أيهما أهم وأبقى لمصر وللرئيس محمد مرسى: سيناء أم بعض القوى السلفية المتطرفة؟!. يفترض أن الإجابة بديهية، لكن وبما أن البديهيات صارت ملتبسة لدى كثيرين، فلا مفر من التذكير مرة أخرى بما هو منطقى.
لم يعد سرا أن ما يحدث فى سيناء دخل فى دائرة الخطر الداهم الذى يهدد صميم الأمن القومى، وبالتالى فكل يوم يمر من دون حل حقيقى للأزمة يعجل بما هو أخطر.
المتمردون أو المسلحون أو الإرهابيون الذين يرفعون السلاح فى وجه الدولة فى سيناء يقولون إنهم من «السلفية الجهادية»، ويدعون أن «الدولة العلمانية» التى يرأسها مرسى تمنعهم من محاربة إسرائيل. وبما أنه ينبغى أن تكون هناك دولة واحدة وسلطة واحدة فالمطلوب من الحركات والمنظمات السلفية وسائر التيارات الإسلامية إعلان موقف واضح مما يحدث فى سيناء .. وعليها أن تجيب على سؤال واضح هو: هل هى مع المسلحين الذين يحاربون الدولة أم ضدهم.
معظمنا كان ضد نظام مبارك فى تهميشه لسيناء، ومعظمنا ينتقد النظام الحالى لانه لايزال يستخدم «كتالوج مبارك» هناك خصوصا فى اقتصار المعالجة تقريبا على الأمن، لكن انتقاد النظام شىء وتأييد من يرفع السلاح فى وجهه شىء آخر.
الذين يحاربون الدولة يرفعون شعارات براقة ولا يدركون للأسف أنهم ينفذون أجندة إسرائيل ويسيئون للشريعة وللإسلام، ويمثلون رأس الحربة الحقيقى ضد مصر الثورة، حتى لو كانت نواياهم طيبة.
لنترك المسلحين المغرر بهم جانبا، ونسأل بعض أهل الحكم الذين لايزالون يمسكون العصا من المنتصف: إلى متى سوف تستمر سياسة الطبطبة على هؤلاء المتطرفين؟!.
مرة أخرى من حق أى شخص أن يعتنق ما يشاء من الأفكار طالما كانت فى إطار حرية الرأى والاعتقاد، لكن إذا تحول الأمر إلى حمل السلاح وجبت مقاتلته.
إدارة الرئيس محمد مرسى ومنذ الحادث الإجرامى الذى أدى لمقتل أكثر من عشرين جنديا أوائل شهر أغسطس الماضى، فعلت المستحيل لعدم الاشتباك مع الإرهابيين أو المسلحين، أرسلت لهم الوفود والمشايخ فى سيارات الرئاسة، وسطت كل الأطراف، لكن النتيجة كانت مقتل الجنود الثلاثة قبل أيام.
أنا مع محاورة أى صاحب فكر طالما أنه يتكلم ويكتب ويعرب عن رأيه، لكن عندما يحمل السلاح، ينتهى الأمر.
المطلوب من جماعة الإخوان المسلمين وحزبها أن تقنع الحركة السلفية وكل الجهاديين الإسلاميين أن ما يحدث فى سيناء لا يهدد الأمن القومى لمصر فقط بل يضرب المشروع الإسلامى الوليد فى مقتل.
ألا يوجد احتمال بأن تفجير الوضع بهذه الطريقة منذ انتخاب محمد مرسى هو محاولة لجره إلى مستنقع يغرق فيه هو وجماعته ومشروعه، وبالتالى فان الذين يقولون إنهم جهاديون هم فى حقيقة الأمر المصيدة التى يحاولون إيقاع مرسى وجماعته فيها؟!
على قادة الحركة الإسلامية بكل أطيافها أن يحددوا موقفهم بوضوح، الوقوف فى المنتصف فى مثل هذه المواقف ممنوع ويعتبر أقرب إلى الخيانة.
لننتقد الحكومة وأجهزتها كيفما نشاء فى عدم تعاملها مع ملف سيناء بصورة شاملة، لكن علينا أن ندين بأشد العبارات الممكنة اولئك الذين يلعبون بالنار ويساهمون فى المحاولات المستميتة لسلخ سيناء عن الوطن.
والسؤال الأخير: لنفترض أن المتطرفين أصروا على موقفهم المناهض للدولة فماذا على الحكومة أن تفعل؟!.
الحل بسيط: ألا تعتمد فقط على أجهزة الأمن، بل تذهب إلى أهل سيناء العاديين، تعتذر لهم وتصالحهم وتشركهم فى كل شىء. علينا أن نتعامل معهم باعتبارهم مواطنين كاملى المواطنة، ننحاز لهمومهم ومشاكلهم. لو أرضينا الناس العاديين فسوف يلفظون المتطرفين فورا حتى لو كانوا أبناءهم.. أما أى أسلوب آخر فهو يعيد إنتاج نفس الدوامة الشريرة.