلك لا ينبغى أن تكون القلاقل الحاصلة فى بعض الأفكار سببا للقنوط أو اليأس. لأنها أعراض طبيعية تسبق تحقيق الاستقرار المنشود.

● لا أحب مصطلح العثمانية الجديدة، الذى صار من التاريخ المنقضى ويساء فهمه وتأويله ويستخدم استخدامات سلبية تضر بعلاقاتنا مع إخوتنا العرب. فنحن نتعامل مع العالم العربى باعتبارنا أشقاء وأندادا، وليس من منطلق تاريخى بأى معيار. وهدفنا ليس فقط أن نتعاون مع أشقائنا، ولكننا نريد أن نحقق المصالح المتبادلة لشعوبنا جميعها.

● ليس دقيقا القول بأن الربيع العربى أضر بمصالح تركيا وعلاقاتها. وحتى إذا كانت هناك بعض الأضرار الاقتصادية التى حدثت خصوصا بعد الأزمة السورية، فإن ذلك لا يقارن بالمكسب الهائل الذى تحقق بفضل يقظة الشعوب العربية وانحيازها إلى الحرية والديمقراطية.

● للأسف فإن الجامعة العربية لم تستطع أن تقوم بدور فاعل فى حل الأزمة السورية، وهو الحاصل أيضا بالنسبة لمجلس الأمن والمجتمع الدولى، لكننا لانزال نراهن على وعى الشعوب العربية التى تضامنت مع محنة السوريين، كما أن قضيتنا كبيرة فى قوة وصلابة ونضال الشعب السورى.


الجيش خرج من السياسة

تعددت وتشعبت الأسئلة المتعلقة بالوضع التركى. وتراوحت بين ما هو خاص بمستقبله ودوره السياسى، وبين تطورات الأوضاع الداخلية. وفى رده على الأسئلة ذكر ما يلى:

● إنه لم يقرر بالضبط ما الذى سيفعله بعد انتهاء رئاسته الثانية للحزب التى لا تسمح له بالتجديد، الأمر الذى سيضطره إلى عدم الترشح مجددا لرئاسة الحكومة. رغم أن مسألة ترشحه لرئاسة الجمهورية مطروحة بقوة فى الشارع السياسى (البعض يشبه تبادل الأدوار مع الرئيس الحالى عبدالله جول بما حدث فى روسيا حيث تبادل بوتين الدور مع الرئيس السابق ميدفيديف) إلا أنه ذكر فى هذه المسألة نقطتين، الأولى أن ذلك قرار الحزب وليس قراره وحده. الثانية أنه لايزال هناك 20 شهرا متبقية لطرح هذا الموضوع، وليس هناك مبرر للاستباق وإشغال الناس به الآن.

● إنه ليس متفائلا بإمكانية النجاح فى إقرار النظام الرئاسى فى الدستور الجديد، بسبب معارضة الأحزاب الأخرى المشتركة فى لجنة إعداده. ومن جانبه فإنه مقتنع تماما بأهمية تغيير النظام، لأن تركيا عانت كثيرا من جراء التزامها بالنظام البرلمانى، ولذلك فإنه سيبذل غاية جهده، ومعه حزب العدالة والتنمية، للدفاع عن فكرة التحول عنه إما إلى نظام رئاسى وإما نصف رئاسى كما هو الحاصل فى فرنسا. وسيقبل بأى صيغة أخرى مغايرة للنظام البرلمانى.

الأكراد فى تركيا تتحسن أوضاعهم بصورة مطردة، ووضعهم فى الوقت الراهن لا يكاد يقارن به فى الماضى. وقد نجح حزب العدالة والتنمية فى إزالة التشوهات التى لحقت بوضعهم فى ظل الأنظمة السابقة. وأحدث قرار فى ذلك الاتجاه اتخذ فى الأسبوع الماضى، حين وافق البرلمان بالأغلبية على السماح لهم بالشهادة بلغتهم أمام القضاء، الأمر الذى يعزز الاعتراف بخصوصيتهم وهويتهم أمام مؤسسات الدولة.

● لم يعد للجيش أى دور سياسى بخلاف الوضع الذى كان معمولا به فى الماضى. وبعد انصرافه إلى مهامه الوطنية الأصلية وبعدما خرج من السياسة، فإنه أصبح يعيش فى أفضل حالة ديمقراطية مرت بها البلاد.

● موضوع الدولة العميقة التى عانت منها تركيا كثيرا فى الماضى ضعف إلى حد كبير، حتى يمكن القول بأن أصابع الدولة العميقة فى السياسة قد بترت ولم يعد لها وجود يذكر. ورغم أنه يتعذر القول بأنه تم القضاء تماما على تلك الدولة بمعنى شبكة المصالح القوية التى كانت تعمل فى الخفاء خارج الدولة وتؤثر على الحياة العامة والقرار السياسى إلا أنه يمكن القول بأنه إضافة إلى انعدام دورها فى المجال السياسى، فإن وضعها الآن بين أيدى القضاء الذى لم يتوقف عن تتبع آثارها وامتداداتها فى مختلف القطاعات المدنية والعسكرية. من ثم فبوسعنا الآن أن نقول باطمئنان إن تركيا تعيش الآن فى ظل دولة سيادة القانون وليس فى ظل الدولة العميقة.

لاحظت فى نهاية اللقاء أن التعب بلغ بالرجل مبلغه، وأن النعاس بدأ يداعب جفنيه، وكان قد قيل لى أن طبيبه نصحه بالراحة وأن يخفف من الإجهاد الذى يعرض نفسه له، بإصراره على أن يعمل فى مكتبه 12 ساعة يوميا، فخجلت من إلحاحى فى السؤال وشكرته على سعة صدره. وسمعته ونحن متجهون إلى الباب وهو يسأل ابنته سمية ومستشاره سفر توران: ما أخبار غزة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.