أتاح مؤتمر «يورومني مصر 2012»، فرصة ثمينة للحكومة المصرية للتحرك بقوة من أجل تبديد مخاوف المستثمرين وبث الطمأنينة في سوق المال التي تهاوت عقب خطاب الرئيس المنتخب محمد مرسي، والذي توعد فيه بملاحقة الشركات المتورطة في قضايا فساد. وبعد يوم واحد من هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية، أكثر من 2%، في رد فعل حاد لخطاب مرسي، وقف رئيس الوزراء هشام قنديل أمام حشد كبير من كبار رجال الأعمال والمستثمرين المصريين والأجانب، ليعلن أن الحكومة عازمة على احترام العقود، وأنها لن تطبق أي قرارات بأثر رجعي على التعاقدات".
وقال قنديل، يوم أمس الثلاثاء، في افتتاح مؤتمر يورومني، الذي يستمر يومين: "أود أن أشدد على أن الحكومة تحترم بالكامل العقود القائمة، وتلتزم بالقوانين المطبقة في ذلك الوقت، وأي أجراء تأخذه الحكومة لن يطبق بأثر رجعي على العقود السابقة".
ودون إشارة من قريب أو بعيد إلى تصريحات الرئيس، عزا قنديل خسائر البورصة في جلسة الاثنين إلى واحدة من تلك الشائعات التي لا أساس لها.
كان الرئيس مرسي قال في خطاب أمام آلاف المشاهدين في ستاد القاهرة بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر: إن بعض عقود الاستثمار في العهد السابق شهدت مخالفات، وأن الحكومة عازمة على "وقف الفساد".
وأشار مرسي في كلمته إلى خمس مخالفات في صفقات أراض وتهرب ضريبي، لكنه لم يذكر اسم الشركات المعنية، مما أثار مخاوف المستثمرين، وتسبب في تهاوي أسهم قيادية في السوق بنسب تصل إلى 10%.
كما سارع وزير الاستثمار، أسامة صالح، لطمأنة السوق، مؤكدا أن "الحكومة تسعى للتوصل لتسويات عادلة مع المقاولين وشركات التطوير العقاري، وأن إعادة تقييم العقود لا يقصد بها إلحاق الضرر بأي من تلك الشركات".
وفي مقابلة مع رويترز على هامش المؤتمر، أكد صالح أن "الحكومة لا تعتزم فرض أي ضرائب أو غرامات على الشركات بأثر رجعي، وقال: إن "الحكومة على استعداد للتحاور والاستماع إلى الشركات والمقاولين وأنها فتحت مبدأ المصالحة للتوصل لتسويات مرضية للجميع".
وقال الوزير: "نحن عادلون مع العقود العادلة، وكذلك نحن عادلون مع العقود غير العادلة من خلال إعادة تقييمها وإعادة توازنها، إعادة التقييم ليس القصد منها إيذاء المقاول".
وسرعان ما انضم وزير المالية، ممتاز السعيد، إلى حملة الإنقاذ، مؤكدا أن "مد جسور الثقة مع المستثمرين هو أول ما يشغلنا في الحكومة الجديدة، ونحن نتعامل بعقلية مفتوحة للغاية".
وفي كلمة حفلت بأرقام عن الميزانية والاستثمارات المستهدفة والمشروعات قيد التخطيط، قال الوزير: "ليس من الشطارة أن نقف عقبة في سبيل الاستثمار، فنحن نعمل على تسهيل عقبات البيروقراطية ولا نحارب أحدا في رزقه".
وشدد السعيد على أن "الاستثمار هو الوسيلة الوحيدة لعودة الاستقرار لمصر وخفض معدلات البطالة التي وصلت إلى 12.6%.
وبدا أن مساعي رئيس الوزراء وفريقه أتت ثمارها سريعا، ونجحت في تهدئة روع المستثمرين، إذ تماسكت البورصة وتمكنت من الإغلاق يوم الثلاثاء على هبوط طفيف، بعد الخسائر الحادة للجلسة السابقة.
وقال محمد قطب، مدير إدارة الأصول في نعيم للاستثمار المالي: "تم نفي الشائعات التي دفعت السوق للهبوط، وكانت الرسالة إيجابية جدا للمستثمرين، بأن مصر تمضي قدما في تقوية مناخ الاستثمار".
وساهم في دعم معنويات السوق، تأكيد قنديل على أن "مصر ستدعو صندوق النقد الدولي لزيارة البلاد لإجراء محادثات بشأن قرض في نهاية أكتوبر، وأنه يأمل في التوصل لاتفاق بحلول ذلك الوقت".
وبدأت مصر بالفعل محادثات مع صندوق النقد بشأن قرض بقيمة 4.8 مليار دولار، لكنها أشارت إلى أنها "قد تطلب قيمة أعلى وهي في حاجة ماسة إلى مساعدة مالية لدعم خزانتها التي أضعفتها الاضطرابات الاقتصادية منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك من الحكم العام الماضي.
وأبلغ قنديل مجتمع الأعمال أن "الحكومة تأمل في تحقيق معدل نمو يبلغ 4% في السنة المالية 2012-2013 بالمقارنة مع توقعات سابقة بين 4 و4.5%، وكما تستهدف الخطة الخمسية الوصول بمعدل النمو إلى 7.5%".
وبنبرة مفعمة بالحماس والتفاؤل، قال رئيس الوزراء: "سنعمل كل ما يلزم لتحقيق أهدافنا ولضبط عجز الموازنة، وخلق فرص عمل جديدة وتحسين مستويات معيشة ورفاهة المصريين".
وعلق محمد رضوان، من فاروس للأوراق المالية: "بثت التصريحات مزيدا من الارتياح، وأرسلت بعض الإشارات الإيجابية للمستثمرين، وأعتقد أنهم نجحوا".